حين نستمع الى نائبة في المجلس التأسيسي تطالب وهي في كامل وعيها ومن باب «الوفاء للشهداء» ببعث «بيت يجتمع فيه الشهداء في المناسبات» ندرك لماذا تطول اشغال التأسيسي ولماذا تتأخر صياغة الدستور ولماذا تأتي المسودة هزيلة موغلة في السطحية والهذر على قول كبار المختصين في القانون الدستوري. حتى وان صنفنا هذا الابداع وهذا الحرص على الانحياز الى دماء الشهداء في خانة «زلة اللسان»، فإنها ستكون من زلات اللسان التي تساعدنا على فهم جزء من الاسباب الكامنة وراء طول أعمال المجلس التأسيسي وتأخر انجاز الدستور بما يعنيه ذلك من تمطيط للوضع المؤقت وإدامة للوضع الانتقالي على حساب الوضع النهائي الذي سيمكّن البلاد من الاستقرار نهائيا ويوفر الفرصة والامكانية للجهة الفائزة في الانتخابات بالانصراف الى تنفيذ برامجها وتصوراتها لتحقيق التنمية الشاملة واستكمال انجاز الأهداف التي ضحّى من أجلها الشهداء وفي طليعتها التنمية والتشغيل.
فإذا كان نائب أو نائبة يتحمّس لأخذ الكلمة لاتحافنا بمثل هذا المقترح السريالي وإذا كان آخرون يتبارون في لوك أفكار واقتراحات سبقهم اليها زملاؤهم... وإذا كان البعض يتفنن في المناكفة ويستعرض عضلاته في مجاراة طواحين الهواء... وإذا كان آخرون يطلبون الكلمة لمجرد استقطاب أضواء عدسات التصوير وانتباه رجال الاعلام... وهلمّ جرّا من هذه الابداعات التي لا تزيد إلا في اطالة أمد الجدل العقيم وفي تمطيط الجلسات والاشغال واستهلاك الساعات والأيام في انتاج الزبد... إذا كان هذا هو حال بعض النواب في المجلس فإن حلّ أحجية تأخر الدستور يصبح ممكنا... وسيكون وفقا لهذه الابداعات لزاما على التونسيين والتونسيات انتظار شهور، وحتى سنوات أخرى ليكمل هذا المجلس اشغاله وينجز الدستور ويصبح بالتالي بالامكان اجراء الانتخابات والمرور الى الوضع النهائي.
وفي الانتظار سيكون من حق الاحياء وجزاء لهم على طول صبرهم المطالبة ب «بيت يجتمعون فيه» ويتضرعون فيه الى العلي القدير أن يساعد نواب ونائبات التأسيسي على استكمال مهامهم... قبل لحاقنا ببيت الشهداء الذي طالبت النائبة المحترمة بانجازه...