هي أكداس كثيرة من أكياس الزيتون تنتظر دورها أيّاما وأسابيع طويلة لقلّة عدد المعاصر بمطماطة حيث نجد 3 معاصر شبه عصرية بمطماطةالجديدة طاقة استيعابها محدودة ومعصرة تقليدية بكلّ قرية. زرت احداها وشاهدت أكوام الأكياس في بهو المعصرة وتابعت مراحل عصر الزيتون وما يبذله العمّال من جهد مضن لارضاء الفلاحين والتعجيل بعصر منتوجهم في أقرب الآجال وتبادلت الحديث مع شكري بن رمضان رئيس العمال الذي أكّد أن نشاطهم موسمي يبدأ عادة في بداية نوفمبر وينتهي في أواخر فيفري ثمّ تحدّثت مع صاحب المعصرة السّيد زياد الصويعي الذي أشار إلى الصّعوبات التي يتعرّض لها خاصّة في توفير اليد العاملة ذات التجربة والكفاءة وفقدان قطع الغيار بالجهة. أمّا عن تفسيره لكثرة الأكوام فيعود حسب رأيه لما تتمتّع به معصرته من ثقة لدى الفلاحين ووفرة المنتوج هذا العام باعتبار أنّ السّنة الماضية شهدت نزول كميات هامّة من الأمطار رغم أن نسبة صابة الزيتون بمنطقة مطماطة لا تتجاوز 2 بالمائة من المنتوج الوطني.. يقول شكري أنّ بمطماطة زيتون ساحلي وشملالي مردوده بين 15 و20 لترا للقنطار بينما يعطي القنطار من زيتون الزرّازي بين 27 و35 لترا وتصل حتى 40 لترا في بعض السّنوات الخصبة وهي نسبة مرتفعة جدا لا يوفرها أي نوع من أنواع الزيتون ببلادنا فيتمّ طحنها ثمّ عصرها لتخرج قطرات زيت تتالى وتتكاثر لتملأ أحواضا من الزّيت المصفى أشبه بالشهد، زيت يشفي العليل ويقوي الضعيف ويحمي من الأمراض ويغذي العظام والمفاصل ويخفّف من نزلة البرد. ..الزيتون الجبلي بالسلسلة الجبلية بمطماطة يُجمع أهل الاختصاص والباحثين على أنه من أرقى أنواع الزيوت في تونس وفي العالم حيث يختصّ بانخفاض نسبة حموضته دون0.8 ممّا يصنّفه مع الزيوت ذات الجودة العالية جدّا كذلك إلى انعدام الكولسترول به بالاضافة إلى وظائفه الغذائية والوقائية خاصّة الدّور الهام الذي يلعبه في تقوية العظام وتجنب هشاشتها ويحدّ من الاصابات بالكسور ويحمي من الكساح وشلل الأطفال وقد أثبتت الدّراسات التي قام بها مختصّون تونسيون وفرنسيون في بداية التسعينات أنّ زيت الزيتون الجبلي البيولوجي بالجنوب التونسي وتحديدا بمطماطة من أنفع أنواع الزيوت لصحّة الانسان وخاصّة في المحافظة على العظام..ومن الذاكرة الشعبية نستحضر قصّة شيخ من جهة مطماطة اُضطرّ لاجراء عملية جراحية لاستئصال المرّارة فاحتار الطبيب المبنّج في أمره حيث لم يتفاعل مع البنج فطلب من الطبيب اجراء العملية دون الحاجة لاستعمال البنج فسأله عن غذائه ؟ فردّ الشيخ بأنّ هذه المرّة الأولى التي يدخل فيها مستشفى لأنّه يتغذي يوميا على التين المجفّف مغموسا في زيت الزيتون وأجريت له العملية دون تبنيج... فكلّ هذه الخصائص تجعل تجّار الزيتون يتهافتون على شرائه وبأثمان مرتفعة تفوق 100 دينار للقنطار وذلك من أجل خلطه بالزيتون السّاحلي المعروف بارتفاع حموضته نسبيا وذلك لتسهيل عملية تسويقه محليا وخارجيا كما تفوق اللتر الواحدة 4 دنانير لزيت الشملالي بينما تصل إلى 5 دنانير بالنسبة لزيت الزرّازي .