أرواح تائهة وأجساد متعانقة وحركات متجانسة.. تلتقي الأفكار حين يكتمل المشهد الكوريغرافي بإمضاء مروان الروين، ليلة السبت الماضي كان العرض الثالث والأخير من «خريف الرقص» على خشبة قاعة الفن الرابع بالعاصمة. هذه التظاهرة الثقافة التي نظمت سنة 2009 بمدينة الكاف هي فكرة للكوريغرافي عماد جمعة. وتعود هذه الايام في دورة ثانية رغم الامكانيات المحدودة وضعف دعم وزارة الثقافة.
قطاع مهمش
سهرة الاختتام افتتحها الكوريغرافي مروان الروين بعرض جسّده مجموعة من الراقصين الشبان. وقد أراد صاحب العرض من خلال هذه التعبيرات الجسمانية ان يبرز مشاكل قطاع الرقص المعاصر في تونس وتهميشه من طرف المسؤولين الوزاريين بالرغم من وجود طاقات شبابية قادرة على انتاج ابداعات بإمكانها بلوغ العالمية.
محاولات من أجل النهوض بالقطاع
على خشبة مسرح قاعة الفن الرابع تمخضت الفكرة عن صاحبها لتنجب لوحة فنية راقية جسّدتها مجموعة من الشباب أرادوا من خلالها ان يعبّرو عن واقع معين يعيشه فن الرقصة المعاصر في تونس، محاولات واجتهادات باءت بالفشل صراعات ومساع من اجل النهوض بالقطاع تعترضها العراقيل في بداية الطريق، انكسارات وعود على بدء ومواجهات مع أصحاب القرارات... وتبقى المجهودات متظافرة والمساعي متواصلة رغم فشل المحاولات سيدافعون عن فنهم وسيحاولون مرارا وتكرارا حتى يصبح فن الرقص المعاصر معترفا به في تونس.. هذه المعاني وصلت الى الجمهور عبر حركات الاجساد ونظرات العيون.
... وحضرت الثورة
الوصلة الثانية من عرض الاختتام كانت بإمضاء الكوريغرافي عماد جمعة عنوانها «النهار اح» وجسّد ها كل من مروان الروين ووجدي خانقي وكريم تويمة. الفكرة مصدرها الثورة وخطاب بن علي الاخير الذي توجه به الى الشعب التونسي ليلة 13 جانفي 2010 وقد جاءت اللوحة الراقصة مشفوعة بهذا الخطاب فعبّرت أجسادهم عن عدم اكتراث الشعب بما جاء على لسان الرئيس السابق بطريقة فنية جمالية راقية.
عماد جمعة أراد ايضا ان يبرز دور الاعلام في تلك الفترة وعلاقته بالرأي العام التونسي به، اللوحة جسدت ايضا يوم 14 جانفي في شارع الحبيب بورقيبة.. مشاهد استطاع أصحابها ان يلخصوها عبر الاجساد المتعانقة والأفكار المتجانسة التي قد تبدو للبعض صعبة الفهم في كثير من الأحيان. هذه التعبيرات الجسمانية وهذه اللوحات الكوروغرافية والتي تتمثل في الرقص المعاصر.
وقد لا يفهم الانسان العادي مقاصدها التي تبدو غامضة في الغالب لذلك بقي جمهور الفن المعاصر في تونس محدودا وبقي هذا القطاع مهمشا وغير معترف به لكن إن تمعّنا جيدا في هذا النوع من الفنون لتأكدنا انه أشد وقعا من كل الفنون. وبالرغم من ان الدخول لمشاهدة العروض كان مجانا الا ان الجمهور لم يحضر بأعداد غفيرة.