وضعية انسانية واجتماعية مزرية تلك التي يعيشها عملة الحضائر القارة بتالة منذ سنين طويلة. هذه الشريحة المنسية من المواطنين لم يلتفت اليها احد فغيبتهم مشاريع التنمية وتغافل عنها اصحاب القرار لأنهم ظلوا صامتين. هؤلاء العملة لم يستغلوا الظروف التي تمر بها البلاد ليقطعوا الطريق او يغلقوا ابواب مؤسساتهم ولم يعطلوا مصلحة للمواطن بل كانوا صامدين في مؤسساتهم، ولم يقصروا في أداء واجباتهم في وقت هجر فيه الاخرون اعمالهم .
«الشروق» التقت عددا منهم للتعرف على مشاكلهم التي تتلخص في غياب التغطية الاجتماعية والصحية وهشاشة وضعيتهم المهنية في غياب افق الترسيم الذي يضمن حقوقهم اضافة الى ضعف المرتب الذي لا يتجاوز 250 د شهريا.؟؟ والاغرب من ذلك ان هناك عددا هاما منهم يعملون منذ الثمانينات دون ضمانات مهنية ودون ترسيم ودون تغطية صحية وهو ما يعطي صورة سوداوية مظلمة عن حياتهم وعن مستقبل اولادهم ؟
السيد منصف التوتي يعمل منذ 40 سنة في مركز التكوين المهني رب اسرة تتكون من 5 افراد تعيش من الفتات القليل من جراية الحضيرة التي لا تتجاوز 250 د يقول انه «ميت بالحياة» لم يجن طيلة عمله سوى ضغط الدم وامراض البصر والسمع والعمود الفقري ..ويؤكد انه وبقية زملائه لا يتمتعون حتى بالتغطية الصحية اذ ومنذ 2011 فقدت دفاتر العلاج صلاحياتها ولم يقع تجديدها لأسباب مجهولة . ويؤكد السيد ابراهيم الدشراوي (59 سنة )من جهته انه بالرغم من ان الولاية تقتطع شهريا مبلغ 29 د من المرتب الشهري الهزيل فانهم لا يتمتعون بالخدمات الصحية التي يضمنها صندوق الضمان الاجتماعي وهو ما يثير حقا مشاعر الحيرة اذ كما يقول سليم عوري ( 33 سنة) لا وجود لمبرر معقول لحرمان عملة الحظائر من التغطية الصحية وتعطيل صلاحية بطاقة العلاج . وبسؤالنا عن سبب حرمان هذه الفئة المظلومة من خدمات العلاج العمومي يقول السيد محمود حرشاني (69 سنة) بانهم لم يتلقوا تبريرا مقنعا لسحب التغطية الصحية وعدم تجديد دفاتر العلاج فالولاية تؤكد انها تقوم دوريا بتنزيل المبالغ المخصومة من مرتبات العملة لدى صندوق الضمان الاجتماعي بينما ينفي هذا الاخير علمه بالموضوع وتظل بذلك المسالة غامضة دون حل بالرغم من المساعي المبذولة للمطالبة بحق هؤلاء العملة في التغطية الصحية منذ 2011 . ويجمع كل من استجوبتهم الشروق على التأكيد بأنهم كانوا ينتظرون من الحكومة الشرعية انصافهم بترسيمهم بعد السنوات الطويلة التي قضوها في الحضيرة فاذا بهم يخسرون ابسط حقوقهم في العلاج . فالوضعية مأساوية تستحق التدخل العاجل لإنقاذ هذه الشريحة الاجتماعية من حالة الضياع والفقر المدقع فهل يعقل مواصلة نفس منطق التعامل مع فئه بلغت أرذل العمر تطعم وتعالج وتكسو اسرا كثيرة العدد بمبلغ 250 دينارا ؟ السيد الطاهر زلفاني (55 سنة) يؤكد بانه عجز عن معالجة زوجته المعوقة التي ينتظر بين اليوم والاخر ان تضيع منه دون ان يفعل شيئا ويؤكد في نفس الوقت ان مستشفى القصرين يرفض قطعيا قبولها للعلاج بسبب غياب التغطية الصحية . نفس الوضعية المأساوية ترويها لنا السيدة فاطمة الزينة نمري التي ما زالت تعمل - رغم ان سنها بلغ 62 سنة قضت منها 32 سنة بالحضيرة - بلا ترسيم وبلا تغطية صحية مؤكدة انها محرومة من ابسط حقوقها الانسانية وتضيف بانها افنت صحتها في عمل بلا افق وبلا امل ولم تجن سوى الامراض والقصور البدني. في نفس السياق تعبر السيدة تبر السماعلي (63 سنة) عن استيائها من التعامل اللاإنساني من قبل الولاية التي تقتطع من المرتب مبلغ 29 د بلا تبرير معقول وتضيف بان الحياة التي تعيشها – مثلها مثل بقية زملائها – هي اشبه بحياة العبيد التي لا تعني شيئا وما يزيد غرابة في موضوع عملة الحضائر في تالة هوان اغلبهم من كبار السن ممن تجاوزوا الستين والذين قضوا سنوات طويلة في العمل على حساب المجلس الجهوي للولاية دون ان يتمتعوا بأدنى متطلبات كرامة العمل .. وأولها الحق في العلاج الذي حرموا منه منذ 2011 , انه نداء استغاثة يبعث به هؤلاء الى المسؤولين يطلبون فيه التدخل بصورة عاجلة لحل مشكلتهم.