قبل 14 جانفي 2011 كان التونسيون على امتداد نصف قرن تقريبا مع أيام احتفالية مشهودة اقترنت ب3 أوت أو 7 نوفمبر أيام تنفق فيها المليارات من مليماتنا التونسية في الأعلام واللافتات والأمسيات الغنائية الراقصة وغيرها من مظاهر التعبير بعنوان الاحتفال كرها وطواعية . ومنذ سنتين سقط السابع من نوفمبر الذي أسقط 3 أوت وحل محلهما 14جانفي الذي تحولت فيه الكلمة من الحكومة والحاكم إلى الشعب ليعبر بالحرية التي دفع دماء أبنائه من أجلها .
يوم أمس كان الموعد مع ثاني 14جانفي في بلادنا أي الذكرى الثانية لثورة الحرية والكرامة .الكل كان ينتظر تلك الأعلام وتلك المظاهر لكن ومنذ الصباح الباكر لا حركة ولا أعلام ولا لافتات تشير إلى اليوم المذكور ولا الاحتفال به. هو يوم عطلة بكل ما تحمله العبارة من تعطل لكل أنواع الحراك والحركة إلا حركة السوق والمقاهي .
مع حوالي التاسعة صباحا ظهرت مضخمات الصوت على مدرج قصر بلدية باجة وبدأ أنصار الجبهة الشعبية بباجة يتجمعون أمام القصر المذكور بعنوان وقفة احتجاجية من تنظيم التنسيقية الجهوية للجبهة الشعبية بباجة العشرات من الجنسين سجلوا حضورهم بأعلام الجبهة ولا فتات تحمل شعارات منها « لا أمريكا لا قطر شعب تونس شعب حر» و«يا مواطن يا مسكين ضحكو عليك باسم الدين» و«الشعب فد فد مالطرابلسية الجدد» خطابات شعبية وأغان للشيخ إمام ومارسال خليفة ...إثر ذلك تحول المحتجون في مسيرة سلمية جابت الشارع الرئيسي وصولا إلى مقر ولاية باجة .
وقد شاركت في هذا التحرك مكونات الجبهة الشعبية وأطراف مستقلة من مكونات المجتمع المدني وجمعية المعطلين عن العمل واتحاد أصحاب الشهادات المعطلين وعدد من نشطاء الجمعيات والمنتمون إلى الحزب الجمهوري وأكدوا أن تحركهم هذا ليس سوى إحياء لذكرى الثورة لا احتفالا بها وذلك لعدم تحقيق الثورة للأهداف والطموحات التي جاءت من أجلها وزج الشعب في متاهات اللااستقرار السياسي والاقتصادي واللاأمن غذائي الذي تجلى في الغلاء المشط للأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للمواطنين وجاء ذلك في بيان أصدرته الجبهة ووزعته على الحاضرين وتلت على مسامعهم ما جاء فيه من جملة الاستياءات المتعددة التي أفرزتها الثورة والتي خيبت آمال الشعب.
ومن خلال دقة الوصف التي رافقت تصويرنا للمشهد فإن قصر بلدية باجة نفهم أنه المشهد الأكثر تميزا بل إنه المشهد الوحيد الملفت للانتباه في الذكرى الثانية لثورة 14 جانفي باعتبار أن البقية كانوا في عطلة ونعني بالبقية سكان ولاية باجة بمعتمدياتها التسع وحتى الحراك الثقافي الذي انطلق منذ أيام ويتواصل إلى يوم 18 جانفي الجاري اختار يوم 14 من نفس الشهر ليأخذ النشاط المسرحي والموسيقي والترفيهي والتنشيطي نصيبا من الراحة ولا ندري إذا كان الأمر عفويا أو بسابق تدبير وعلى سبيل الذكر فإن جمعية الحصاد الثقافي بعمدون رغبت في إحياء الذكرى بنشاط ثقافي بالمعتمدية المذكورة لكن مندبوية الثقافة بباجة لم تؤشر لها في ذلك .
هكذا كانت الاحتفالات بالذكرى الثانية لثورة 14 جانفي بولاية باجة على مستوى المظهر العام للولاية ولا ندري ما يجول بخواطر وبقلوب سكان ذات الولاية في هذا اليوم بالذات .