تحتفل بلادنا اليوم كسائر بلدان العالم باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة فيما تعلو أصوات البعض لتبرر العنف ضد المرأة باسم الدين وبأن الله دعا في سورة النساء إلى ضربها في حالة النشوز. وأشارت وزيرة المرأة سهام بادي في الندوة الصحفية التي عقدتها أول أمس بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف المسلط ضد المرأة إلى تنامي الظاهرة في تونس بعد الثورة .
«الشروق» أرادت توضيح هذه المسألة والقطع مع هذا الجدل الذي لم يقع تناوله في فضاءات عامة ولكنه مطروح بشدة في النقاشات الضيقة بين من يحملون إيديولوجيات مختلفة وبين الزوج الذي يعنف زوجته ويجد لها عذرا باسم الدين . وهذا يحيلنا إلى التفكير في الأسباب والمبررات بما فيها تبرر الخلفية الدينية التي يتبناها البعض لتبرير العنف.
سوء فهم للشرع
وكانت البداية بالحديث إلى الشيخ أحمد الغربي الذي اعتبر أن تفسير الآية لم يرد في سياقه التاريخي السليم وأنه تم التعسف على الدين والمغالطة في فهم تعاليمه وذكرأن الشريعة تضبط كيفية التعامل بين الذكر والأنثى على أساس المحبة والمودة: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة».
وفسر أن المرأة هي سكن لزوجها وهي سكن له فكيف تكون العلاقة إذا مبنية عن الضرب المبرح والشتم واللعن؟ وأضاف أن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أوصى بالنساء خيرا كما كان يعامل زوجاته معاملة حسنة ولم يقم يوما بتعنيف إحداهن لا معنويا ولا ماديا. وصرح بأن الدين ليس مبررا شرعيا لتعنيف الزوجة والذين يريدون أن يتعللوا بما نزل في القرآن أقول أنهم لم يفهموا الدين ومقاصد الشرع.
لا مبرر للعنف
أحلام بالحاج رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات قالت: «لا شيء يبرر العنف ضد المرأة والدين بريء من تفسيرهم له وبالتالي نحن نرفض منحى الدعوة إلى تعنيف النساء تحت أي مسمى».
وأضافت أنه للأسف لا حظنا تزايد العنف المسلط ضد المرأة بعد الثورة وتعنيف النساء في الشارع والفضاءات الخاصة لإجبارهن على ارتداء ملابس معينة والمس من كرامتهن وحرمتهن.
وأشارت إلى أن العنف هو ظاهرة عالمية وأسبابها كثيرة ولا تقتصر على الدين فحسب وبالتالي فهي مرتبطة بالنسبة لي بالتمييز ضد المرأة. وقال القيادي بحركة النهضة عبدالحميد الجلاصي: «نحن ننظر للأصل والله سبحانه وتعالى قال: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها». وأوضح ان الأساس في العلاقة هي المكالمة والسكن والمودة والرحمة والقرآن الكريم تحدث عن التكريم وعن الزواج باعتباره عهد موثق. وأضاف أن الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث عن النساء شقائق الرجال وفي خطبة حجة الوداع أوصى بالنساء لأن المجتمع حينها كان يهين المرأة ويذلها فكانت من آخر الوصايا».
واستشهد بقول شريف آخر: «وما أكرمهن إلا كريم» وعن الآية المذكورة في سورة النساء قال: «هذه الآية تم ذكرها في سياق النشوز وهي حالات استثنائية جدا كما نهى فيها عن الضرب المبرح». وأشار إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعنف امرأة في حياته ورأى أن أساس التعامل بين الأزواج في الإسلام هو المحبة والمودة. واعتبر أن التستر باسم الدين لاضطهاد المرأة إنما هو من مواريث عصور الإنحطاط والثقافة القبلية المنحطة وبالتالي لا يمكن قبوله من زاوية إسلامية. وختم بأن العائلات النهضوية من أكثر العائلات استقرارا نظرا لاحترام آداب المعاشرة.
مدنية الدولة
حزب المؤتمر من أجل الجمهورية حسم في مسألة استعمال ضد النساء باسم الدين باعتبار أن تونس هي دولة مدنية وقوانينها مكتوبة وماهو منصوص عليه في مجلة الأحوال الشخصية هو مقياس التعامل بين المرأة والرجل. ومن الأمثلة اعتماد مجلة الأحوال الشخصية في الحديث عن تعدد الزوجات ولا يتم اعتماد مراجع دينية.