«الهباطة» هكذا يعرفون... هم فئة قست عليهم الظروف فاضطرتهم الى العمل في الميناء لافراغ شحنات السفن الراسية في ميناء بنزرت رغم أنه عمل شاق ويتطلب عضلات مفتولة وأجساما تقوى على تحمّل ثقل الحمولة. بدا على محياهم علامات التعب والحزن تعب من طول الانتظار على أمل انتهاء المناولة وعلى أمل أن تصبح لهم «شهرية قارة» وحزن لاستغلال حاجتهم للمبلغ الزهيد. «الشروق» حاولت الكشف عن خفايا الألم الدفين عند هؤلاء العاطلين عن العمل فصرخوا في صوت واحد: «نحن نعمل دون عقود ودون راتب قار ولا يوجد من يدافع عنا ونتمنى انتهاء المناولة بالفعل وليس حبرا على الورق».كانت عبرات متتالية اصطحبتها دموع من ضاقوا ذرعا بسياسة التهميش. وفي حديث مع «الكبران» أنور الخليجي عمره 38 سنة يقول: «الهباطة يجتمعون يوميا أمام الميناء وعند قدوم سفينة مشحونة بالحمولة أختار القادرين على حمل أكياس ثقيلة لهذه المهمة وقد أختار شخصا لخياطة أكياس في حالة تمزق أحدها ويبقى الآخرون منتظرين حتى يبتسم لهم الحظ بتمزق كيس آخر مع العلم أن جميعهم حالتهم متردية للغاية» ويؤكد نصر الطرودي عمره 52 سنة أنه يعمل «هباط» منذ كان عمره 18 سنة وأنه طيلة هذه المدة لم تتغير وضعيته وقضى حياته في انتظار المستحيل أما ماهر بو شعيرة عمره 33 سنة فيقول: «نحن بطالة وهذا العمل ليس سوى استغلال لحاجتنا لبعض المال لسد الرمق وإسكات أفواه صغارنا» وعند الحديث عن الأطفال تكلم جويني جيلاني عمره 36 سنة: «لدي طفلان وكثيرا ما أعود خالي الوفاض دون شيء يفرحهما». وأفادنا كريم سعيداني أن حمل الأكياس الثقيلة كثيرا ما يتسبب في إصابات للهباطة لا يتكفل مديرو الميناء بالأضرار الناجمة عنها وهو ما حصل له منذ 7 سنوات. وبعد ساعات من الانتظار توقفت سفينة في الميناء فتقدم الجميع نحو الباب آملين سماع أسمائهم لإنزال الأكياس من السفينة لكن نودي فقط لحوالي 30 شخصا وبقي الآخرون غاضبين من سوء حظهم وراجين لفتة إلى «الهباطة» في ميناء بنزرت مع عدم استغلال حاجتهم للمال».