لا أتحدث لا عن جرحى الانتخابات ولا عن طلباتهم بالتعويض ورد الاعتبار في الانتخابات القادمة، ولا عن القناصة في المعركة الانتخابية ولا عن أجورهم من مال وخرفان ولمجات وقفاف نصف مملوءة بالمقرونة والزيت والسكر والشاي ومعجون الطماطم ورقم التصويت. ولا أتحدث عن جماعة صفر فاصل وزعمهم بأنهم سجناء المجلس التأسيسي ولا عن زعمهم بأنهم يرفضون أن يكونوا شهداء زور ولا عن أجرتهم بالملايين ولا عن الزيادة فيها في هزيع الليل ونحن نيام ولا ندري عن أية شهادة يتقاضون «الدزة» وإن كانوا لا يتحركون الا ب «الدزّان» للعجلة «المفشوشة».
ولا أتحدث عن الغالبين في الانتخابات غلبا ثلاثي الأبعاد ترويكاوي الغنيمة الواسعة ومنع البلاد برمتها ولا عن حرثهم ولا عن زرعهم ولا عن محاصيل زرعهم إن كان صابة قياسية أم «عجرودة» كارثية.
لا أتحدث لا عن هؤلاء ولا أولئك ولا عن أي كان يزعم حمايةتونس وإنما سأتحدث عن تونس في عهد الحماية وعن أولاد «العكري بكري» أيام زمان أيام هبوا تحت شعار حمايتنا. وأذكر من ذرية «فرانسا» المعمرين الذين «أعطاهم الباي حصانا» مصفح الحوافر الأربعة للصك وصكا على بياض، و«كارت بلونش Carte Blanche» ومنحهم مفاتيح السجون يطردون من يشاؤون، ويقصون من يشاؤون، ويسجنون من يريدون ويقربون لهم من دخل بيت الطاعة وانصاع لشريعة «الببّاص».
كانوا يتصدون لكل من اقترب حدود مزارعهم ب «الرش» و«الكرطوش» الحي و«الماتراك» التي كانت لا تلوى في أيادي «خمّاستهم» الذين كانوا أشبه شيء بعسكر زواوة أجرهم قوت تماما ككلاب الحراسة كانوا هم الملوك والرعية عبيدا... وكانوا «لا يشترون العبد الا والعصا معه» وكانوا كلما ارتفع رأس ينشد الحرية احتقروه، وقزموه وقالوا له «من أنت»؟ ومدوا له «اليد الحمراء» تحية وسلاما ويربطون أتباعه في «الفيرمة» مع «الغزيزة» من مواشي العبيد في غياب القضاء وانعدام القانون، ويحجرون عليه السفر من بيته الى بيت أخيه.
كانت الأرض أرضهم والزرع زرعهم والمحاصيل محاصيلهم والعباد عبيدهم وكانت الرعية تعيش على الأعشاب البرية وتقتات «الخبّيزة» في غياب الخبزة ويجدون الرحمة في الخرشف واللتفاف.
هكذا كانت الحماية للبلاد وهكذا كان أولاد «العكري بكري» ولمن ينادي اليوم بحماية الوطن نقول للوطن شعب يحميه ولمن يزعم أن بيده الحماية نقول: «جرّبنا العكري على بكري».