يبدو أن الإعلان الدستوري الثاني الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي زاد من حالة الاحتقان السياسي والاستقطاب الشعبي في مصر بعد أن رفضته القوى السياسية المعارضة داعية إلى إضراب عام في البلاد. وألغى محمد مرسي الإعلان الدستوري الذي أصدره في نوفمبر الماضي ومنحه صلاحيات استثنائية ما تسّبب في أزمة سياسية حادة. وأصدر إعلاناً جديداً لكنه أبقى الاستفتاء على مشروع دستور مثير للجدل في موعده السبت القادم.
ودخل الجيش المصري -عبر بيان أصدره للمرة الاولى - على خط النزاع القائم بين الرئيس المصري ومعارضيه داعيا جميع الأطراف إلى اعتماد الحوار لحلّ الأزمة محذّراً من أنه «لن يسمح» بان تدخل البلاد «نفقاً مظلماً نتائجه كارثية». وأعلن السياسي الاسلامي سليم العوّا مستشار الرئيس مرسي وأحد المشاركين في جلسة حوار عقدها الرئيس مرسي مع قوى وشخصيات سياسية أنه تمّ الاتفاق على الإبقاء على موعد 15 ديسمبر الحالي للاستفتاء على مشروع الدستور لانه لا يمكن قانونيا تغيير هذا الموعد بحكم أنه محددّ باعلان دستوري تمّ إستفتاء الشعب عليه في مارس 2011 . ونصّ الإعلان الدستوري الجديد الصادر عن مرسي وتلاه العّوا في مادته الأولى على أنه «يلغى الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 21 نوفمبر 2012 ويبقى صحيحا ما ترتّب عن ذلك الإعلان من آثار».
اعتراض
واعترضت القوى السياسية المعارضة على الإعلان الدستوري الرئاسي حيث قال عضو بارز في جبهة الانقاذ الوطني وهي تكتل المعارضة الرئيسي في مصر أمس إن قرار الرئيس محمد مرسي المضي قدما في إجراء استفتاء على مسودة الدستور الجديد «صادم» وسيعمق الأزمة السياسية. وأضاف أحمد سعيد عضو جبهة الإنقاذ الوطني ورئيس حزب المصريين الأحرار لرويترز «هذا يجعل الأمور أسوأ بكثير». ومضى يقول «لا أستطيع أن أتخيل أن بعد كل هذا يريدون تمرير دستور لا يمثل كل المصريين.»
وتضم جبهة الانقاذ الوطني محمد البرادعي رئيس حزب الدستور وحمدين صباحي زعيم التيار الشعبي وعمرو موسى المرشح الرئاسي السابق بالإضافة لأحزاب ليبرالية ويسارية.
وهددت هذه القوى السياسية بإعلان العصيان المدني والإضراب العام في مصر. وخرقت عدة مقاتلات حربية جدار الصوت فوق القاهرة على ارتفاع منخفض ظهر أمس الأحد، حسبما أفاد صحافيو وكالة الصحافة العربية.
ترحيب
في المقابل , رحبت الدعوة السلفية بالإعلان الدستوري الجديد، عقب اجتماعه مع القوى الوطنية وإجراء الاستفتاء في موعده.وجددت الدعوة السلفية، في بيان رسمي لها أمس دعوتها لشعب مصر، أن يصوت ب «نعم» على هذا الدستور، للانتقال إلى المرحلة المستقرة حتى يمكن لقطار التنمية أن يتحرك. ووجهت الدعوة السلفية انتقادًا لاذعًا إلى المعترضين على الإعلان الدستوري الجديد، بحجة أنهم يطالبون بإعادة النائب العام السابق، وتأجيل الاستفتاء على الدستور. بدوره , انتقد المهندس جلال مرة، أمين عام حزب النور السلفي ، موقف بعض القوى السياسية من نتائج الحوار الوطني.
وقال «مرة» إن الذين يحركون المشهد الآن أناس يريدون فقط عودة عجلة التحول والتغيير إلى الوراء، ويريدون عودة الدولة بكل مؤسساتها إلى النظام السابق. وأضاف «يريدون أن تستمر مصر بلا دستور، وبدون استكمال مؤسسات الدولة حتى تعيش مصر في حالة من عدم الاستقرار، ليس فقط من أجل إسقاط الرئيس، ولكن من أجل إسقاط المشروع الإسلامي بأكمله، فهذا الذي يرضيهم، ولكننا لن نسمح بذلك مهما كانت التكلفة، ومهما كانت المشقة فسنسير في طريق التغيير، وبناء مؤسسات الدولة، وتحقيق مصالح مصر العليا ».