جميلة هي الشعارات التي رفعت في الثورة وكثيرة هي الآمال وأكثر منها وعود أسالت اللعاب ودُفعت نسبة منها على الحساب ... ومرت الشهور فإذا البرق خلّب ومعظم الأحلام سراب ..ولا أتحدث عن وعود تحويل البلد الى جنة فيها العيش يستطاب فتلك أمور لايستطيع تحقيقها الا الخالق الوهاب ، بل الحديث عن أمور حسية اتفق عليها الساسة مع الرعية ...عمادها القطع مع الماضي لحد الزعم بإعادة بناء الدولة بالكامل على العدل والعمران وإعطاء المثل لشعوب الارض بربيعها وخريفها بسيرة ترقى الى سيرة الخلفاء الراشدين. لكن ماذا نجد في بعض من جرد الحساب. والكل مسئولون عنه وان كانت الحمل الأكبر للترويكا. بداية قالوا كلنا شركاء في الوطن وإدارته ثم قالوا بل نحن الأغلبية ولنا وحدنا الشرعية ومن لايعجبه ذلك فليشرب من البحر...وقالوا لامجال للتنكر لمواعيد وعمر التأسيسي عام لا يزيد ثم هددوا بالويل والثبور كل من يقول انتهى العام وكلنا نعرف انهم وضعوا على الرف دستورا اعده كبار رجالات القانون في أيام . وقالوا لامجال بعد الثورة للمحسوبية فرأينا الأهل والمؤلفة قلوبهم يتولون الوظائف والمناصب وقد يكونون جديرين لكن في هذا الظرف لامناص من شبهة المحاباة في التعيين.
...وقالوا للشعب القرار والديمقراطية اختيار ثم جهروا بأنهم باقون على قلوبنا والى ماشاء الله ومستعدون للاستعانة باخوتنا من دول الجوار ومن يفكر في ازاحتهم عن السلطة سيجر البلد الى الفتنة والدمار.. وقالوا توقفوا عن المسيرات وتعطيل سير الحياة واحترموا هيبة الدولة فقاد وزراؤهم المسيرات ...بل دافعوا عمن اعتدى ودمر بوصفهم «اخوة لهم ينشرون الفكر» ..وقالوا التجمعيون سبب البلاء ولن نقبل لهم مشاركة في الحكم وانتقوا منهم من له مال وجاه ...وقالوا القضاء نريده مستقلا فاستقل الوزير بالقرار والتعيين ..والإعلام ملك للشعب وأجهزته واجبة التطهير فجاءوا إليه بمن آنسوا فيه التطبيل ...
باختصار...رتعوا فرتع غيرهم من شعب وأحزاب ...وقديما قال عبد الرحمان بن عوف للفاروق عمر قولته الشهيرة (لو رتعت لرتّعت الرعية) وفي معناه (اذا كان ربّ البيت بالدّفّ ضاربا).