نظم حزب الوفاق يوم أمس بأحد النزل بالعاصمة ندوة حول «أي نظام سياسي بتونس التجربة البرتغالية نموذجا» بمشاركة سفير البرتغال بتونس والسيد خوسيه لاميجوا الذي شغل مناصب هامة في الجمهورية البرتغالية وبحضور البعض من الأساتذة المختصين في القانون. قال السيد خوسيه لاميجوا الذي شغل مناصب مهمة في دولة البرتغال من بينها كاتب دولة للشؤون الخارجية والتعاون في مجال التنمية من سنة 1995 إلى 1997 وكان نائبا في برلمان جمهورية البرتغال في الفترة الممتدة بين 1991 الى 2001 بأن الوقت مازال مبكرا للحكم بالسلب أو بالإيجاب على الثورة التونسية وأكد «دون مجاملة أو رمي ورود لا أستطيع الحكم بنجاح الثورة أو فشلها فالثورة مازالت في خطواتها الأولى ولكن ما أعجبني في هذه الثورة أنها تمت دون حدوث مواجهات مسلحة ودون أن تسبب خسائر بشرية ومادية على غرار ما حدث في بلدان أخرى وربما هذا راجع الى ما يتميز به المجتمع التونسي من سلم انفتاح وأكثر المجتمعات المغاربية تفتحا وانفتاحا ولا توجد داخله انقسامات او صراعات عقائدية وهذا يسهل عليه نجاح الانتقال الديمقراطي».
تجربة هامّة ودروس
وأضاف السيد خوسية لاميجوا الذي حل ضيفا على حزب الوفاق الذي نظم ندوة حول: «أي نظام سياسي لتونس؟ التجربة البرتغالية نموذجا» بحضور السيد لويس فارو راموس (سعادة سفير البرتغال بتونس) والسيد مصطفى صاحب الطابع (رئيس حزب الوفاق) وأحمد بن مصطفى وتوفيق بوعشبة» في البرتغال حرصنا بعد اندلاع الثورة على الفصل بين الدين والسياسة وتجنب أن لا يكون لدينا لا دستور اسلامي ولا مسيحي بل دستور مدني وتتمتع بلادنا بنظام برلماني ديمقراطي منذ اندلاع الثورة في سنة 1974 وينتخب الرئيس مباشرة من الشعب ويعين رئيس الوزراء اعتمادا على نتائج الانتخابات البرلمانية وأهم الأحزاب السياسية الاشتراكيون والديمقراطيون الاجتماعيون وأشار الى أن تجربة الانتقال الديمقراطي رافقتها عدة تنقيحات للدستور بما يتناسب مع تحولات العصر مثل ما حصل سنة 1989 و1982 ومراجعات للسياسة المتبعة للتأقلم مع المناخ الدولي وخاصة لتفادي تأثيرات الأزمات الاقتصادية.
السيد لويس فارو راموس (سعادة سفير البرتغال بتونس) أفاد بأن التجربة البرتغالية هامة ويمكن استخلاص عدة دروس منها خاصة من ناحية النجاح في القطع مع الديكتاتورية والاستبداد والتأسيس لمرحلة سياسية واقتصادية جديدة ولانجاح المسار الديمقراطي ولكن نقول لأشقائنا في تونس إننا لا نرغب في إعطاء دروس لأي طرف ونأمل أن تصل بلدكم إلى بر الأمان وتنجح عملية الانتقال الديمقراطي.
نظام سياسي للعيش في كنف الديمقراطيّة
توفيق بوعشبة (الأستاذ بجامعة الحقوق والعلوم السياسية بتونس) قال «في تطرقه إلى بعض أهم ايجابيات النموذج البرتغالي ومدى قدرة تونس على اتباعه منذ قامت الثورة كانت هناك ضرورة لإرساء نظام سياسي جديد في تونس والدخول في ما سمي الجمهورية الثانية وكان من الضروري اعتماد نظام سياسي يطمئن عموم الشعب ويمكن تونس من التقدم والتطور والعيش في كنف الديمقراطية ومنذ البداية هناك رفض من الرأي العام لأن يكون النظام السياسي نظاما رئاسيا دون أن يكون هناك اطمئنان لصفة النظام البرلماني.
نعرف أن البعض قال من الأفضل لتونس أن يكون لها نظام برلماني ونعرف أيضا أن حركة النهضة كانت عبرت عن خيارها بأن يكون النظام الجديد نظاما برلمانيا وندرك أيضا أن جل الأحزاب تحدثت عن ضرورة استبعاد النظام البرلماني واعتماد نظام رئاسي معدل وهناك من اقترح الالتفات الى النموذج البرتغالي الذي يمزج بين النظام البرلماني وبعض الجوانب من النظام الرئاسي ، وفي الواقع يبقى النظام البرتغالي نظاما برلمانيا بالأساس ويصنف عند تحليله علميا بأنه نظام برلماني معقلن ولكن بصورة عامة يدرج ضمن ما يسمى أيضا بالنظام شبه الرئاسي لأن رئيس الجمهورية في البرتغال وبخلاف ما نجده في البلدان ذات النظام البرلماني انما هو منتخب مباشرة من الشعب كما أن له صلاحيات ذاتية هامة ويقوم بدور الحكم في صورة وجود أزمات أو خلافات في نطاق العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ومن هنا كانت أهمية الاستفادة بقدر معين في نظري وليس بصفة كلية من النموذج البرتغالي.
واعتبر السيد توفيق بوعشبة أنه من الأجدر للمجلس التأسيسي أن يستفيد من النموذج الذي يمثله الدستور الفرنسي لسنة 1958 وما استتبعه من إصلاحات دستورية جعلته يمزج بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي مع تغليب خصائص أساسية للنظام الرئاسي ومثل هذا التوجه يمكن من ضمان نظام رئاسي يحقق الاستقرار الذي هو أساسي لتحقيق التنمية المطلوبة على المدى المتوسط والبعيد بالنسبة لتونس.