«هذه هي مسيرة 12 جانفي التي أربكت المخلوع».. هكذا قال الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس محمد شعبان أمام عدد كبير من المحتشدين قدره شعبان ب 70 ألفا.. وحتى نتجنب التقديرات نكتفي بالقول إن آخر المسيرة لا يمكن رؤيته لمن كان في مقدمتها.. مسيرة يوم أمس الخميس بصفاقس التي وصفت بالتاريخية والقياسية، جاءت في اطار الاضراب الجهوي العام الذي دعت اليه الهيئة الادارية للاتحاد الجهوي للشغل والذي استعدت له فبدا وجه المدينة صباحا يوحي باضراب ضخم..
شوراع المدينة بدت خالية من وسائل النقل على غير عادتها، والادارات والمرافق العمومية أغلقت أبوابها بشكل يكاد يكون تاما، باستثناء بعض المحلات التجارية والدكاكين والمقاهي التي فتحت أبوابها لقضاء شؤون المواطنين.. كما فتحت بعض الفضاءات الخدماتية والحيوية أبوابها على «استحياء شديد»، وهو شأن عدد من الفضاءات التعليمية التي استقبلت التلاميذ بتفاوت واضح ودون اكراه على الاضراب أو أية صدامات..
هكذا بدا المشهد العام يوم أمس صباحا في أجواء مناخية ربيعية.. أمام مقر اتحاد الشغل الذي تزين باللافتات الضخمة، تقاطر المحتشدون فرادى وجماعات من كل جانب الى أن «اكتمل النصاب» وغصّ الشارع المتاخم للمنظمة الشغيلة كما غصت الأنهج القريبة منه بالنقابيين والشغالين والموظفين والحقوقيين والمواطنين وممثلي بعض الأحزاب الوطنية ومكونات المجتمع المدني..
العدد الكبير للمحتشدين أمام مقر الاتحاد والرافعين للعديد من الشعارات وعلم الوطن ورايات الاتحاد وصور الشهيد فرحات حشاد، أعناقهم كانت مشرئبة الى شرفة الاتحاد في انتظار اشارة الانطلاق في المسيرة..
الاشارة سبقتها كلمة للكاتب العام الجهوي للشغل محمد شعبان عبر فيها عن اعتزاز المنظمة الشغيلة بالتفاف مناضليها حولها والتزامهم بمبادئها في ذكرى عزيزة على كل التونسيين هي ذكرى اغتيال الزعيم النقابي الشهيد فرحات حشاد مضيفا ان هذا الاضراب الجهوي استجابت له فئات واسعة من المواطنين والقطاعات الا فئة قليلة وصفها بالضالة .
وأبرز محمد شعبان ان الهيئة الادارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل قررت الاضطراب العام يوم 13 ديسمبر القادم كرد سريع ومنطقي على تصريحات احد المسؤولين في ندوة صحفية دعا خلالها الى اخلاء مقرات المنظمات والهياكل المدنية ومنها الاتحاد من وسائل العنف .
وبين شعبان ان الاتحاد ورغم شرعية الاضرابات فانه لا يفرضها مشددا على ضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة بالتمسك بالسلمية وتجنب العنف مؤكدا ان المنظمة الشغيلة ليس لها أي موقف عدائي من السلطة وتدعوها الى الرجوع الى الجادة، مبرزا ان المنظمة ستعمل على مقاومة كل خطاب يدعو الى الفتنة تماشيا مع انتظارات الشعب التونسي . مسيرة صفاقس انطلقت في حدود الساعة العاشرة والربع صباحا وقد التزم المحتشدون بضوابط التنظيم المحكم والسلمي في غياب شبه كلي للأمن، ورفع المتظاهرون العديد من الشعارات على غرار «بالروح والدم نفديك يا تحاد» أوعاش عاش الاتحاد أقوى قوة في البلاد «أواستقالة استقالة يا حكومة العمالة» أو«فرنسا اغتالت حشاد وانت تتحالفون معها».
المسيرة التي شارك فيها عشرات الآلاف، اتجهت الى شارع حفوز ثم شارع 18 جانفي وشارع الحرية لتتوقف أمام مقر الولاية التي كانت قوات الجيش الوطني تحرسها، ونادى المحتشدون برحيل الوالي.
بعدها اتجهت المسيرة الى شارع مجيدة بوليلة وباب الجبلي وشارع الجيش وتوقفت أمام محكمة الاستئناف لينادى المحتشدون باستقلالية القضاء، ثم عادت من جديد الى مقر الاتحاد أين صعد شعبان شرفة الاتحاد مجددا ليشكر كل المشاركين في الاضراب ويقدر عدد الحضور ب 70 ألفا داعيا الجميع الى المشاركة بهذا الحجم في الاضراب العام المبرمج ليوم 13 ديسمبر الجاري .
بقي أن نشير الى أن الاضراب الجهوي بصفاقس عرف يوم أمس نسب انخراط متفاوتة من قطاع الى اخر ومن مؤسسة الى أخرى ومن منطقة الى أخرى دون تسجيل صدامات أو اكراهات على الاضراب مما حافظ على سلمية هذا التحرك وهذه المسيرة التي ذكرت العديد من الأهالي بمسيرة 12 جانفي 2011 مع الفارق في الزمان والظروف العامة التي تعيشها البلاد بعد ثورة 14 جانفي.. .