عندما يسكنك هاجس الخوف من ضياع أو فقدان أو تلف شيء قيم وعزيز عليك فإنك تسعى بكل ما أوتيت من قوة بأن تحافظ عليه، أو أن تنفض عنه غبار النسيان ليبقى خالدا. فالسيد عبد الستار الشواشي أصيل منطقة شواش التابعة لمعتمدية مجاز الباب والتي تبعد عن تونس العاصمة حوالي 75 كلم، لم يكتنز أموالا ولا ذهبا ولا فضة ليتباهى بها بل اكتنز ما هو اكثر قيمة من ذلك، ثروته قطع نحاسية وأدوات فلاحية وأوان فخارية وبلورية وكهربائية عمر أقدمها 200 سنة جمعها بحب وبإخلاص لتصبح ثروة تؤسس لذاكرة غنية ولأجيال متعاقبة السيد عبد الستار الشواشي التقيناه في ملتقى «زيتونة مباركة» وهو يصول ويجول وسط معرضه الفريد متباهيا بتاريخ أجدادنا منذ عصور فأردنا أن نتحدث معه عن شغفه بهذه الهواية فقال: «أنا من مواليد شواش التابعة لمعتمدية مجاز الباب متقاعد من وزارة الفلاحة أمارس هوايتي منذ 15 سنة» وعن سر علاقته بهذه الهواية, قال السيد عبد الستار كان لوالدي الفضل في ذلك فهو الذي علمني هذه الهواية من خلال محافظته على أدواته الفلاحية القديمة (كالمنجل والجاروشة وغيرهما) وبعد وفاته ورثت عنه حب الأصالة والتميز والتراث وكل ما يربطنا بتاريخنا وبأجدادنا» وواصل حديثه عن قطعه الثمينة بحب كفنان أحب معزوفته أو شاعر أحب أبياته الشعرية أو كرسام أحب لوحته فقال ان هذه المنطقة الصغيرة والكبيرة تاريخيا بمخزونها الأثري الهائل هي ملهمتي فحبي لوطني وموطني جعلني أبحث في كل مكان عن كل ما يمكن أن يرسخ تاريخنا في ذاكرة الأجيال القادمة.
فالسيد عبد الستار جمع الآلاف من القطع وصنفها إلى مجموعات، مجموعات الخياطة والنسيج والنجارة والطبخ والإضاءة وأباريق الشاي والقهوة وغيرها، قطع يعود تاريخها إلى 50 سنة أدوات استعملها الأجداد طيلة قرون في المناطق التونسية من الشمال إلى الجنوب يتنقل بين الأسواق الأسبوعية وأسواق الخردوات من تونس إلى بنزرت إلى المهدية ثم باجة وقبلاط ومجاز الباب، ليشتري هذه القطع ويعرضها وقد أحبها كعائلته فحافظ عليها من التلف والضياع حتى تبقى تراثا تتداوله الأجيال القادمة ,و لعل أهم مطلب للسيد عبد الستار هو أن تساعده وزارة الثقافة في إقامة معرض دائم في موطنه الأصلي شاش حتى يبرز الخصوصية الثقافية والتاريخية والسياحية بهذه المنطقة الأثرية من جهة وأن يحافظ على الموروث التاريخي لبلادنا فهل هذا المطلب بكثير على رجل أحب تاريخه وو طنه وتراثه.