هو مهندس في الكهرباء بالأساس، لكن هواياته في الانغماس في الكتب حوّلته إلى «مرجع» في الثقافة والأدب والطب والفقه وغيرها من العلوم التي اكتسبها من خلال مطالعاته لمكتبته الخاصة التي تضمّ 45 ألف عنوانا تجمع بين الموسوعات والمعاجم والمجلدات والمخطوطات ودواوين الشعر.. هذه المكتبة العائلية الضخمة وحسب ما أفادنا به صاحبها تضم مخطوطات في الطب وعلوم القرآن والتفسير والحديث يعود بعضها إلى قرون خلت، لكن منزل المهندس منصف قطاطة لم يعد قادرا على استيعابها مما اضطرّه في الفترة الأخيرة الى جمعها في «كرادن» وأكياس بلاستيكية لا تليق بقيمتها العلمية والمعرفية والثقافية وقد تتسبب في تلفها ولن يستفيد منها التلاميذ والطلاب والدارسين لا اليوم ولاحقا.. وخوفا عليها، وبحسّ مدني وثقافي مرهفين، وإيمانا منه بأهمية الكتاب زارنا المهندس قطاطة في مقر «دار الأنوار» بصفاقس ليعرض مجانا عن طريق صحيفتنا «الشروق» مكتبته إلى الجهات الثقافية المسؤولة بالجهة وهي المكتبة التي جمعها من خلال سفراته المتعددة الى فرنسا وهولندا وألمانيا وايطاليا وعديد الدول العربية.. المهندس منصف يرفض بيعها والانتفاع بأموالها لأن الكتاب عنده أنفع، لذلك عرض منذ فترة مكتبته من خلال العديد من المطالب بعضها شفوي والبعض الآخر كتابي لكنه لم يتلقّ بعد الرد عليها (!) فاتجه إلينا ليعرض مجددا مكتبته القيمة على العموم مشترطا فقط فضاء يستوعب ال 45 ألف كتاب على أن يتكفل هو بمصاريف الصيانة والتنظيم والأرشفة وآليات حفظ الكتب والمخطوطات من التلف من خلال استراتيجية اقتصادية رآها صالحة وممكنة ولا تكلف الجهات المسؤولة شيئا حسب تعبيره. وفي توضيحه للطريقة التي تمكن العموم من الاستفادة من مكتبته الخاصة، يقول صاحب أكبر مكتبة عائلية بصفاقس السيد منصف قطاطة أن المصادر النفيسة والمخطوطات القيمة التي تتضمنها مكتبته النادرة ستجلب الطلبة والدارسين التلاميذ والمربيين والأولياء على حدّ السواء إن هي وضعت في رفوف فضاء يجمع تحت سقفه بعض النوادي الترفيهية للأطفال والعائلات التي تضمن بدورها نفقات المكتبة العمومية سواء من خلال بعض الاشتراكات الرمزية أو مداخيل ألعاب الكمبيوتر والانترنات و»المقهى الثقافي». ويقترح السيد منصف قطاطة فضاء «روضة الزيتونة» الواقع بصفاقس وهو فضاء عمومي مغلق منذ سنوات وبإمكان الجهات الثقافية المسؤولة حسب قوله أن تبعث فيه الحياة وتحوله الى مكتبة متطورة يؤمّها أهالي الجهة ومتساكنيها على اختلاف أعمارهم وتوجهاتهم واختصاصاتهم العلمية والمعرفية والثقافية.. لكن السؤال المطروح : هل تتحرّك الجهات الثقافية بصفاقس وتتبنّى هذا المشروع «التضامني المعرفي» أم أن صاحبها لن يتلقى الردّ مرّة أخرى ليحرم الأهالي من عصارة أذهان المفكرين والأدباء والعلماء والشعراء الذين وقّعوا هذه الكتب القيمة؟