عندما يحذّر وزير الدفاع المصري من خطر انهيار الدولة نتيجة تواصل الاحتقان والتجاذبات بين طرفي الأزمة التي تعصف بمصر، فإن الرجل لم يطلق تحذيره من باب التسلّي او لمجرّد الادلاء بدلوه في ما تشهده البلاد أو بنية توجيه الأحداث او التأثير فيها... فالرجل يملك من الحسّ الوطني ومن الإدراك الجيد والعميق لظاهر الأمور وبواطنها والى حاضرها ومآلاتها ما يخوّله لدق ناقوس الخطر.. قبل فوات الأوان. واضح أن جمهورية مصر العربية تمرّ منذ فترة ببركان سياسي بدأت حممه تتصاعد بوتائر محيّرة.. وبدأت شظاياه تتناثر مهددة بإحراق كل شيء.. بدءا بطرفي الصراع وانتهاء بوحدة مصر وفق تحذير وزير الدفاع المصري.. اي وفق تحذير المؤسسة العسكرية التي تملك من الأدوات والأجهزة والكفاءات والامكانات والتقاليد وهي التي حكمت (وتحكم) مصر منذ عقود، ما يجعلها لا تنطق عن الهوى...
البركان السياسي بدأ بصعود الاخوان المسلمين الى دفة الحكم.. وباندفاع الرئيس مرسي نحو الاستئثار بكل مقاليد السلطة.. وقد تمثل ذلك في إقدامه على تحجيم دور المؤسسة العسكرية التي تملك الخبرة والتقاليد والكفاءة في تسيير أمور البلاد وهو ما أجبر المشير طنطاوي على الرحيل ومعه قادة كبار لأهم الأجهزة.. كما تمثل في انحيازه أثناء صياغة الدستور الى الشق الاسلامي ما أجبر الفرقاء الآخرين على الانسحاب..
وجعل البلاد تفرز دستورا لشق من المصريين وليس لكل المصريين... وهذا المعطى وذاك عمّقا الانقسام داخل المجتمع المصري وجعلا الرئيس مرسي يظهر يوما بعد آخر وكأنه رئيس لفريق من المصريين وليس رئيسا لمصر.
هذا الانقسام ألقى بظلاله على الطبقة السياسية وداخل الشعب المصري.. لتأخذ الأمور منعرجا خطيرا بدأ ينذر بضمور دور مؤسسات الدولة ويهدد بانهيارها لو وصلت الأمور (لا قدّر ا&) الى نقطة اللاعودة.. ولو لم يقتنع الرئيس مرسي بضرورة التنبّه الى أنه رئيس لكل المصريين وانه بالتالي مطالب بالسعي الى مصالحة وطنية فورية تنزع فتيل الاحتقان وتحفظ البلاد من زلازل قادمة لو تواصل الانقسام وتعمقت التجاذبات.
ولا نعتقد ان الرئيس لا يقدّر هذه المخاطر حق قدرها.. او يجهل طبيعة وحقيقة المخاطر المحدقة بمصر وبالمنطقة العربية برمتها والتي تندرج في إطار ترتيبات جيوستراتيجية.. لنا معها وقفة أخرى.