للمرّة الثانية تعرض الشركة التونسية للملاحة للبيع باخرة «الكاف» وهي ناقلة متخصّصة في شحن البضائع وأساسا الحبوب بعد سقوط الصفقة الأولى في الماء بسبب عدم احترام الاجراءات الأمر الذي كلّف الدولة أكثر من 10 ملايين دينار. وُضعت الباخرة «الكاف» خارج الخدمة في شهر نوفمبر 2012 وإن كان عديد الخبراء الذين تحدثت إليهم «الشروق» أكدوا أن الناقلة لازالت صالحة للاستغلال وخدمة التجارة الخارجية التونسية ولا يلزم الباخرة إلا شيء من الصيانة لتواصل عملها ضمن أسطول الشركة التونسية للملاحة إلا أن المسؤولين قرّروا عرضها للبيع ضمن صفقة عمومية تمّت صياغتها بشكل أثار عديد التساؤلات وانتهت بخسارة تجارية فادحة كلّفت، حسب الخبراء، المجموعة الوطنية أكثر من 10 ملايين دينار بعد أن سقطت هذه الصفقة في الماء جرّاء عدم التزام المشتري الذي رسا عليه العرض بتعهداته والقضية الآن معروضة أمام القضاء.
والحقيقة أن طلب العروض الذي قدمته الشركة التونسية للملاحة طالته العديد من الإخلالات بسبب عدم احترام التراتيب والاجراءات المتبعة والمنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية عدد 3018 لسنة 2009 في علاقة سرية بتقديم العروض وتوفير الضمانات المالية ودراسة الوضع المالي للمشتري.
فتقديم العروض تمّ عن طريق الفاكس والرسائل الالكترونية بالاضافة الى أن الشركة، حسب ما توفر لدينا من معلومات، لم تتفطّن الى عدم وجود الضمان المالي والمقدّر ب10٪ من ثمن الصفقة وبالتالي تركت المشتري في حلّ من كل التزام مالي تجاهها.
وبعد فوات الآجال المحدّدة لإتمام عملية البيع مع المشتري الذي رست عليه الصفقة وضعت الشركة التونسية للملاحة في وضعية المفاوض الضعيف وحاولت مرّات ومرّات إتمام الصفقة إلا أن المشتري لم يف بالتزامه ولم يبق أمام الشركة إلا القضاء لاسترداد حقوقها.
وفي الأثناء كانت الباخرة «الكاف» راسية بورشة مختصّة واقعة بميناء منزل بورقيبة من ولاية بنزرت وهي حكاية أخرى. فبقاء باخرة بحجم الناقلة «الكاف» راسية خلال سنة كاملة في الميناء يكلّف أموالا طائلة زيادة على مصاريف الصيانة والتشغيل والكهرباء والماء وأجور البحارة ويقدّر الخبراء هذه الخسارة بأكثر من ثلاثة ملايين دينار بالاضافة الى الخسائر الأخرى جرّاء عدم استغلال الباخرة في النقل البحري واضطرار الشركة التونسية للملاحة الى إيجار بواخر أخرى لنقل السلع من الموانئ التونسية وإليها.
وعن ثمن الباخرة اليوم وبعد بطلان الصفقة الأولى قال ل«الشروق» أحد الخبراء ان سعرها سينزل حتما أولا لأنها خارج الخدمة وثانيا بسبب كمية ال«فيول» والزيوت الموجودة في خزاناتها والمقدّرة بمليون وثلاثمائة ألف دينار وهو خطأ آخر وقعت فيه الشركة التي طرحت الباخرة للبيع وفي خزاناتها مثل هذه الكمية الهائلة من الوقود وهذا الأمر يمثل عائقا كبيرا وقد يخدم مصلحة المضاربين الأجانب الذين قد يشترطون لشراء الباخرة التفويت في وقود بمثل هذه الكمية مجانا ذلك أن إفراغ ال«فيول» الآن من خزانات الباخرة يعدّ أمرا مستحيلا وغير قانوني بسبب الخوف من تلوّث البحر وصرامة القانون الدولي في هذا المجال.
ويبقى الخوف كل الخوف من أن تلقى الباخرة «الحبيب» مصير الباخرة «الكاف» ذلك أن «الحبيب» هي ناقلة ركاب معروضة بدورها للبيع وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول شفافية الصفقات العمومية وعروض البيع التي تطرحها الشركات الدولية.