دعت حركة الشعب أمس الى تنظيم ندوة سياسية تحضرها كل القوى السياسية للحوار الوطني حول مضامين وأهداف الثورة ولمحاولة إيجاد مخارج للأزمة الحالية التي تمرّ بها البلاد. فقد نظمت الحركة صباح امس باحد نزل العاصمة ندوة صحفية حضرها السيد محمد ابراهمي الأمين العام للحركة وزهير المغزاوي وجمال بالحاج عضوا المكتب السياسي تمحورت حول الاوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد والمبادرة التي تطرحها حركة الشعب للخروج من الازمة كما قال محمد ابراهمي .
ظرف بالغ الدقة
في بداية الندوة عرج الامين العام لحركة الشعب الى الظرف العام بالغ الدقة الذي تعيشه الثورة التونسية وخاصة الاستقطاب الثنائي الذي ادى الى تفاقم اسباب العنف قائلا: «تشهد تونس لاول مرة ازمة حادة بهذا الشكل ساهمت فيها روابط حماية الثورة التي ليس لها اي علاقة بالثورة من خلال تجاسرها على الاتحاد العام التونسي للشغل في ذكرى عزيزة على كل التونسيين وهي ذكرى اغتيال الزعيم فرحات حشاد». الابراهمي استغرب تبرير البعض للاعتداء على مقر الاتحاد ومناضليه واحتضان جماعات تتبنى العنف في ظرف يتميز بتدهور المقدرة الشرائية للمواطن وتراجع مؤشرات الاقتصاد بشكل كبير وتراجع الاستثمار ونوايا الاستثمار مما أدى الى تزايد حالة الاحتقان .كما اضاف « حركة الشعب تعتبر ان الازمات الكبرى تحتاج الى وفاق وطني حول القضايا الكبرى بين من يريدون تحقيق اهداف الثورة وتاكدت صحة هذا الموقف في عديد المحطات خاصة ان تونس مقبلة على وضع خطير».
ندوة سياسية
زهير المغزاوي عضو المكتب السياسي لحركة الشعب تولى الحديث عن تفصيل المبادرة قائلا « المسار الثوري الذي عرفته تونس منذ ثورة 17 ديسمبر يمر بازمة كبيرة من مظاهرها احداث سليانة نتيجة غياب التنمية على عكس الارقام التي تقدمها الحكومة وعكس اتهامات حركة النهضة بوجود اطراف تحرك هذه الاحداث في حين ان هذه التحركات هي تحركات سلمية تدخل في نطاق تحقيق اهداف الثورة». المغزاوي اعتبر الاتهامات هروبا الى الامام وفشلا تاما في تحقيق انتظارات الشعب من الثورة مما ادى الى 24 اضرابا جهويا الى حد الآن. كما اعتبر أن احداث 4 ديسمبر امام مقر الاتحاد تقف وراءها روابط حماية الثورة من خلال رغبة حركة النهضة في تحديد مربع تحرك كل طرف معارض لها بدءا بالاتحاد ووصولا الى الاحزاب السياسية في اعادة حسب رايه لنفس المشهد القديم من خلال تعيين 500 موظف سام منهم 80 في المائة من المنتمين للنهضة واستئثار الحركة بملف التفاوض مع الاتحاد الاوروبي مما ادى الى الفشل في تحقيق التنمية والامن. كما اشار المغزاوي الى الترابط الكبير بين الشرعية الانتخابية والشرعية التوافقية واعتبر كل محاولات الفصل بينهما تؤدي الى العنف كما حدث يوم 9 أفريل الماضي واتهم النهضة بطرحها للتوافق حولها لا حول مضامين جاءت بها الثورة.
اما المبادرة التي تطرحها الحركة فقال عنها «ندعو الى ندوة سياسية بين مختلف مكونات المشهد السياسي الذي جاءت به الثورة حول المحاور الكبرى تنتهي بميثاق مكمل للدستور على أسس وثوابت الثورة حتى لا يتم التراجع عنه بدعوى الشرعية الانتخابية ويتعلق الحوار بالاتزام بمدنية وديمقراطية الدولة ووضع منوال تنموي يضمن التوزيع العادل للثروة وأسس العدالة الانتقالية وخاصة ضبط مقدمات العملية الانتخابية للحيلولة دون المال السياسي الفاسد والانحياز الاعلامي والعنف والميليشيات .
وستعمل الحركة في القريب على دعوة الأطراف الراغبة في الحوار والملتزمة بمبادئ وأهداف الثورة للمشاركة في الندوة على امل ان تلقى الصدى الطيب لدى مختلف هذه الاطراف حسب السيد محمد الابراهمي.
أسئلة «الشروق» : ما معنى دعوة مكونات المشهد السياسي الذي جاءت به الثورة وهل يعني ذلك اقصاء بعض الأطراف؟
زهير المغزاوي: موقف الحركة واضح وهي لا تتعامل مع ازلام النظام السابق ومع الأحزاب التجمعية والمبادرة سنوجهها للاطراف التي تاذت من نظام 7 نوفمبر على غرار الحزب الجمهوري والمسار والنهضة ... ونحن نعول على حكمة هذه الاطراف حتى نفوت الفرصة على اعداء الثورة وسنبذل كل مجهوداتنا حتى لا تتفاقم الازمة.
ما موقفكم مما يقال ان اطرافا حزبية تسيطر على الاتحاد ومواقفه ؟
محمد الابراهمي: الاتحاد العام التونسي للشغل هو مكسب لكل القوى السياسية وكان ملاذا لها في سنوات الجمر والآن لا يمكن الحديث عن طرف سياسي يوجه الاتحاد والدليل التوافق الذي ميز علاقة الاتحاد بالحكومة ساعات قليلة قبل الاعتداء كما ان كل القوى السياسية تواجدت وستتواجد داخل الاتحاد لكن النهضة هي التي تعمل على توتير العلاقة اضافة الى ان بورقيبة وبن علي كان لهما نفس الموقف من الاتحاد واتهموه بالعمل الحزبي لكنه يحتضنهم كمناضلين لا احزاب .
ما هو موقف حركة الشعب من مشروع تحصين الثورة ؟
زهير المغزاوي «الثورة استهدفت التجمع الدستوري الديمقراطي بدرجة اولى بما انه اجرم في حق شعبنا لكن هذا الحزب يضم حوالي مليوني منخرط ولا بد من التفريق بين القيادات الكبرى ومن فرض عليهم الانخراط غير ان المشروع المقدم لنا حوله بعض الملاحظات مثل تحديده للفترة من افريل 1989 اي بعد مشاركة النهضة في انتخابات 89 وامضائها على الميثاق الوطني و استثناء رؤساء الشعب ونواب مجلس المستشارين وتغاضيه عن فترة النظام البورقيبي . ومع ذلك نحن نعتبر ان تحصين اهداف الثورة لا يتم بالقانون فقط بل بتحقيق اهدافها والتعامل المبدئي بعيدا عن الغايات الانتخابية».
أكثر من سؤال وجه للامين العام لحركة الشعب حول توجيه الدعوة لحركة نداء تونس لكنه تعمد الغموض في اجاباته وأكد ان الدعوة ستوجه للمتأذين من النظام السابق والمنتصرين لاهداف الثورة لكن بيقى الاستثناء لمن يقدم نقده الذاتي ويعترف بما اقترفه من جرائم واعتداءات في الحقبة الماضية.