دخل حوالي سبعين عاملا وعاملة بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير منذ يوم 23 نوفمبر الماضي في اعتصام مفتوح على خلفية عدم انتدابهم ولما لم يلتفت اليهم أحد ممن يهمهم الأمر دخلوا في اضراب جوع بلغ يومه الخامس الى حدّ كتابة هذه الأسطر. ولتسليط مزيد الأضواء على هذا الموضوع الذي بدأ يأخذ منعرجا خطيرا تحولت «الشروق» الى المستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير حيث يرقد بعض المضربين وتحدثت اليهم حول وضعهم الحالي وأسباب تصعيدهم ودخولهم في اضراب جوع قد تكون له انعكاسات سلبية على صحتهم.
مشكلة المناولة
قال العامل بشير السالمي (20 سنة) انه يعمل بالمستشفى في اطار المناولة منذ سنة 2009 وقد سعد كثيرا لما علم بقانون الغاء المناولة وضرورة انتداب كل العملة وظن انه سيكون مبجلا باعتبار أقدميته لكنه صدم لما علم أن قائمة المنتدبين لا تتضمن اسمه وقد أصيب بحالة احباط كبرى خاصة أن حالته الاجتماعية متردية والعمل يعتبر بالنسبة اليه ضرورة لمقاومة الفقر ومساعدة العائلة.
وبالقرب من بشير تمدد عاطف بوزيان وكان أكثر المضربين حرصا على شرح وضعيته ووضعية زملائه بالتفصيل وقال ان عمال المناولة بالمستشفى يبلغ عددهم في الجملة حوالي 304 منهم 260 التحقوا بالعمل قبل الثورة ولما تم اصدار قانون الغاء المناولة في 18 فيفري شعروا مثل سمير بأن أمورهم المهنية ستنفرج لكن شيئا من ذلك لم يحدث بل بالعكس أصيبوا بخيبة أمل كبرى خاصة أن المنتدبين بعضهم التحق بالعمل حديثا وتحديدا بعد الثورة.
ولعل ما آلم عاطف أكثر هو عملية التجاهل التي لقيها صحبة زملائه اذ لا أحد التفت اليهم من سلط جهوية أو وطنية خاصة أنهم لم يتركوا ادارة لم يراسلوها ولم يعلموها بدخولهم في اعتصام مفتوح نتيجة الظلم المسلط عليهم في وقت ظنوا فيه أن الثورة قامت أصلا من أجل الكرامة والعدل.
تجاوزات الادارة
ولم يخف محدثنا أن الادارة قامت ببعض التجاوزات عند اعداد قائمة العملة وانتهكت حقوقهم من حيث تدري أو لا تدري اذ سجلت التحاق البعض منهم بالعمل بتاريخ غير التاريخ الحقيقي الذي باشروا فيه عملهم مما تسبب في حرمانهم من الانتداب.
ومن جهته قال العامل الصحبي الضويوي ان دخولهم في اضراب جوع كان نقطة نهاية بالنسبة اليهم فإما الانصاف واما الموت ولا شيء غير ذلك وأشار الى ان زميلهم سمير الناصري تم نقله الى قسم الاستعجالي بعد أن تدهورت صحته.
وقال الضويوي ان هذا المصير لا يخيفه خاصة أن الاهانة التي يشعر بها اليوم أكبر مما يتصوره العقل وتعرض الصحبي الى وضعية أغلب زملائه المضربين وقال عنها انها مهينة فلا يكفي أنهم حرموا من تسوية وضعياتهم المهنية بل انهم أصبحوا يتقاضون نصف مرتبات زملائهم المنتدبين رغم قيامهم بنفس العمل تقريبا. وختم محدثنا قوله بأن الاعتراف بالحق فضيلة وأن العمال المضربين هُضم حقهم وما على الادارة الا تسوية وضعياتهم وأن ذلك لن يكلفها شيئا.
تجاهل وبعد
حالة الاحباط أيضا أصابت الشاب شرف الدين الشعابي الذي قال ان الادارة تجاهلت مطالبهم رغم مشروعيتها وهو تصرف ظن أنه انتهى مع انتهاء النظام السابق الذي يتعامل مع المضربين بلامبالاة غريبة.
واستغرب شرف الدين أن ينتهج المسؤولون في تونس بعد 14 جانفي نفس التصرف.
وأكد المضربون عن الطعام والذين كانوا محاطين بزملائهم وزميلاتهم أن هناك تلاعبا بالوثائق وأن هناك تجاوزات متعمدة من أجل ترسيم البعض واقصاء البعض الآخر وقالوا ان بعض المسؤولين أصبحوا يتكلمون معهم بلهجة الجهويات وطلبوا منهم رغم علمهم بعدم ترسيمهم وفي محاولة للتخلص منهم بطريقة ذكية أن يقدموا مطالب نقلة للعمل في ولاياتهم الأصلية وكأنهم في دولة أخرى وليس لهم الحق في العمل في ولاية المنستير التي قضوا فيها عشرات السنين. احساس بالظلم وبالتهميش لمسناه لدى عمال التنظيف والحراسة بمستشفى التوليد وطب الولدان وبالمستشفى الجامعي وهو احساس ندرك أن السلط الجهوية ستأخذه بعين الاعتبار وستسارع في تسوية وضعية المضربين واعادة الأمل الى نفوس هؤلاء الذين بدأوا يفقدون الثقة في كل المحيطين بهم من مسؤولين في مختلف الوزارات.