«لا أحمل رؤية انتقامية كما يظن البعض فأنا سأحمل معي برامج اصلاح الى وزارة العدل ولن تكون معي عصابة بل معي رؤية اصلاحية ومن يردد التخوفات منّي هم مورطون من داخل القضاء». الحديث تطرق أيضا الى مجمل القضايا التي تشهدها الساحة الوطنية.
بهذه الكلمات دحض عبد الرؤوف العيادي زعيم حركة وفاء الاتهامات الموجهة إليه والقائلة بأنّ الرجل الثاني لحزب المؤتمر سابقا يحمل سرّا وعلنا رؤية انتقاميّة تجاه القضاء وأنه سيسعى لتطبيق هذه الرؤية بمجرد تولّيه حقيبة وزارة العدل في التغيير الحكومي المنتظر.
في الحوار التالي كشف عبد الرؤوف العيّادي ل «الشروق» حقيقة خلافته لنورالدين البحيري ورؤيته للمحاسبة والاصلاح وعن طبيعة العلاقة التي تجمعه اليوم بالمنصف المرزوقي خاصة وأن رفيق الامس كان من أبرز المطالبين بالتغيير الحكومي وقد يكون من وراء الداعمين لحظوظ العيّادي في التعديل الوزاري. كما كشف العيادي عن التهديدات بتصفيته جسديّا التفاصيل في الحوار التالي:
هل ستشارك حركة وفاء في التعديل الوزاري المرتقب؟
نحن نقبل المشاركة في التعديل الوزاري المنتظر شرط تغيير السياسات ووجود برنامج واضح وقد أسرّ لي مقربون من الائتلاف الحاكم أنهم يفكرون في تغيير هذه السياسات. ونحن لم نتردد في شرح رؤيتنا للوضع الحالي الذي تعيشه البلاد.
من تشاور معكم بخصوص المشاركة في الحكومة؟ ثمّ ماهي المناصب الوزارية المقترحة عليكم؟
تشاور معنا طرف في الترويكا كما طرح مجلس الشورى إسمي كبديل لوزير العدل الحالي. ومن تحدث إليّ بخصوص هذا المنصب سألته إن كانت النهضة قابلة للتنازل عن وزارات السيادة فردّ بالقول إن كل المناصب مطروحة للتغيير.
ما هي شروطك للقبول بهذا المنصب؟
نحن قدمنا بداية رؤيتنا للوضع الحالي والذي نراه مواجهة مفتوحة بين النخب من أجل السلطة وقد بدأت محاولة التطاحن من سليانة مع رفع شعارات تدعو للصدام ثمّ تحريك المساجد في صفاقس تلاها الاعتداء على المقر المركزي لاتحاد الشغل كلّ هذه الاحداث أثبتت للجميع أن الصدام قد يتحوّل الى مواجهات في الشوارع وفي المؤسسات وبالتالي كان تحليلنا صحيحا لما يحصل. هذا نعتبره في حركة وفاء انحراف ظهرت عناوينه بالاستقطاب الايديولوجي والتنظيمي رغم ان الظرف يتطلب اننا نرتقي الى ما هو سياسي.
السياسة مدارس ونحن نعتبرها اجتهاد في خدمة مصالح الشعب وهي فيها مستوى نظري أشبّهه بالسحاب لكن السحاب يجب أن يمطر وتكون أمطار السياسة برامج لذلك طالبنا بالبرامج كي ننضم للحكومة فالمرحلة تتطلب أولويات.
ما هي هذه الاولويات؟
هي أولويات الشعب وليس أولويات النخبة وأعني التصدّي لغلاء المعيشة واتخاذ الاجراءات والتدابير الواضحة للحد من ارتفاع الاسعار ووضع خطة لمواجهة مطالب التشغيل من ذلك تنشيط برامج التكوين المهني (التدريب مقابل 200د) بالإضافة الى اصلاح الامن كي يتولى حفظ حرمة المواطن واصلاح القضاء كي ينصف المواطن. هذه مطالب اساسية وهي مطالب الشعب الحقيقية فالنخبة تطلب الاستحقاق الانتخابي وإذا ما تم تقديم أولويات النخبة على أولويات المواطن نخرج عن اطار الفعل السياسي.
ألا تعتقد أنّ تحديد موعدا للانتخابات للخروج بالبلاد من المرحلة الانتقالية الى مرحلة بناء المؤسسات السياسية الدائمة مطلبا شعبيّا ايضا وليس فقط مطلب الاحزاب؟
يجب أن يكون هناك تقاطع بين مصالح الشعب وطلبات النخبة. نحن قيّمنا السنة السياسية وتوصلنا الى خلاصة القصور والتقصير وتوقفنا عند فشل الترويكا في المحاسبة وفشل التأسيسي في تناول القضايا الاساسية بالنقاش وفشل المعارضة من خلال دخولها المبكر في الحملات الانتخابية.
هل ما تطلبونه من شروط للمشاركة في الحكومة قابل للتنفيذ بمعنى أن الحكومة ستصلح الأمن والقضاء لاقناعكم بالمشاركة؟
على الاقل الشروع في الاصلاح والقيام بعملية تطهير من ذلك فصل النيابة العمومية عن وزارة العدل. نحن لم نكن مع مطلب حكومة تكنوقراط فعملية الاصلاح، الامن مثلا، ليس عملية يقوم بها تكنوقراط بل هي تتطلب ان يشرف عليها سياسي. اصلاح الامن يتطلب عقيدة جديدة وهيكلة جديدة فماذا سيضيف التكنوقراط لهذا القطاع الذي كان أمن نظام.
ومن يضمن عدم تطويع السياسي لهذا القطاع فيجعل منه أمن نظام متشبع بعقيدة الحزب الذي ينتمي إليه؟وهل تعتقدين أننا نحن في حركة وفاء سنطوّع الامن، في حال حصلنا على الحقيبة الامنية؟هل هناك مقترح في هذا الاتجاه؟ أي هل اقترحوا عليكم وزارة الداخلية؟
لا لم يتم ذلك لكن أردت القول فقط بأن اصلاح الامن يعني الزامه بالخدمة الامنية فحسب حتى يخرج من ثوب التخويف.
ما هو رد عبد الرؤوف العيّادي على القائلين بأنك تحمل رؤية انتقامية تجاه القضاء في حال توليت منصب وزير للعدل؟
كان عندي نشاط حقوقي وكنت أتابع القضاء وأعتبر ان اصلاح القضاء خيار سياسي والقضاء في فلسفته حين تمّت تونسته تم اعتماد نفس الآليات والتنظيم الذي كان زمن الحماية والمتمثلة في تسخير القضاء لخدمة الادارة الاستعمارية. ولأننا دخلنا مرحلة استعمار جديد استخدم بورقيبة القضاء لتصفية اليوسفيين ثم اليسار ثم الاسلاميين ثم استخدمه بن علي لضرب الاسلاميين والسلفيين وبالتالي كان القضاء قضاء نظام وليس قضاء دولة والمطلوب هو تحويل القضاء الى قضاء دولة حتى لا يكون ظلاّ للنظام.
لم تتحدث عن قضاء ما بعد الثورة كيف ترى القضاء عامين بعد سقوط نظام بن علي؟
ما يزال قضاء النظام وآن الأوان لإعادة تنظيم وزارة العدل.
كيف ذلك؟
بحذف خطة الوكيل العام لإدارة المصالح العدلية وفصل النيابة عن وزارة العدل بالإضافة الى تدابير أخرى.
وماذا عن الاتهامات الموجهة إليك حول ما تكنّه للقضاء؟
القضاء عائلتي والرؤية الانتقامية التي يتحدثون عنها روجتها أوساط من المتورطين من داخل القضاء ومن عارضوا حملي لهذه الحقيبة في التوزيع الاول. أنا أحمل رؤية اصلاحية.
تستعد حركة وفاء لتنظيم مؤتمر وطني للمحاسبة يومي 12 و13 جانفي ماهي أهداف هذا المؤتمر وما الذي يمكن أن يصدر عنه؟
المحاسبة تجري وفق خيارات ورؤى مشتركة بين مكونات الطيف المدني والسياسي وهي مهمة تاريخية وسياسية ولأن المحاسبة لم تتم الى حد الآن استشرى الفساد وعاد القمع من بوابة أخرى مثل التعذيب والدكتاتورية مازالت موجودة بقوانينها وسياسة التعتيم تواصلت بالاضافة الى حرق الارشيف هناك مقاومة لكل تغيير واليوم مررنا من الثورة العفوية الى الثورة المنظمة. وفي اعتقادي العدالة الانتقالية آلية من الآليات والمحاسبة انهاء لمنظومة الفساد والاستبداد وبناء من جديد.
من هم شركاؤكم في هذا المؤتمر؟
عدد من الجمعيات ومن الاحزاب السياسية منها أحزاب الترويكا وحزب العمال التونسي. نحن نريد إعادة بناء اقتصاد وطني حقيقي قائم على الانتاج لا على الاستهلاك وبناء قضاء دولة وأمن يخدم الشعب وإعادة بناء القيم والوطنيّة والعدل. وسيتم خلال هذا المؤتمر المصادقة على مشاريع قوانين.
فيما يتعلق بالتحالفات السياسية بين الاحزاب التي تشكلت أو هي بصدد التشكل أيّ التحالفات أقرب الى حركة وفاء؟
نحن أقرب الى الترويكا والى التحالف الديمقراطي وحزب الامان. هذا الائتلاف قد يكون انتخابيا أو قد يكون سياسيا ونحن لا نتحالف مع مجموعة لا تؤمن بالمحاسبة.
نشرتم في الصفحة الرسمية الخاصة بك في الموقع الاجتماعي فايسبوك رسائل تهديد باغتيالك شخصيا من يريد قتلك؟
تيّار العنف. هناك طيف كبير من الناس يخاف المحاسبة. ومن بعثوا الرسائل حاولوا تشويشها بالتوقيعات غير المفهومة لتشتيت الانتباه.
هل تفكر في رفع قضيّة؟
الأمر وارد. أنا لا أخافهم والدليل لم أطلب من وزير الداخلية توفير حماية أمنية لي.يستهزؤون بتصريحات حول نشاط الموساد في تونس وبلغ الامر حد وصفك برأفت الهجان...
(يقاطعني) وقالوا عني غير متوازن وبأنني كنت أعالج في مستشفى الرازي وبأنني شخص مريض ووووو أنا واع بما أقول. وبن علي شخصيا كان عميلا لاسرائيل وقد تم حرق أرشيف العلاقة بينه وبين الموساد يوم 24 جانفي 2011 وذلك بصهره في معمل الفولاذ في بنزرت. هذا الارشيف مأخوذ من أرشيف ياسر عرفات منذ أوت 2010. أنا أعي جيّدا ما أقول وقد اعترفت صحف اسرائيلية بذلك فهي ذكرت مثلا أن الجاسوس الذي تمت محاكمته مؤخرا في الولاياتالمتحدة كان ينشط في تونس كما انني نِبْتُ في ملف القضاء العسكري وأعرف جيدا أن بن علي كان عميلا للموساد.
أنا أرد على المستهزئين بأنهم أطراف شريكة في النظام السابق هناك ملف قضائي فيه شبكة تعاون مع اسرائيل.
كيف هي علاقتك برفيق الامس محمد منصف المرزوقي وهل هناك تقارب بينكما خاصة في اطار التشاور حول توسيع الائتلاف الحاكم بمعنى هل يدعم المرزوقي انضمامك للحكومة؟
كانت بيني وبين المرزوقي علاقة حزبية وهو رفيق درب وأنا التقيته كمدعو ضمن المدعويين سواء في العشاء الذي ينضمه على شرف السياسيين او في الندوات الفكرية عدى ذلك هو لم يدعني بشكل فردي يوما ما.
هل يمكن ل «وفاء» أن تعود الى المؤتمر من أجل الجمهورية؟
لا هذا الامر غير وارد قد يكون بيننا صيغ تعاون فحسب.
ما هي قراءتك لمسودة الدستور؟
هذا الدستور هو ليس دستور حزب. ثمّ إنّ القضّية ليست في كتابة نص فالنص قد يكون حبرا على الورق الامر يتعلّق بدرجة وعي المواطن.
ما هو موقفك تجاه تغييب مرجعيّة كونيّة حقوق الانسان في ديباجة الدستور؟
أنا ضدّ كونيّة حقوق الانسان وشموليتها وان كنت حقوقي. حقوق الانسان يجب مقاربتها بقيمنا وهويتنا هذا معطى يريد الكل انكاره أنا ضدّ الزواج المثلي وضد المساواة في الارث.
وما هو موقفك تجاه عدم التنصيص على عهد تونس للحقوق والحريات كمرجعية في الديباجة؟
نحن لم نوقّع على هذا العهد أولا لأننا ضد كثرة النصوص وهذا افتعال ظلّ في الدولة تماما كما فعل بن علي حين أحدث نصّا أطلق عليه الميثاق الوطني لحقوق الانسان وثانيا لأن العهد يقرّ بالمساواة التامة أي المطلقة بين الجنسين. الديمقراطية حسب اعتقادي لا تبنيها النصوص بل يبنيها وعي المواطن.
كم عدد المنخرطين في حركة وفاء؟
ليس لدي احصاءات.
هل بينكم في وفاء تجمعيين؟
التجمعيون غير مرحب بهم في حركتنا ومن يعرف نفسه مورطا لا يكلف نفسه عناء طرق بابنا.
من هو عبد الرؤوف العيادي محام لدى التعقيب عضو مؤسس للمؤتمر من أجل الجمهورية رئيس سابق لجمعية المحامين الشبان عضو سابق بمجلس الهيئة الوطنية للمحامين كاتب عام سابق للمجلس الوطني للحريات عضو مؤسس لمنظمة حرية وإنصاف عضو بالمكتب التنفيذي لمركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة حكم عليه من طرف محكمة أمن الدولة سنة 1974 من أجل تهم التآمر على أمن الدولة والمس من كرامة رئيس الدولة والاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها، وقضي في شأنه بالسجن مدة 6 أعوام و4 أشهر مع عشرة أعوام مراقبة إدارية ، قضى منها 5 سنوات ونصفا. أسس حركة وفاء ويشغل حاليا رئيسا لهاته الحركة