تحت شعار «حتى نحافظ على النصر» وفي أجواء شاعرية مفعمة بتأثر كبير مما حدا بالبعض إلى عدم التحكم في ذرف الدموع وفي فضاء قاعة العروض بدار الثقافة بالمطوية التأمت يوم 8 ديسمبر الجاري أمسية ثقافية تضامنية مع الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال نظمها نادي التوعية والإبداع الشبابي بالمطوية وقد حضر فعالياتها جمع من المثقفين والإطارات المحلية. وقد انطلقت هذه الأمسية بربط لقاء حواري افتراضي مباشر عبر ال«سكايب» مع أعضاء نادي الصحفي الصغير وضحايا الحرب على غزة حيث تابع الحاضرون بانتباه شديد شهادات مؤلمة قدمها لؤي صبح وأطفال عائلة القطاطي وحجازي وعدد من الأطفال الذين أصيبوا بعاهات بدنية وعضوية بين بتر إحدى الأرجل أو اليدين وفقدان البصر خلال الحرب الأولى والثانية على غزة الصامدة إلى جانب آخرين ممن تعرضوا للتشرد والتيتم فسرد هؤلاء الأطفال ضحايا الغطرسة الإسرائيلية وحربها الظالمة صورا بشعة عما لحق أهالي غزة من قمع وتقتيل وتدمير للبناءات العامة والخاصة وعكست شهادات هؤلاء ما يختلج في صدورهم من حب الحياة والتعايش السلمي رغم الظلم وما يعانيه قطاع غزة من حصار خانق وقد أثرت كلمات هذه البراءة في الحضور فكان من بينهم من دمعت عيناه متأثرا بما يواجهه الشعب الفلسطيني من تنكيل وتهجير وتقتيل طيلة أكثر من ستين سنة وفي رسالة موجهة الى الضمير الإنساني منه العربي والدولي طالبت بضرورة الرفع الفوري عما يعانيه الفلسطينيون من حصار جائر وتجويع جماعي وطالب فيها الأطفال بالعيش في حرية وأمان على غرار بقية أطفال العالم ودعوا المجتمع الدولي إلى ضرورة توفير الحماية الضرورية للشعب الفلسطيني من خلال ما رددوه في مقطع من أوبريت «اصح يا عالم وأنصفنا حاكم قاتل هالأطفال». كما استعرضت الصحفية جميلة هباش التي فقدت طرفيها السفليين والتي درست مرحلتها الثانوية في تونس معاناتها من جراء تعرضها لجرائم الاحتلال وقدمت أيضا بسطة ضافية عن نشاطها الإعلامي ومساهمتها في الإحاطة النفسية والتربوية لأطفال غزة الجرحى. كما ساهم في تأثيث فقرات هذه الأمسية أيضا السيد وسام العريبي أستاذ اللسانيّات بالجامعة التونسيّة بتقديم مداخلة علمية حول القضية الفلسطينية موضوعها «كفوا عن صهينة تعليمنا» حيث اعتمد المحاضر على متن بيداغوجي في التعليم الثانوي التونسي وهو كتاب الفلسفة مرقم تحت عدد 21040 وهو مخصص لتلاميذ السنوات الرابعة شعبا علمية نموذجا..
وحول كيفية معالجة هذه السموم الفكرية دعا المحاضر إلى ضرورة مراجعة الإطار البيداغوجي الواضع لبرامج التعليم التونسي وجرد الفكر الفلسفي العربي والإسلامي والعالمي المطهر من كل شائبة صهيونية بالإضافة إلى إنشاء فلاسفة جدد في الجامعة التونسية لا ينطقون بإسم الصهيونية ولا يسوقون لأهدافها ولا ينظرون لتأليه الإنسان أو الانحطاط الأخلاقي واستغلال المرأة وأكد أيضا أن هذه المداخلة لا تدعو إلى الهدم بل البناء بتجنب تجفيف المنابع من أجل ترسيخ التونسي في عقيدته ولغته وهويته. وكان الشاعر الطالب حسام ذكار نجم هذه الأمسية قد أبدى تناسقا كبيرا بين الحركة والإلقاء فأمتع الجمهور بجميل القول وعذب الكلام من خلال تقديم مجموعة من القصائد للشاعر تميم البرغوثي على غرار «القدس» و«هدايا ممن عشقوا المنايا» و«بيان عسكري» التي عكست مضامينها صمود أهالي غزة خلال حرب العدوان سنة 2008 أمام غطرسة العدو الأجنبي العسكرية وتخاذل الشقيق في نصرة الفلسطينيين. كما أتحف الحاضرين أيضا بإنتاجه الشعري الخاص بقصيدتي «القدس» و«هدايا لمن عشقوا المنايا». هذا وأقيم على هامش هذه الأمسية معرض وثائقي بالصورة والكلمة يعكس مضمونه مسيرة نضال الشعب الفلسطيني خلال أكثر من ستين سنة.