شهدت البلاد بعد مرور سنتين كاملتين على تاريخ اندلاع الثورة تجاذبات سياسية واتهامات متبادلة بين أطراف متعددة وضاعت قضية الشهداء والجرحى في خضم هذه الصراعات، حيث أضحت هذه القضية مطية ل«تجارة سياسية» باتت الشغل الشاغل للسياسيين. «الشروق» تحدثت الى العائلات ورصدت شهاداتهم حول ما جرى في القصرينوتالة خاصة من 7 الى 11 جانفي 2011 بالقصرينالمدينة ومن 3 الى 12 من نفس الشهر بالنسبة الى تالة وانطباعاتهم حول الواقع السياسي ونظرتهم الى مستقبل البلاد.
شاركت القصرينوتالة وفريانة بصفة فعالة في ثورة تونس وكانت حاسمة في هروب ابن علي بعد أن تكبدت خسائر بشرية حوالي 20 شهيدا خلال ثلاثة أيام فقط من 8 الى 11 جانفي 2011 بالنسبة للقصرين المدينة أصغرهم الطفلة يقين القرمازي ( 6 أشهر ) وكان أول شهدائها صلاح الدشراوي ورؤوف بوزيدي و9 جانفي بالنسبة لتالة التي سقط في تلك الليلة وحدها 5 شهداء ( عدد شهداء تالة 6 ) علما وأن الاحتجاجات انطلقت في القصرين منذ 17 ديسمبر بمسيرات محدودة قام بها محامون شبان لتبلغ ذروتها يوم 7 جانفي. أما تالة فقد امتدت المواجهات بين 3 و12 جانفي وكان آخر شهدائها وجدي السايحي. الأحزاب تاجرت بقضيتنا
«الشروق» توجهت في البداية الى منزل الجريح حسني بن قلعية بحي السلام مُلهم الثورة في القصرين والذي أضرم النار في جسده يوم 7 جانفي 2011 بعد مضايقة أعوان الامن له واعتدائهم عليه بالضرب المبرح وتهديده بالسجن والاعتقال حسب ما صرحت به والدته السيدة زينة سايحي نتيجة تحريضه شباب المدينة على الثورة ضد الطغيان أسوة بما كان يحصل في سيدي بوزيد وتضامنا مع شباب تالة الذي كان يتعرض الى القمع من قبل الآلة الامنية وهو ما أدّى الى احتجاج شباب حيّ السّلام، ولينقل الشّاب الى مستشفى الجروح البليغة في بن عروس، وهو يعيش الآن في وضعية حرجة حيث بترت يده اليمنى ويعاني من ضيق في التنفس وشلل في أصابع اليد اليسرى ولا أحد سأل عنه حسب محدثتنا لا الحكومة ولا الأحزاب التي تاجرت بوضعيته أيام الحملة الانتخابية ولا حتى أعضاء المجلس الوطني التأسيسي عن كتلة القصرين ولا المسؤولين الجهويين.. نفس الوضعية يعيشها أول جريح في ثورة القصرين الشاب نعيم ساهلي (22 سنة) الذي أصيب برصاصة يوم 8 جانفي على مستوى ساقه اليسرى مما تسبب له في اعاقة وقد تحدث لنا عن ليلة رعب بأتم معنى الكلمة في شارع حسين زروق من حي النور وفي المفترق بالذات حيث حمي وطيس المواجهات هناك اثر سقوط أول شهيدين في ثورة القصرين وهما صلاح الدّشراوي ورؤوف بوزيدي فهب محدثنا لانقاذ صديقيه ولكن الرصاصة كانت أسرع وأردته أرضا.
ويذكر والده الطيب السّاهلي أنه شاهد بأم عينيه فتاة ترتدي زيا أمنيا جاثمة على ركبتيها وتوجه الرصاص في اتجاه المحتجين مستعملة المنظار الليلي وأضاف أنه منع من اخراج ابنه من المستشفى من قبل أعوان الأمن مما اضطره الى تهريبه منتصف الليل الى مصحة خاصة وهناك تولى معالجته الدكتور زياد دمق دون مقابل وهو يتبنى عملية فحصه مجانا الى اليوم وبالمناسبة يوجه له تحية كبيرة وأشار الطيب بكل لوعة الى أنه تلقى في البداية خبر استشهاد ابنه وتلقى العزاء من قبل الحاضرين لحظة وصوله الى مكان اصابة ابنه ولكنه مستاء مثل بقية الجرحى وعائلات الشهداء من التجاهل الذي يلاقيه ابنه وكل الجرحى من قبل الحكومة والمسؤولين والأحزاب والجمعيات وخاصة أعضاء التأسيسي عن كتلة القصرين.
حقوقنا ضاعت وسط التجاذبات السياسية
لا أحد في القصرين يستطيع نسيان كافة الشهداء الذين وهبوا لنا الحرية والديمقراطية ونظرا لتعذر زيارة منازل كل الشهداء ارتأينا زيارة منزل أول شهيدين في القصرينالمدينة وهما صلاح الدشراوي ورؤوف بوزيدي اللذان استشهدا حسب ما حدثنا به والد رؤوف عمّي حمادي يوم 8 جانفي في حدود الحادية عشر ليلا حيث تعرض صلاح الدّشراوي الى اطلاق للرصاص ولما هب رؤوف لنجدته أصابته هو الآخر رصاصة أردته قتيلا فوق جثة صديقه صلاح في مشهد مؤلم، ويضيف محدثنا أن قضيتهم ضاعت في هذا الزحام السياسي فبعد الانتخابات لم يزره أي مسؤول أو عضو مجلس تأسيسي الذين انشغلوا بمسألة العفو التشريعي العام وبالدفاع عن أحزابهم وتناسوهم وهو ما ساندته فيه الخالة ربح بريكي والدة الشهيد صلاح دشراوي التي طالبت بالقصاص من قاتل ابنها خاصة وأنه معروف جدا وكل القرائن أدانته بما في ذلك شهادة الناس وسائق سيارة الاسعاف وطالبت بتمكينهم من الامتيازات التي أعلنت عليها الحكومات المتعاقبة والكف عن المتاجرة بدماء ابنها وبقية الشهداء.
ونفس الغضب انتاب والد الشهيد عيسى قريري السيد عمار الذي قالها بالحرف الواحد « الحكومة والاحزاب واعضاء التأسيسي خذلونا « واتهم الحكومة بالفشل واتهم أعضاء التأسيسي حتى بسرقة أموال الشهداء وحتى تسمية الشوارع باسم الشهداء فقد كانت شكلية حسب عمي عمار لان المراسلات تحمل العنوان القديم واعتبرها مجرد مسرحية.
قائمة الشهداء في ولاية القصررين
صلاح دشراوي (أول شهيد بالقصرينالمدينة) محمد أمين مباركي عبد القادر غضباني أحمد جباري محمد عمري محمد خضراوي محمد نصري رمزي عسيلي عبد الرؤوف بوزيدي عيسى قريري شهر وليد وليد سعداوي يقين قرمازي (6 أشهر من العمر) صابر رطيبي عبد الباسط قاسمي بلقاسم غضباني ياسين رطيبي مروان جملي (أول شهيد بتالة) غسان شنيتي أحمد بولعابي وجدي سايحي أحمد عمري أحمد ياسين رطيبي