تفاقمت منذ ثورة 14 جانفي التجاوزات المخلة بسلامة البيئة والمحيط بولاية أريانة عامة وبالأحياء التي تشهد حركة بناء وتشييد متواصلة بصفة خاصة . وما يلفت الانتباه هو أن هذه التجاوزات لم تعد تقتصر على إلقاء النفايات المنزلية حيثما اتفق ولا حتى على إلقاء المواد والمعلبات البلاستيكية المضرة في المساحات البيضاء وغير المسيجة والفضاءات الخضراء بل تعدت ذلك إلى التخلص من فواضل البناء عن طريق الإلقاء بها في زوايا الانهج وفي الأراضي غير المحروسة وفي الساحات وحتى في ملك الدولة الغابي.
فهناك شاحنات تحمل فواضل البناء من مواقع الحضائر بدعوى انها ستنقلها إلى أماكن بعيدة وتلقيها هناك «فتريح» منها أصحاب تلك الحضائر وتخلص منها الأحياء التي يسكنونها باعتبار أن بقاءها متراكمة حيث هي يشوه وجوه تلك الأحياء ولكنها تتحين (أي الشاحنات) غفلة سكان الأحياء المجاورة لتلقي بها على مقربة من بيوتهم أو في الساحات المجودة في أحيائهم و«تهرب» على وجه السرعة.
والغريب ان أصحاب هذه الشاحنات يحصلون من أصحاب حضائر البناء علي مبالغ مالية تتراوح بين 20 و25 دينارا مقابل نقل الفواضل إلى أماكن بعيدة لكنهم يراوغون الجميع ويلقون بها أينما عن لهم دون رادع من ضمير.
وهذا الصنيع الذي ينم عن استخفاف واستهتار بقواعد حفظ سلامة البيئة والمحيط لم يقتصر على حي واحد بل شمل جل أحياء أريانة وبدرجة أولى الأحياء التي تتواصل فيها حركة البناء وقد تضرر من ذلك العديد من المواطنين الذي فوجئ بعضهم ذات يوم قريب بكميات من فواضل البناء ملقاة وسط الطريق التي اعتادوا أن يمروا منها فاضطروا لإزالة تلك الكميات حتى لا تنقطع بهم السبل نتيجة تهور أصحاب الشاحنات المخالفة.
ومثل هذا حدث وتكرر في أكثر من حي ومازال يحدث ويتكرر بل إن المستهترين العابثين انتهكوا حتى المساحات الغابية التابعة للدولة فتسللوا إليها خفية والقوا فيها الفواضل ولاذوا بالفرار.
وقد اثار هذا الصنيع الكثير من ردود الفعل الشاجبة والمستنكرة دون أن يجرؤ أي طرف رسمي أو غير رسمي على التصدي الفعلي لهذه التجاوزات والممارسات المخلة بالعمران والمضرة بالبيئة .
والمطلوب اليوم أن يتحمل كل طرف مسؤوليته وألا يقف حيال هذه « الظاهرة « الآخذة في الانتشار والتنامي من يوم لآخر موقفا سلبيا وإلا فان «الحبل» سيتواصل على « الغارب» وسيأتي اليوم الذي تكتسح فه فواضل البناء كل المساحات الخضراء وكل الأراضي البيضاء وربما اكتسحت كذلك المقابر وملاعب الأحياء وما ذلك بمستبعد في ظل التهافت المتواصل على بناء قبور الحياة ولا هو بعسير على المستخفين المستهترين بحقوق غيرهم في بيئة سليمة ومحيط نظيف.