في اطار التظاهرة الثقافية «يوم الامام يحيى بن عمر» نظمت مؤخرا جمعية «الاتحاد الثقافي سيدي يحيى» ندوة حول المعالم الاسلامية بمدينة سوسة قدمها الأستاذ أحمد الباهي. الأستاذ الباهي حرص في نفس الوقت على تبليغ رسالة تنذر بخطر اندثار هذه المعالم في ظل حالة الاهمال والتهميش التي تشهدها.
وتزخر مدينة سوسة بأكثر من ثلاثمائة معلم تاريخي منها 130 معلما دينيا تنقسم مجملها الى معالم عسكرية (برج رشيد، الثكنة العسكرية، القصبة) وادارية (دار الباي، دار الشرع، المارستنات مثل سبيطار السايس..) ودينية جنائزية (المساجد، الزوايا والمقامات..) ومائية (ماجل الصفرة والمسني وحمام الباي...) واقتصادية (الأسواق وعددها 18) وسكنية (دار التريكي، دار الجربوعي وغيرها..).
ولاستعراض هذه المعالم انطلق الأستاذ أحمد الباهي من مراحل تاريخية بدأت بفترة الفتح مرورا بالموحدين والأتراك وصولا الى فترة الاستعمار الفرنسي ثمّن فيها القيمة التاريخية والتراثية لمختلف هذه المعالم والتي وان اندثر البعض منها بسبب الحرب فان ما تعرضت له من انتهاكات (ولاتزال) بمختلف مظاهرها من اهمال وقلة صيانة لا مبرّر له مما يستوجب تضافر مختلف الجهود لحماية ما تبقى منها وحسن استثمارها جهويا ووطنيا ودوليا.
وقد انتظم بالتوازي مع هذه الندوة معرض توثيقي حول تاريخ مدينة سوسة تضمن صورا بريدية ومخطوطات وذلك بقاعة مقر جمعية الاتحاد الثقافي كما تم تكريم المرحوم أحمد القروي وهو من مواليد 1921 امام وخطيب وباحث ومؤلف ومفسر للقرآن خريج جامع الزيتونة ترأس جمعية الاتحاد الثقافي بسوسة سنة 1950 الى أن وافاه الأجل سنة 1996.
وقد خلّف المرحوم احمد القروي انجازات هامة بهذه الجمعية منها بعث مشروع الكتاب المدرسي واصدار مجلة الرباط وتنظيم العديد من الندوات والرحلات والمسابقات الفكرية والتربوية.
أما الشخصية الثانية التي تم تكريمها فهو المرحوم محمد بن البشير بوراوي الذي ولد بسوسة سنة 1903 وكان من أبرز المعلمين في الجهة وكان عضوا ناشطا بالفرع الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل والجمعية الخيرية بسوسة كما ترأس جمعية الشبان المسلمين التي ساهمت في بعث الوعي الوطني والديني لدى الشباب كما بعث الفرع الزيتوني لتعليم البنات ووافاه الأجل سنة 1968.
وكانت البادرة لفتة فريدة من نوعها لتكريم شخصيتين من عشرات الشخصيات الأخرى قدمت للجهة وللوطن ككل خدمات جليلة ولكن على قدر قيمتها الفكرية والاجتماعية لا تزال قيد النسيان والتجاهل.