لمدينة الحمامات عادات خاصة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تنفرد بها عن باقي جهات الجمهورية مثل إنشاد قصائد «التكابر» كبير إلى جانب أكلتي «المدموجة» و«العصيدة العربي» قبل دخول «عصيدة الزقوقو». أبرز المظاهر الإحتفالية التاريخية والتقليدية بالحمامات تتمثل في استعداد المؤدبين داخل كتاتيبهم لليلة المولد النبوي الشريف فيستقبلون الأطفال وأوليائهم وعائلاتهم وغالبا ما يكون الأطفال حسب ما أفادنا به المؤدب السابق عبد المجيد المنقعي مصحوبين بالتكابر التي تدربوا على انشادها سابقا من أجل حسن تأديتها مضيفا أن تاريخ هذه العادة التي تميز مدينة الحمامات تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر وذلك ببادرة من المؤدب الشيخ الفاسي الذي كون بدوره مجموعة من المؤدبين أمثال والده عمر المنقعي شهر حلوس وعبد السلام كعبار وصالح مسعود... وقد قام بتأليف جل القصائد المدحية الشاعر أحمد القابسي وكانت كل الكتاتيب تستعد وتتنافس بطريقة غير مباشرة من اجل انجاح احتفالاتها ليلة المولد فيجلس الأطفال أمام المؤدب وينتظر كل طفل دوره لإنشاد قصيدته، وحينها يأخذ بقية الأطفال وحتى المؤدب وكل الحاضرين دور «الكورال» بإعادة مطلع كل قصيدة ومن أشهرها «الصلاة على محمد... والسلام على محمد... اللهم صل وسلم... على سيدنا محمد...» وكذلك «قد أشرق البدر المنير... بمولد الهادي البشير» المصحوبة بزغاريد النسوة. ويتكفل الآباء بعملية «الرشقة» وهي التبرع بمقدار مالي كل حسب استطاعته بوضع الورقة او القطع النقدية على عصا منصوبة تسمى «الشمعة» ليتولى المؤدب سحبها ووضعها في كيس بعد نهاية دور الطفل المعني بالأمر وهكذا دواليك إلى أن يفرغ كل الأطفال من قراءة أجزاء معينة من قصائدهم بإيعاز من المؤدب حتى لا تطول السهرة التي تنتهي بإنشاد قصائد «الزرارد» الهزلية التي تعنى بذكر انواع وأصناف كثيرة من الأطعمة مثل قصيدة «استمعوا هذه الأخبار...شكشوكة والفلفل حار...» و«ثبت روحك وتأدب... عصيدة بوك المؤدب» كما يقع اثناء السهرة توزيع بعض الحلويات وماء الزهر.وصباح يوم المولد النبوي الشريف يتواصل الاحتفال بتجمع الأطفال مرة اخرى في الكتّاب قبل القيام بجولة تتواصل بضعة أيام عبر مختلف الأحياء ويتم فيها زيارة المنازل التي تسلمت «التكابر» المؤدب فيستقبله أهل البيت والأطفال الذين يرافقونه بكل حرارة وبزغاريد النسوة وهم يرددون البيت الأكثر شهرة «وهللوا وكبروا تكبيرا... صلوا على محمد كثيرا». ثم يقدمون إلى المؤدب والأطفال بعض الحلويات والأكلات وخاصة منها «المدموجة» التي تعدها جل العائلات الحمامية سابقا ويتم اعدادها من خلال قلي قطع عجين رقيقة قبل دقها بالمهراس وغربلتها أو رحيها ثم خلطها بالسكر المرحي لتوضع في إناء وتغطى بطبقة من السكر المرحي. كما اشتهرت الحمامات كعديد المناطق التونسية بإعداد «العصيدة العربي» المتكونة من الدقيق المطبوخ بالماء قبل إضافة زيت الزيتون والعسل أو السكر المرحي، وبالنسبة إلى عصيدة الزقوقو التي تبوأت المكانة الأولى اليوم فهي من الأكلات الدخيلة على أهالي الحمامات.ويؤكد المؤدب المنقعي أن هذه الأجواء الاحتفالية ليلة المولد قد تراجعت بتراجع دور الكتّاب التقليدي مما دفعه إلى ان يحافظ على هذه العادة دون انقطاع بمسجد سيدي يوسف عوضا عن الكتاب.