وجد كل المتدخّلين في قطاع زيت الزيتون بجهة تبرسق انفسهم عاجزين عن معالجة مسألة نفايات المرجين بطريقة فعّالة ومجدية .. هذه المادة أصبحت تهدّد المائدة المائية وبالتالي حياة السكان.. فهل من حلول؟ اتّسمت المحاولات المعتمدة لمعالجة هذا النوع من النفايات بالارتجال وعدم الجديّة من ذلك اتّخاذ البحيرة الجبليّة المحاذية لمقطع الحجارة كمصبّ للمرجين في مرحلة أولى وهو ما أثّر سلبا على المائدة المائية في كل أرجاء المعتمديّة ومَنْ من الأهالي لا يتذكّر كيف حجّرت وزارة الصّحة شرب مياه العيون الطبيعيّة لمدّة سنوات لخطورتها على صحّة مستعمليها اذ تغيّر طعمها ولونها ورائحتها.
وبعد أن دقت وزارة الصحة ناقوس الخطر تمّ اغلاق هذا المصبّ، ودون دراسة المخاطر والانعكاسات تمّ تحويله في مرحلة ثانيّة الى منطقة فجّ الرّيح قرب غابات عين جمّالة وهو ما أّثّر سلبا كالعادة على المائدة المائية. وعوض مطالبة الدّولة بانشاء مصب مراقب أو إحداث وحدة لمعالجة هذه النّفايات عمدت الجهات المسؤولة الى أيسر الحلول وذلك بحفر خمسة أحواض امتدّت على مساحة ثلاثة هكتارات تمّ اقتطاعها من أخصب الأراضي بمنطقة فدان السّوق لتحويلها الى مصبّ غير مراقب كسابقيْهِ سنة 2010. علما أنّ هذا المصبّ الجديد لا يبعد سوى بضعة أمتار عن المدرسة الابتدائية عين بن شبل وقرية فدّان السوق المذكورة وقد كان مصدرا لتشكّي وتذمّر التلاميذ والمربين والأهالي على حدّ سواء.
وفي هذه الحالة أصبحت تبرسق محاطة بمثلّث مصبّات المرجين، المادّة السّامة والملوّثة ذات الحموضة المرتفعة والرّائحة القويّة علما أنّ المشرّع التونسي حجّر اتلاف هذه المادّة في الأودية والبرك المائيّة كالبحيرات وغيرها كما منع تصريفها عبر قنوات الصّرف وذلك لخطورتها على صحّة السّكان.
ولتجاوز كل المخاطر التي يمكن أن يتسبّب فيها المرجين يمكن الاستئناس ببرنامج التصرّف في هذه المادة الذي ضبطته الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات والذي يعود لسنة 2009 حيث تمّ اقرار رشّ مادة المرجين الطريّة على الأراضي الفلاحيّة الدّولية بمقدار 50 م3 في الهكتار وبالتداول كل سنتين واستغلالها كسماد للرّفع في المردوديّة وتحسين الخاصيّات الكيميائية والفيزيائية للتّربة. كما يمكن رسكلة مادة المرجين واستغلالها في توليد الطّاقة الحراريّة والكهربائيّة .
وهكذا يبدو أنّ المرجين يمكن تثمينه ليتحوّل من مادّة سامّة وخطرة تتهدّد صحّة السّكان الى مصدر للثّروة في صورة رسكلته أو اعتماده كسماد وتظلّ هذه المقترحات رهينة تدخّل جدّي من قبل الأطراف المسؤولة كأصحاب المعاصر ووزارة الفلاحة ووزارة البيئة ووزارة الصّناعة.