نظّم مركز أعمال باجة بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الفني مائدة مستديرة حول الاقتصاد الأخضر بمشاركة مكثّفة لعدد من الخبراء والجمعيات الذين ناقشوا أهميّة المشاريع البيئيّة وكيفيّة تمويلها من أجل المحافظة على بيئة سليمة. وتحدّث عنها السيّد محمّد إقبال البلطي مدير مركز أعمال باجة عن المؤسسة الخضراء مشيرا الى انها تجمع بين عدّة خدمات في الآن نفسه منها خلق مواطن شغل وتوفير رصيد بيئي لدى الباعثين والعملة, وأضاف أنّ إعلان الأرض العالمي كان منطلقا لهذا المفهوم باعتبار مساندته لتركيز المؤسّسات الديمقراطية وتثبيت أسس ثقافة السلم وقد تمّ تصنيف تونس في المرتبة الأولى إفريقيا وعربيا في مجال العناية بالبيئة وهو ما يستدعي استثمار هذا المعطى من أجل الاستفادة من التشريعات القانونية والامتيازات المادية باتجاه دفع عجلة الاستثمار في مشاريع ذات علاقة بالمحافظة على المحيط وصحّة الإنسان.
هاجس التّشغيل يعيق إحداث المشاريع البيئيّة..
تناولت مداخلات الخبراء والمنظّمات والجمعيات الحاضرة مواضيع تعلّقت بالأساس بضعف الاستثمار والتمويلات في المشاريع البيئيّة وتراجع الوعي بخطورة المحافظة على المحيط قبل التفكير السّريع في تنصيب المؤسّسات وخلق مواطن الشغل.
وقد عبّر السيد سامي الفطناسي رئيس الاتّحاد الجهوي للصناعة والتجارة بباجة عن ثقته بالاقتصاد الأخضر الّذي بدأت نتائجه الإيجابية تبرز للعيان في عدّة دول عالمية في ما يتعلّق بتراجع نسب التلوّث البيئي الناجم عن المخلّفات الصناعية رغم أنّ تكاليف هذه المشاريع البيئية تعادل إنجاز مشروعين وأضاف أنّ ولاية باجة وبفضل ما يتيحه ثراء بيئتها من إمكانيات قادرة على جلب المستثمرين في هذا المجال وخلق الكثير من مواطن الشغل .
كما أشار السيد عبد العزيز البكاري رئيس جمعية المحافظة على البيئة إلى أنّ الصّناعة وإن وفّقت في رفاهية الإنسان وساهمت في تطوّر المجتمعات فإنّ الثّروات الطّبيعيّة أصبحت اليوم في خطر كبير وبلادنا ليست بمأمن عنها خاصّة بعد الثورة وما رافقها من انفلات أمني نتج عنه اعتداءات جسيمة وهو ما يتطلّب إصدار تشريعات صارمة لحماية البيئة رغم بعض البوادر الإيجابيّة الّتي بدأت تظهر من خلال تحوّل بعض المؤسّسات الصناعية إلى بيئيّة.
أمّا السيّدة ماجدة السّديري وهي صاحبة مكتب دراسات بيئيّة فقد أشارت إلى ضرورة تخصّص المقاسم الصناعيّة تبعا لنوع نشاطها وتهيئتها حتّى لا تتداخل الأنشطة فيما بينها مستشهدة بمثال وجود مصنع لللأدوية محاذ لمصنع لتحويل الحجارة إلى رخام.
وقدم السيّد عماد المحمودي المدير الجهوي لبنك تمويل المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة معطيات حول تمويل البنك للمشاريع البيئيّة حيث مدّد فترة تسديد القرض من 5 إلى 10 سنوات مع إقرار نسبة فائدة ضعيفة وتمكّن في غضون 7 سنوات منذ إحداثه من تمويل ما قيمته 18 مليون دينار لهذا النوع من القروض غير انه أكّد أنّ هذا الرقم ضعيف لكنّه يسير نحو التحسّن بدليل أنّ هنالك تمويل ل 6 مشاريع بيئيّة بالولاية بقيمة 6 مليون دينار خلال هذه السنة وقد دخلت طور الإنجاز وأضاف أنّ تكلفة خلق موطن شغل واحد في هذا المجال يكلّف البنك حوالي 10 آلاف دينار وهو مبلغ مرتفع جدّا وهو ما يعني أنّ هذه المشاريع ليست لها طاقة تشغيليّة مرتفعة والبنك لا يمكن له قانونيّا تمويل مشاريع تشغّل أقلّ من 10 عمّال لذا فلا بدّ من إيجاد معادلة داخل الاقتصاد التّونسي بين طلبات الشغل الكبيرة ونوعية المشاريع إلاّ أنّ ذلك لم يمنع من وجود مشاريع بيئيّة ناجحة بالولاية من ذلك مؤسّسة متخصّصة في اللّوحات الشمسية استطاعت توسيع نشاطها نحو مناطق صناعية أخرى .
وختمت هذه المائدة باستعراض لفكرة مشروع في الاقتصاد الأخضر من قبل مستثمر جديد وهو السيد كريم المدوري ويعنى بصناعة الأكياس البلاستيكيّة الصحية حيث قال إنّ دولا مغاربية وحتّى من الشرق الأوسط قد حقّقت أشواطا كبيرة في هذا النّوع من المشاريع بعد أن سنّت تشريعات وقوانين صارمة ضدّ إلقاء الأكياس البلاستيكيّة وأضاف أنّ هنالك قطيعة مع مراكز البحث من قبل المستثمرين متسائلا عن أسباب ذلك...
وقد ختمت الجلسة بالتأكيد على ضرورة ضبط استراتيجيّة واضحة المعالم لتحديد نوعيّة المشاريع والمناطق الصناعية الّتي تتوفّر بها مواصفات بيئيّة والتأكيد على تفعيل التشريعات وتشجيع الاستثمار في هذا المجال اعتبارا لتسارع نسق إنجازه على المستوى الدولي رغم تكاليفه المرتفعة.