أمين قارة يكشف سبب مغادرته قناة الحوار التونسي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    مصر.. تصريحات أزهرية تثير غضبا حول الشاب وخطيبته وداعية يرد    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    وزيرة الاقتصاد والتخطيط تترأس الوفد التونسي في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية    وزير الخارجية يتناول مع وزير المؤسسات الصغرى والمتوسطة الكامروني عددا من المسائل المتعلقة بالاستثمار وتعزيز التعاون الثنائي    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    ملامحها "الفاتنة" أثارت الشكوك.. ستينيّة تفوز بلقب ملكة جمال    القصرين: مشاريع مبرمجة ببلدية الرخمات من معتمدية سبيطلة بما يقارب 4.5 ملايين دينار (معتمد سبيطلة)    فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    دورة اتحاد شمال افريقيا لمنتخبات مواليد 2007-2008- المنتخب المصري يتوج بالبطولة    وزيرة التربية تطلع خلال زيارة بمعهد المكفوفين ببئر القصعة على ظروف إقامة التلاميذ    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    استقرار نسبة الفائدة الرئيسية في تركيا في حدود 50%    بي هاش بنك: ارتفاع الناتج البنكي الصافي إلى 166 مليون دينار نهاية الربع الأول من العام الحالي    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الاحتفال بالدورة 33 لشهر التراث بفقرات ومعارض متنوعة    صفاقس : "الفن-الفعل" ... شعار الدورة التأسيسية الأولى لمهرجان الفن المعاصر من 28 إلى 30 أفريل الجاري بالمركز الثقافي برج القلال    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة الملعب التونسي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 27 أفريل    الناطق باسم محكمة تونس يوضح أسباب فتح تحقيق ضد الصحفية خلود مبروك    بنزرت: الافراج عن 23 شخصا محتفظ بهم في قضيّة الفولاذ    المجلس المحلي بسيدي علي بن عون يطالب السلطات بحل نهائي لإشكالية انقطاع التيار الكهربائي    خبير تركي يتوقع زلازل مدمرة في إسطنبول    عاجل/ نحو إقرار تجريم كراء المنازل للأجانب..    استشهاد شابين فلسطينيين وإصابة اثنين آخرين بنيران الاحتلال الصهيوني غربي "جنين"..#خبر_عاجل    عاجل/ الحوثيون يطلقون صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر..    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    "حماس" تعلن تسلمها رد الاحتلال حول مقترحاتها لصفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    عاجل/ ايقاف مباراة الترجي وصانداونز    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    تقلص العجز التجاري الشهري    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



17 لجنة.. جعجعة.. ولا ملامح للدستور!
ملف الأسبوعي :الصياغة "مزمنة"... والشارع "يبتزّ"
نشر في الصباح يوم 19 - 03 - 2012

- كل الأعناق مشرئبة هذه الأيام الى قصر باردو تتابع باهتمام أعمال لجان المجلس التأسيسي خاصّة اللجان التأسيسية الست والموكول لها بصفة مباشرة صياغة دستور الدولة القادم.. دستور الثورة المرتقب الذي قبرت بمقتضاه نصوص دستور غرّة جوان 1959.
الأسبوع المنقضي كان خلاله جدول أعمال بعض اللجان التأسيسية حافلا باللقاءات والنقاشات.. رجال الحقبة البورقيبية كان لهم حضور مميز ولافت رغم بلوغهم من الكبر عتيا فإنه كان للسنين تأثيرها الإيجابي عليهم من حيث الخبرة والحنكة السياسية، بحيث طرحوا في جلسات الاستماع التي دعوا اليها، وجهات نظرهم التي ألجمت وحسمت عديد النقاشات من مطبّ المتاهات الكلامية الجوفاء.. وقد «أقنع» تمسّكهم بضرورة الإبقاء على الفصل الأوّل من الدستور القديم العديد من الأطراف السياسية الذين اعتبروا أن هذا الفصل حسم قضية علاقة الدين بالدولة...
غير أن الشارع يبدو مستنفرا للدفاع عن الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع، وهذا ما شاهدناه سواء في الوقفة التي قام بها مواطنون أمام المجلس التأسيسي يوم الجمعة الفارط أو الوقفات الأخرى التي شهدتها صفاقس أو تطاوين وطالبت بإلحاح بأن تدرج الشريعة مصدرا للتشريع، لأن ذلك حسب ما رفعوه من شعارات هو ما يريده الشعب.
وفي الحقيقة فان ما يطرح اليوم على أعمال اللجان التأسيسية يعدّ من قبيل الرهانات فرغم الاتفاق على مبدإ الورقة البيضاء في الصياغة، فإن زخم الأفكار والمقترحات كبير، وضغط الشارع والمجتمع المدني على ما يبدو بدأ يسلك وتيرة تصاعدية لا ندري كيف ستتطوّر وإلى ماذا ستفضي؟
في هذا الملف حضرنا أعمال بعض اللجان ورصدنا نقاشاتها وطريقة التفاعل مع الأفكار والمقترحات المطروحة، كما رصدنا ما يدور في كواليس رحاب التأسيسي..

لجان المجلس الوطني التأسيسي
الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة والتي تتكوّن أساسا من رئيس المجلس التأسيسي والمقرّر العام للدستور الحبيب خضر بالإضافة إلى:
- رئيس لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور
- رئيس لجنة الحقوق والحريات
- رئيس لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما
- رئيس لجنة القضاء العدلي والإداري والمالي والدستوري
- رئيس لجنة الهيئات الدستورية
- رئيس لجنة الجماعات العمومية الجهوية والمحلية
- مقرّر لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور
- مقرّر لجنة الحقوق والحريات
- مقرّر لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما
- مقرّر لجنة القضاء العدلي والإداري والمالي والدستوري
- مقرّر لجنة الهيئات الدستورية
- مقرّر لجنة الجماعات العمومية الجهوية والمحلية.

اللجان التأسيسية
- لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور
رئيس اللجنة (الصحبي عتيق -حركة النهضة-)
- لجنة الجماعات العمومية الجهوية والمحلية
رئيس اللجنة (عماد الحمامي -حركة النهضة-)
- لجنة الحقوق والحريات
رئيس اللجنة (فريدة العبيدي -حركة النهضة-)
- لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما
رئيس اللجنة (عمر الشتوي -حزب المؤتمر من أجل الجمهورية-)
- لجنة القضاء العدلي والإداري والمالي والدستوري
رئيس اللجنة (الفاضل موسى -القطب الديمقراطي-)
- لجنة الهيئات الدستورية
رئيس اللجنة (جمال الطوير -التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات-)

اللجان التشريعية
- لجنة البنية الأساسية والبيئة
- لجنة التشريع العام
- لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية
- لجنة الشؤون الاجتماعية
- لجنة الشؤون التربوية
- لجنة الطاقة والقطاعات الإنتاجية
- لجنة القطاعات الخدماتية
لجنة المالية والتخطيط والتنمية

اللجان الخاصة
- لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد
- لجنة شهداء الثورة وتفعيل العفو التشريعي العام
- اللجنة الخاصة للنظام الداخلي والحصانة

أحمد إبراهيم :الرأي العام ينتظر الحسم في موعد الانتهاء من الصياغة
متى ننتهي من صياغة الدستور؟ ومتى تنتهي الفترة الانتقالية الثانية المستمدة شرعيتها من الشعب دون وجود نصّ قانوني علوي ينظم الحياة السياسية ويهيكل بصفة نهائية مؤسسات الدولة؟ أسئلة باتت تخامر بإلحاح الرأي العام منذ انطلاق اللجان التأسيسية في الخطوات الأولية لصياغة الدستور..
ائتلاف الترويكا يؤكّد أن الالتزام الأخلاقي للأحزاب السياسية الأساسية في المشهد كفيل بطمأنة الرأي العام بأن الانتهاء من الدستور لن يتجاوز السنة والنصف والكتلة الديمقراطية تدافع «بضراوة «على مبدإ ضبط سقف زمني وعدم ترك الأمور في الغيبيات..
«الأسبوعي» التقت أحمد إبراهيم عضو المجلس التأسيسي عن القطب الديمقراطي وأمين أول حركة التجديد وقد أكّد أنه لا مناص من ضبط روزنامة عمل اللجان حتى ولو كان هناك التزام توافقي عن موعد السنة والنصف..
وحول ما يعاب على اللجان عدم التزامها بتوقيت وبروزنامة زمنية تطرحها للرأي العام وتقرّ فيها التزامها المبدئي بتاريخ معين للانتهاء من أشغالها.. يقول أحمد إبراهيم «هناك حقيقة إشكال بحيث أننا وإلى حدّ الآن ورغم جلسات استماع وجلسات نقاش فانه من الضروري تحديد وضبط سقف زمني لأشغال هذه اللجان فعندما لا نضبط روزنامة للاستماع ووقت للنقاش وتواريخ محددة للصياغة فهناك تخوّف من إضاعة الوقت وهناك ملفات كثيرة على الطاولة تنتظر الحسم. فالمجلس الوطني التأسيسي يجب أن ينهي أعماله في فترة لا تتجاوز السنة حسب ما تمّ التصريح به كالتزام أخلاقي بين كل الأطياف السياسية في المجلس..»
وبالرغم من أن العديد من الأطراف أثارت مسألة الظرف الزمني كمعطى أساسي لمصداقية أشغال اللجان أمام الرأي، واحتراما للمدة الاعتبارية لعمل المجلس التأسيسي فإننا إلى اليوم لم نجد دفعا جدّيا في اتجاه مناقشة المسألة والحسم فيها نهائيا مع بعض الإشارات الخفية بأن هناك أطرافا وكأنها تتغاضى عن عامل الوقت ولا تعيره أدنى اهتمام ربما لغايات مضمرة لا ندري ماذا تبطن.. وفي هذا السياق سألت محدّثي حول ما يجب القيام به لطمأنة الرأي العام في هذا الاتجاه؟
وقد أكّد أحمد إبراهيم «لا يمكن لأعمال هذه اللجان أن تتواصل هكذا ودون تحديد سقف زمني إذا لم نفعل ذلك فالأعمال ستتمدّد و»تتمطّط» ونسقط في إهدار الوقت.. ولا يجب أن ننسى أن المجلس الوطني التأسيسي مطالب بإنهاء أعماله في ظرف سنة».
وسألت محدّثي إذن ماذا تقترحون أنتم كتلة ديمقراطية؟ فأجاب» ككتلة ديمقراطية لدينا اجتماع وسننظر في صيغة لطرح التزام واضح من المجلس يقتضي وضع جدول زمني محدّد على الأقل ليقع الانتهاء من صياغة الدستور والإعداد للانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية الثانية».
وحسب ما سبق وقيل فإن التخوّفات الشعبية من أن تطول هذه الفترة الانتقالية أكثر من اللازم في محلّها.. و-سألت محدّثي- أبديتم تخوّفكم من غياب السقف الزمني فيم تتجلّى هذه التخوّفات أساسا؟
وجوابا على هذا السؤال يقول أحمد إبراهيم «التخوفات تعود الى استغرابنا من الرفض الحكومي لتحديد توقيت لانتهاء أشغال المجلس والحكومة كذلك فالتباطؤ جماعي ونحن ان كنّا تحدّثنا عن سنة، وسنة ونصف فلماذا لا نحسم هذا الجدل المحتدم ونلزم أنفسنا بجدول زمني نطمئن به الشعب ويلزمنا كنواب لهذا الشعب بتاريخ محدّد للانتهاء من صياغة الدستور وتركيز مؤسسات الدولة الجديدة..»

المولدي الرياحي :المطالبة بجدولة الصياغة زمنيا.. مجرد «ضغط سياسي»!
تتمسّك أحزاب الترويكا في المجلس التأسيسي بالقول أن هناك التزاما أخلاقيا بين أهمّ الأحزاب الفاعلة والمؤثرة حاليا في المشهد السياسي، يقضي بعدم تجاوز مدّة عمل المجلس الوطني التأسيسي ومهمّته الأساسية لصياغة الدستور لحيز زمني لا يتجاوز السنة والنصف، وهذا ضمانة كافية لإنهاء الأشغال في وقتها المتفق عليه آنفا حتى ولو كانت معنوية..
المولدي الرياحي ممثل حزب التكتّل في المجلس الوطني التأسيسي يجيب عن سؤالنا المتعلق بمسألة حسم وقت محدّد لإنهاء أشغال اللجان وصياغة دستور الدولة وضبط روزنامة للأعمال المختلفة داخل المجلس ولو تقريبية ومبدئية للانتهاء من هذه الفترة الانتقالية والمرور مباشرة إلى بناء مؤسسات الدولة؟
«أولا تلاحظون والرأي العام أننا نمضي حثيثا في عمل اللجان التأسيسية، نحن برمجنا ثلاثة أيام في الأسبوع لعمل اللجان التأسيسية ويمكن لأيّة لجنة أن لا تكتفي بالحصة الصباحية.. وبالتالي يستمرّ عملها كامل اليوم.
كما تلاحظون فإن كل اللجان تتقدّم بخطوات حثيثة وسريعة وأن حصص الاستماع التي شرعنا فيها هذا الأسبوع والتي يمكن أن تتواصل لأيام أخرى هي من صميم العمل الجادّ والمسؤول الذي تقوم به اللجان..
أنا شخصيا أقول أن هذا النسق يمكن أن يجعلنا ننهي النظر والتحبير وصياغة الدستور في ظرف سنة، وهو الموعد الذي التزمت به الأحزاب الأساسية في المشهد السياسي ضمن وثيقة المسار الانتقالي قبل الانتخابات.. وأؤكد أننا حريصون على احترام هذا الأجل الذي حدّدناه وربما ننهي عملنا حتى قبل ذلك نظرا إلى أن اللجان تعجّ بالخبرات.
ونحن نستعين بالخبرات صلب الأحزاب وكذلك خبرات المجتمع المدني والمستقلين، وهذا يعني أنه يتكوّن لدينا يوميا زخم من الاقتراحات وزخم من الثقافة الدستورية وهذا يجعلنا نحسم المسألة سريعا».
المستقبل في علم الغيب.. !
سألت محدّثي أن هذا الزخم يتطلب وقتا في حدّ ذاته للنظر فيه وتجميع كل الأفكار البنّاءة والهادفة؟
فأكّد «هذا يتطلب منهجية، لذلك وضعنا على رأس اللجان الستّ التأسيسية لجنة كبرى، ستعنى بالتنسيق بين مختلف اللجان وستعنى بالصياغة..
فكل لجنة في إطار عملها الأوّلي تقدّم صياغة أولية وهذه اللجنة الكبرى ستنظر في مدى تلاؤم كل النصوص مع بعضها، وتكون هناك حركة -ذهابا وإيابا- بين اللجان التأسيسية واللجنة الأمّ وهذا يسهّل علينا العمل والمنهجية، أعتقد أنها واضحة في أذهان الجميع..»
ويضيف الرياحي «بالنسبة للطلب الملحّ بضبط روزنامة فأنا أرى بكل صراحة أن هذه الأصوات تضغط زيادة عن اللزوم، وأنا أعتبره مجرّد ضغط سياسي لأنهم لو كانوا مكاننا لفعلوا نفس الشيء..
ثمّ تصوّري لو اقتربنا من نهاية السنة وحدث ما يوقف عملنا فجأة، لسنا ندري ماذا يخفي لنا المستقبل؟ هل يمكن من باب الشعور بالمسؤولية التفصّي من الجدول الزمني رغم وجود أسباب قاهرة، لا يمكن طبعا.. كما أنه لسنا لنا مصلحة التمطيط، كلنا واعون بأن الإسراع وليس التسرّع في إنجاز هذا العمل يجعلنا ندخل المرحلة القادمة بأقدام ثابتة، ولكن لو استجبنا لهذا الضغط وتسرّعنا فإننا لن ننتج أبدا دستورا في مستوى انتظارات شعبنا، وهذا مسؤولية كبيرة».

فريدة العبيدي (رئيسة اللجنة التأسيسية للحقوق والحريات): تفصيل الحقوق والحريات في الدستور... سيسد باب الاجتهاد التشريعي !
تستهدف الحقوق والحريات غالبا من أنظمة الاستبداد والقمع.. وطوال أكثر من نصف قرن لم تكن تونس الاستثناء في هذه القاعدة بل كانت مثالا لانتهاكات حقوق الإنسان والحريات الفردية والعامة..
اليوم يبدو أن كل الحريات والحقوق تطالب الدّسترة خشية الانتكاسة والعودة للاستبداد وحتى يكون الدستور ضمانة مهمة في حماية هذه الحقوق..
«الأسبوعي» التقت فريدة العبيدي رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالمجلس التأسيسي التي تقر بحساسية ودقة مسألة الحقوق والحريات في تونس ولذلك تجهد اللجنة نفسها في الأخذ بعين الاعتبار بكل المقترحات ووجهات النظر.
في بداية حديثها معنا تقول فريدة العبيدي :«نحن كلجنة نستدعي كل الجهات وكل الشخصيات التي نرى أنها يمكن أن تفيدنا في هذا الموضوع..وقد حصل واستدعينا ممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل..هذه المنظمة العتيدة والعريقة والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نصوغ دستورا للبلاد دون أن تحضر معنا كطرف رئيسي لتقديم تصوراتها في صياغة الدستور...وقد تم استدعاؤها وطرحت وجهة نظرها حول الحقوق والحريات..
كل الحقوق والحريات تريد الدسترة
وفيما يتعلق بكيفية إدراج الحقوق والواجبات في الدستور تقول :«الحقيقة نحن أمام خيارين فكل المتدخلين في هذا الشأن فسحنا لهم المجال للتعبير عن آرائهم المختلفة.. وبالتالي فإما أن هذه الحريات سيقع تفصيلها وتدقيقها في الدستور وهذا في الحقيقة يطرح عائقا باعتبار أنه سيسد الباب أمام أي اجتهاد تشريعي...
وإما أن نصوغ مبادئ عامة تتعلق بالحقوق والحريات ونترك مجال تفصيلها للتشريع وبالتالي نجد طرحين للصياغة ولكيفية دسترة هذه الحقوق والحريات وهما إما التفصيل أو التكثيف.
وعموما اللجنة ستستمع لكل الآراء وسنقرر عند الصياغة وبعد الاستماع الى كل وجهات النظر والحساسيات والمدارس الفكرية أي طريقة تتوخى.. لكن عموما نأمل توخي الطريقة التي تخدم مصلحة كل تونسي...
فأنا أقدّر أن الخوف من العودة الى الماضي هو مبرّر لأن الجميع يرغب في القطع مع الماضي لأن ما انتهك في الماضي هو الحقوق والحريات لذلك الجميع سيسعى اليوم الى الوقوف سدّا منيعا لعدم انتهاك هذه الحريات ويعتبرون أن الدستور هو الضمانة الأساسية لكفالة هذه الحقوق والحريات..
دستور ضامن للحريات وليس مقرا لها فقط
وتضيف فوزية العبيدي في ردّها على سؤال يتعلق هل أن الدسترة تضمن ضرورة حسن تطبيقها؟ أولا نحن نبحث عن دستور ضامن للحريات وليس فقط مقرّا لها.. فقد كان هناك تنصيص على الحقوق والحريات المختلفة في دستور غرّة جوان 1959 ولكن للأسف التنصيص لوحده لم يكن كافيا لضمانها وإقرارها.. فاليوم نحن نبحث عن الآليات والضمانات الحقيقية لتفعيل هذه الحريات أولا..
والبحث كذلك عن الصيغ التي تقف حائلا دون هذه الحقوق..
فيما يتعلق بالصيغ فإن اللجان في النظام الداخلي تضبط عملية التنسيق وتعد البرنامج الموكول لها في محاور النقاش ثم بعد ذلك تناقش كل لجنة أعمالها وهناك لجنة الصياغة والتنسيق التي تتكفل بمراجعة ومتابعة أعمال اللجان.. وباعتبار أن هناك عديد التقاطعات بين عمل هذه اللجان فلجنة الصياغة لها مهمة توضيح نقاط الخلاف ووضع صيغة توافقية فيما بينها».

أحمد المستيري: الفصل الأول من دستور 1959.. والحكم المتوازن
كغيره من أصحاب المناصب الوزارية في الحقبة البورقيبية كان للسيّد أحمد المستيري حضور لافت في جلسة الاستماع الأولى بالمجلس التأسيسي حيث استضافته لجنة التوطئة والمبادئ العامة للاستفادة من خبرته السياسية وهو الذي عايش دستور 59.. واليوم يواكب ولادة دستور الجمهورية الثانية..
ورغم مشاغله الكثيرة فقد سمح لنا أحمد المستيري بلقاء خاطف معه، فتوجّهنا إليه من خلال هذا اللقاء بالسؤال المتعلّق بكيفية التعامل مع الإشكاليات التي تطرح تجاذبات سياسية وفكرية كبيرة، مثل الرأي المتمسّك بضرورة جعل الشريعة الإسلامية منبعا للتشريع التونسي الوضعي، بالإضافة إلى طبيعة النظام السياسي مستقبلا ومن خلال دستور «الثورة».. إلى جانب المطالب الملحّة بدسترة كل الحقوق والحريات؟
وكانت إجابة السيد أحمد المستيري بالرغم من اقتضابها حاسمة في حلّ كل الإشكاليات جذريا بحيث أكّد «دون الدخول في تفاصيل ومتاهات قد تحمّل الموقف أكثر ممّا يحتمل، تجب المحافظة على الفصل الأوّل من دستور غرّة جانفي 1959.
وبالنسبة لنظام الحكم القادم فلا مناص من ضرورة التأكيد على الفصل بين السلطات الثلاث، وإرساء مبادىء حكم متوازن، فلا لنظام رئاسي مطلق يوصلنا للدكتاتورية، ولا لنظام برلماني واسع يوصلنا لعدم الاستقرار».

لبنى الجريبي (لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور)
دستور 59 حسم علاقة الدين بالدولة
قد تضاف كلمة دولة مدنية للفصل الأول من الدستور
لا يمكن أن ننكر بحال الإشكاليات البارزة فيما يتعلّق بصياغة الدستور من هذه الإشكاليات إلى جانب طبيعة نظام الحكم و دسترة كل الحقوق والحريات وقد نجد أطرافا حزبية وسياسية داخل التأسيسي و خارجه تتمسّك بالشريعة مصدرا للتشريع وقد بلغ الأمر حدّ مطالبة بعض أعضاء المجلس التأسيسي بطرح المسألة برمتها للاستفتاء الشعبي ومعرفة رأي الشعب هل يوافق على أن يجعل من الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع الوضعي.. ناهيك أن الآلاف تجمّعوا أمام مقر التأسيسي يوم الجمعة الماضية يطالبون بالشريعة مصدرا للتشريع ..
ولكن البعض رأى أن المسألة محسومة آنفا ولا تستدعي إلى الاستفتاء ؛ فالكثير من نوّاب حركة «النهضة» ووزرائها مع فكرة الإبقاء على الفصل الأوّل من الدستور-غير أن لهجة بعض ممثلي الحركة تغيّرت عند اجتماعهم بالمطالبين بتطبيق الشريعة- ؟
التقينا بعضو المجلس التأسيسي لبنى الجريبي، ممثلة المؤتمر من أجل الجهورية وعضو اللجنة التأسيسية للتوطئة، فأكّدت في حديثها معنا «أن هناك توافقا من اللجنة على الفصل الأوّل ويمكن طرح إضافة ?كما دعا إلى ذلك عياض بن عاشور- كلمة:» تونس دولة مدنية» في الفصل الأوّل من الدستور الذي نتّجه على ما يبدو نحو الإبقاء على الفصل الأوّل من دستور غرة جوان 1959 وأنا أؤيد إضافة «دولة مدنية «لأن أغلب الأحزاب المشاركة بممثلين في اللجان أكّدوا في برامجهم الانتخابية على مدنية الدولة..
وأنا دائما أسترجع ذلك وأذكّر به -علّ الذكرى تنفع المؤمنين - ونحن كممثلين للشعب في المجلس التأسيسي الذي منحنا ثقته وعدناه بأن لدينا برنامجا اقتصادا واجتماعيا ورؤية واضحة . فالثورة لم تكن بسبب البحث عن هوية للبلاد لكن لأجل مطالب اجتماعية واقتصادية ؛ ودستور59 حسم مسألة علاقة الدين بالدولة وهذه القضايا نوقشت منذ خمسين سنة ووجدت لها حلول تتجاوب مع طبيعة مجتمعنا ..
و اليوم هناك قضايا أخرى تناقش؛ فنحن لدينا ثقافة دستورية انطلاقا من دستور59فيجب أن نبني عليه ولا أن نبني من الفراغ..
علاقة الدين بالدولة
وتضيف محدثتنا: «الدستورالقديم أسّس للحكم الفردي وبالتالي فاليوم يقع على عاتقنا تأمين الأجيال السابقة من الاستبداد وإرساء منظومة للتنمية في الجهات وإشاعة قيم العدالة الاجتماعية وهذه هي المواضيع الأساسية التي يجب التركيز عليها..
ويجب بالتالي البحث عن آليات للفصل بين السلط حتى لا نسقط في تغوّل سلطة على سلطة أخرى والقطع مع عودة الاستبداد وكذلك وجود آلية اللامركزية .
وقضية علاقة الدين بالدولة قضية حسمت؛ وطرحها في المجتمع طرح لا مسؤول لأنه قد يفصل المجتمع ويفرّقه ونحن نحتاج للوحدة لا للفرقة.
ونحن لدينا مشاكل اقتصادية و اجتماعية لذلك علينا ألا نضع عندها الزيت على النار لذا يجب أن نكون مسؤولين عند طرح المواضيع التي نقدّمها للمجتمع .

إبراهيم القصاص: النظام البرلماني... استحواذ للأغلبية على مفاصل الدولة
لئن تتجه كل الأراء بالاجماع والتوافق نحو الإبقاء على الفصل الأول من الدستور حسب ما استقصيناه من كواليس التأسيسي واللجان..فإن الجدال سيحتدم على ما يبدو حول النظام السياسي الذي سيعتمد مستقبلا ولئن كانت تسريبات تؤكد أن حركة النهضة ذات الأغلبية التأسيسية تتشبث بالنظام البرلماني... فإن أحزابا أخرى بدورها تتشبث بدورها بالنظام الرئاسي كتيار العريضة الشعبية ولمعرفة خفايا التمسك بالنظام الرئاسي كخيار سياسي مستقبلي كان لنا لقاء مع نجم العريضة الشعبية ابراهيم القصاص..
في مستهل حديثه معنا يقول إبراهيم القصّاص، أعتقد أن النظام الرئاسي هو النظام السياسي المناسب للتونسيين وهو على عكس ما يعتقد البعض يسهل الحياة السياسية ويجعل التعامل سلسا بين رأس السلطة التنفيذية أي رئيس الجمهورية والشعب.. أما النظام البرلماني ففيه إيجابيات وسلبيات أبرزها هو امكانية تغوّل حزب الأغلبية واستحواذه على السلطة وعلى مفاصل الدولة..
فالكتلة الحزبية التي تفوز بالاقتراع وبإدارة الشعب أو بأكثر المقاعد هي التي تتحكم في القرار السياسي برمته... لكن في النظام الرئاسي فالرئيس يكون منتخبا وبذمته منصبه من قبل الشعب مباشرة وبالتالي تسهل محاسبته متى انزلق عن الطريق السوي... ويبقى النظام البرلماني الذي فرض علينا الآن فإنه لا دخل لنا فيه أبدا بل هو أسقط علينا إسقاطا..».
سألته هل معنى ذلك أن أحزاب الترويكا وخصوصا النهضة تدفع في اتجاه إرساء نظام برلماني اعتقادا من هذه الأحزاب بأن الانتخابات القادمة ستكون في نتائجها مطابقة لانتخابات المجلس التأسيسي وبالتالي الأغلبية هي التي ستتحكم في مفاصل الدولة؟
فردّ القصاص بالقول:« لدينا مثل شعبي بليغ ينطبق على الحالة التي ذكرتها «إللي يحسب وحدو يفضلو» فالشعب التونسي لم ينتخب النهضة لا على برنامجها ولا على سواد عيونها.. الشعب كان لا يفقه السياسية وبالتالي انتخب من أدّعوا أو تبنّوا فكرة حماية الدين لما للوازع الديني من تأثير في الوجدان الشعبي، لكن للأسف اكتشف الشعب المسكين أنه «يسبح في الشايح» وهو بالتالي لن يقع في نفس الفخ في المرة القادمة ..».
صامدون... بالرئاسي متمسكون
وختمت مع ابراهيم القصاص بسؤال يتمحور حول ما إذا كانت أغلبية التأسيسي تدافع على النظام البرلماني كخيار سياسي مستقبلا فماذا سيفعل تيار العريضة الشعبية للدفاع عن وجهة نظره؟
فأكد:« سنرفض ذلك جملة وتفصيلا فنحن العريضة الشعبية ومنذ اللحظة الأولى عبر البيانات الانتخابية اقترحنا نظاما رئاسيا بكل وضوح ومع ذلك نحن مع الحد من السلطة المطلقة لرئيس الجمهورية ولرئيس الحكومة وحتى البرلمان ...فيجب أن تكون هناك ضمانة دستورية لمبدإ توازن السلط حتى لا تتغوّل سلطة على الأخرى..».
وذكرّت ابراهيم القصاص أن النظام الرئاسي الذي يدافع عليه بضراوة كخيار سياسي كان في تونس عنوانا للاستبداد لأكثر من نصف قرن فقال:« الأصل في الفكرة وليس عنوان الفكرة.. فأفكار الأحزاب يجب أن تتغيّر والتنظيرات يجب أن تتغير... الديمقراطية ليست شعارات انتخابية انها ممارسة وخيارات مسؤولة..يجب على كل سياسي أن يخدم شعبه ويتناقش معه ويطرح أمامه أفكاره بكل تجرد وكل شفافية...».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.