بعد أن حصدوا الجوائز وكسبوا الملايين في الملاعب الرياضية وعلى المسارح الفنية... رياضيون وفنّانون ومبدعون على كرسيّ السياسة يتنافسون وفي المنابر الحزبية يفقهون... لأنه يرى أنه الأجدر أن يكون وزيرا للرياضة ولأنها تعتقد أن الثقافة لن يخدمها إلا أهلها ولأنهم يؤمنون أن العمل السياسي حق مشروع لا يكتمل إلا بالمبدعين والفنانين والرياضيين لهذه الأسباب وغيرها نجوم الرياضة والفن بالأمس تحوّلوا اليوم الى نجوم السياسة.
شهرة جديدة بنكهة السياسة يتمتّع بها عشرات الرياضيين والفنانين الذين اختاروا أن يغذّوا هذه الظاهرة التي برزت بعد الثورة وأن ينضمّوا الى قائمات حزبيّة أو أن يكونوا مستقلين... «الشروق» حاورت بعضهم فاختلفت آراؤهم وطموحاتهم السياسية. ظاهرة جديدة غذتها الثورة
هي ظاهرة جديدة بدأت بعد ثورة 14 جانفي فمناخ الحريّة والديمقراطية دفع ببعض الشخصيات المعروفة في المجال الثقافي والرياضي الى المشاركة في الحياة الساسية قال عنها البعض إنها ستعطي نكهة للانتخابات القادمة في حين رآها البعض الآخر انتهازية حزبية واستغلال لشعبية بعض الوجوه المعروفة.
الفنانون والرياضيون أيضا اختلفت مواقفهم وآراؤهم حول هذا الموضوع وبين مؤيد ورافض لتسييس المبدعين يقول الشق الأول إن دخولهم معترك السياسة يأتي من باب الغيرة على تونس والحق في ممارسة السياسة لأي مواطن تونسي في حين يرى الشقّ الثاني أن ذلك يعتبر تجنّيا على الثقافة والسياسة معا.
ويدخل ذلك في باب البروباغندا الرخيصة لاستمالة المواطن التونسي البسيط.
حق مشروع
وحسب مختار التليلي الرياضي المنضمّ الى نداء تونس فإن دخوله الى عالم السياسة حق مشروع فهو مواطن قبل أن يكون رياضيّا يقول التليلي «كان باستطاعتي أن أكون رجل سياسة منذ السبعينات لكن الآن فقط تفرّغت وبإمكاني أن أخدم بلدي من موقعي لدي فكرة على تاريخ تونس السياسي وعايشت مراحل من حياة السياسيين على غرار بورقيبة والباهي الأدغم والسبسي والمستيري والحبيب عاشور».
يضيف التليلي «أنا عشت الأزمات التي مرت بها تونس لذلك أرى أنه باستطاعتي الاضافة الى هذا الوطن».
وعن انضمامه الى نداء تونس دون غيره يوضح مختار التليلي لأن هذا الحزب يتماشى وطموحاته ولأن من مبادئه لمّ شمل التونسيين على حدّ تعبيره الى جانب أن خطابه واضح وقائده رمز من رموز تونس وفق تعبيره.
ولئن سمح التليلي لنفسه باقتحام عالم السياسة وهو الذي عرفه الجمهور من خلال الملاعب فإنه يرفض أن يتدخل ساسة اليوم في الرياضة يقول: «لو تدخلت هذه الميليشات في الرياضة يا خيبة المسعى».
التليلي أحقّ بالوزارة
أما عن طموحاته السياسية يضيف مختار التليلي أن تكوينه رياضي فهو يبحث أن يكون مسؤولا في اختصاصه وإذا كان طارق ذياب شغل خطّة وزير يقول التليلي «يعني ذلك أني الأجدر بهذا المنصب».
ومثلما حقق الفوز دائما في الملاعب الرياضية يرى الحارس الدولي السابق شكري الواعر المنضمّ الى الحزب الوطني الحرّ أن السياسة في متناول أي شخص يرى في نفسه القدرة على تقديم الاضافة خاصة إذا ما توفّرت لديه الكفاءة والمسؤولية. «لست دخيلا على السياسة»
ومن الرياضيين أيضا الناشطين في المجال السياسي رئيس نادي حمام الأنف عادل الدعداع ومستشار الشيخ ومهتمّ بالعلاقات العامة على حدّ تعبيره.
ينتمي الى حركة الاتجاه الاسلامي منذ عهد بورقيبة لديه تاريخ سياسي ومن عائلة مناضلة يقول الدعداع «مارست السياسة في أصعب فتراتها واشتغلت في العمل السرّي ولم أكن يوما دخيلا عن هذا المجال». وحول علاقة الرياضة بالسياسة يضيف «مستشار الشيخ» أن السياسي بامكانه أن يضيف الى الرياضة لأنه يملك الحنكة والشجاعة لفرض رأيه.
أما عن طموحاته السياسية فهو يعتبر أن كل المناصب زائلة وما يهمه اليوم إلاّ خدمة الرياضة لأنها تفتقر الى أبسط الضروريات.
والقائمة تطور من الأسماء الرياضية التي اقتحمت عالم السياسة على غرار منجي بحر والمهدي بن غربية وصلاح الدين الزحاف وفوزي البنزرتي ونبيل معلول وغيرهم.
دخول بعض الوجوه الرياضية الى عالم السياسة لم يكن سهلا على أهل السياسة وبعض مناضليها الذين رأوا أن هؤلاءالرياضيين لا يملكون المؤهلات الكافية لخوض هذه التجربة وهم يجهلون هذا الميدان وفاقدون للحنكة والدراية وجسامة المسؤولية على حدّ تعبير محمد عبو في أحد حواراته.فنّانون لكنهم سياسيون
وإن كان عددهم ضعيفا فإن بعض الفنانين اختاروا أن يستغلّوا هذا الحيّز من الحريّة والديمقراطية الذي أفرزته الثورة والدخول في معترك السياسة.
وتقول عضوة المجلس التأسيسي المخرجة سلمى بكّار إن العمل السياسي ليس بالجديد عليها وانما مارسته من خلال أعمالها ومشاركة بكّار في الحياة السياسية انطلقت من تجربتها كمثقّفة وفنّانة لديها رؤية تستطيع من خلالها تقديم الاضافة وإن كانت متواضعة على حدّ تعبيرها.
سلمى بكّار تقول إن آمالها في المستقبل ليست منحصرة في كرسي سياسي وإنما في العودة الى عالم الاخراج السينمائي واستغلال تجربتها السياسية في شريط جديد تسجّل به عودتها من عالم السياسة الى عالم الفن السابع.
الفنان لطفي بوشناق نفى انضمامه الى أي حزب سياسي وفنّد كلّ الشائعات قائلا «أنا فنان وسأبقى حرّا طليقا كطيف النسيم».
أما المسرحي الفاضل الجزيري المنضمّ الى حزب نداء تونس طلب تأجيل الحديث الى ما بعد 14 جانفي من الشهر الجاري لأن أشغاله السياسية تمنعه من ذلك.
ومن الأسماء الفنية الثقافية المتواجدة أيضا في قوائم حزبية الشاعر مراد العمدوني ومغنّي الراب «بسيكوام» وغيرهم ممّن يظهرون في منابر الأحزاب ويشاركون في لقاءاتهم لكنّهم لا يريدون الكشف عن انتماءاتهم الحزبية لغايات في أنفسهم!
وتبقى القائمة قابلة للزيادة ما دامت الأحزاب فاتحة أبوابها لاستقطاب أكثر ما يمكن من الوجوه المعروفة سواء من الثقافة أو من الرياضة.
من المستفيد من الصراع الرياضي والثقافي... إلى حلبة الصراع السياسي ؟
رياضيّون وفنانون في حلبة الصراع السياسي إذا ما تأملنا المشهد الرياضي والثقافي سابقا حينما كان الرياضيون والفنان لا يكترثون بما يدور حولهم من أحداث سياسية ولا تتحرك أجسادهم إلا داخل المستطيل الأخضر ولا تعلو حناجرهم إلا على خشبة المسارح فهل أغواهم سم السياسة أم هي الرغبة في البروز عبر نوافذ غير رياضية وفنية؟ التباعد يبدو كبيرا بين الحقلين خاصة أن لعبة السياسة تفترض تكتيكا مغايرا لذلك المطبق داخل الملاعب وبين جدران المسارح.
فدخول الفنان والرياضي إلى الميدان السياسي في تونس هو أقرب إلى المغامرة غير المحسوبة لأن الشهرة ومحبة الجمهور لبعضهم قد لا تقف حارسا وسدّا منيعا أمام الهجومات والخطط التي يتبعها أهل السياسة في تحقيق أهدافهم من العمل السياسي.
العقل السليم في الجسم السليم هو الشعار الأبرز للممارسة الرياضية غير أن الممارسة السياسية لها قواعد أخرى ومنها المراوغة والكرّ والفرّ مما يجعل المهمة صعبة أمام الرياضيين الذين تنقصهم الدراية بالشأن السياسي وخلفيات الأحداث وتمثلاتها وانعكاساتها.
كما أن في توجه بعض الأحزاب السياسية إلى إستقطاب نجوم الرياضة والثقافة فيه أكثر من مغزى فهم يعوّلون على شعبية هؤلاء من أجل توسيع قاعدة أحزابهم الجماهيرية وكسب التعاطف لأنهم يدركون جيدا أن لنجوم الرياضة والفن تأثيرا واسعا ولديهم في قلوب الناس محبة كبرى فمن الرابح إذن؟! لعل الغاية من هذه التجربة الجديدة التي ستكون على محكّ المحطات الانتخابية القادمة ستتضح أكثر للطرفين.
نجوم هوليود على مسرح السياسة
وإن كانت ظاهرة اقتحام الرياضيين والفنانين عالم السياسة جديدة في تونس فإنها في أمريكا والعالم المتقدم تعدّ من المسائل العادية التي تدخل في إطار الحرية والديمقراطية ومن بين هذه الأسماء الممثل الأمريكي كلينت استوود المنتمي إلى الحزب الجمهوري والمدعم للرئيس أوباما.
ومن نجوم هوليود الناشطين في الحياة السياسية أيضا ليوناردو دي كابريو وروبرت ريدفورد وسامويول ال جاكسون وحاكم كاليفورنيا السينمائي العالمي شوارزينغير.