على إثر حادثة اغتيال شكري بلعيد يعود الهاجس الأمني ليطفو من جديد على الساحة الوطنية لكن بأكثر حدة على المواطن ورجل السياسة وكذلك المحلات المتضررة من الإنفلاتات الأمنية. اليوم جنازة الفقيد شكري بلعيد بمقبرة الجلاز بالعاصمة وما يمكن أن يؤدي إلى حالة من الاحتقان واليوم كذلك هو يوم الجمعة الذي اقترن بعد الثورة بالاحتجاجات والتظاهرات والعنف وهذان الحدثان كفيلان بشعور المواطنين واصحاب المحلات التجارية بالخوف لا سيما بعد تداول خبر انسحاب الأمن مساء اول امس من بعض الجهات المحتقنة ومنها العاصمة وتدخل الجيش ودفع الأمن إلى أخذ الاحتياطات اللاّزمنة وتواصل المظاهرات يوم أمس والتجمعات التي شهدتها منطقة جبل الجلود. الخوف...
شبكات التواصل الإجتماعي أشارت مساء أول أمس إلى أن الأمن انسحب في بعض الجهات وهي سيدي بوزيد وقفصة والكاف وسليانة وجندوبة وتمركز الجيش الوطني لحماية المواطنين والمنشآت .
ومعلوم أن مثل هذه الأخبار تزيد في تفشي هاجس الخوف من الانفلاتات الممكن وقوعها في ظل انعدام وجود الأمن مع الإشارة إلى أن حادثة الاغتيال السياسي التي لم يتوقع الكثيرون حدوثها والتي كشفت عن وجود السلاح لدى مواطنين تعودوا طيلة أكثر من 50 سنة من الإستقلال رؤيتها فقط لدى رجال الأمن أو يشاهدونها في المسلسلات والأفلام .
وللبحث عن مدى صحة ماتم تداوله حول انسحاب الأمن ودخول الجيش لاسيما بعد ان شاهدنا في نشرة اخبار الثامنة حالة استنفار في مستوى الرئاسة ودعوة لممثلين عن الأمن وقائد جيوش الأركان الثلاث رشيد عمار .
مصدر من الداخلية نفى الانسحاب الأمني من أي جهة وعلى العكس قام جهاز الأمن بدوره في تفرقة المتظاهرين بالشوارع الكبرى للعاصمة شارع باريس وشارع فرنسا و»الباساج» وشارل ديغول وكذلك نهج الجزيرة
وأوضح أن الجيش قام بدوره لحماية المنشآت العمومية وعاد لحماية الأماكن التي انسحب منها مؤخرا بعد عودة الهدوء . وعن الاحتياطات المزمع اتخاذها قال سوف يكون الأمن في الموعد كالعادة لحماية المواطنين وإن فرض الوضع الإستعانة بالجيش فلن يتوانوا عن طلب ذلك وسألنا الأزهر العكرمي مسؤول سابق بوزارة الداخلية مكلف بإصلاح المنظومة الأمنية عن تجاوز الهاجس الأمني بعد حادثة اغتيال شكري بلعيد صباحا وموت عون الأمن مساء فأفاد أنه لابد من إرادة سياسية واضحة حتى يقوم الأمن بعمله في إطار القانون ويكون محميا بالقانون .
ورأى أن الإرادة السياسية تأتي من وزير داخلية محايد هاجسه خدمة أمن الناس لأن الحياد يجعل الناس ينظرون إلى وزارة الداخلية على أنها وزارة كل التونسيين وليس من منظور الغنيمة . وأشار إلى ظهور أجهزة أمن موازية متسائلا من يتحمل مسؤولية هذه الأجهزة
سيناريو الجيش
كلما احتدت حالة الاحتقان بالبلاد وعمت المظاهرات عديد الجهات تفشت احداث الحرق والنهب وتصادمت الآراء واختلفت وجهات نظر السياسيين يذهب المواطن إلى التفكير في تدخل الجيش الوطني وتوليه الحكم .
وأخذنا هذه الهواجس للعقيد محسن الكعبي كاتب عام جمعية إنصاف قدماء العسكريين قال :«أطمئن الرأي العام أن المؤسسة العسكرية هي على مسافة واحدة من كافة الأحزاب وكل الإيديولوجيات والتيارات السياسية» .
وأضاف أن جيشنا معروف عبر تاريخه المجيد وانه يتدخل دائما عند الأزمات سواء في الكوارث الطبيعية او الأزمات السياسية ويقوم بدوره في الزمان والمكان المحددين خاصة في حفظ الأمن ومعاضدة الأمن الداخلي ثم يعود إلى تنفيذ مهمته الرئيسية لحماية الوطن من كل تهديد خارجي وكما يقول المثل العظماء يعرفون في الشدائد وجيشنا الوطني عبر تاريخه كان عظيما ولا يزال وهو الذي يلتزم التزاما تاما بمبادئ الجمهورية والدفاع عن حوزة الوطن وشعاره كذلك على الدوام الجيش والشعب يد واحدة وهذا ما سجلناه إبان ثورة الحرية والكرامة عندما اصطف الجيش الوطني مع المتظاهرين ولم يستسهل الزناد لقمع الثورة المباركة .
وحول دوره في مثل هذه الأزمات أفاد أن الجيش الوطني درع للوطن يحميه اثناء المحن واليوم جيشنا الوطني يقوم بدور تاريخي في حماية اهداف الثورة ويساند مجهودات الدولة في الحفاظ على مؤسساتها وليس على استعداد لحماية أي نظام مهما كان لونه لأن الأنظمة تأتي وتروح ولا تبقى إلا الدولة والشعب .
و الجيش منذ اندلاع الثورة وهو في حالة طوارئ ولا يزال حتى يتم القطع النهائي مع منظومة الاستبداد وتنتقل البلاد من مرحلة انتقالية حساسة إلى مرحلة ديمقراطية يتأسس من خلالها الدستور وتعاد فيها هيكلة المؤسسات وتتوفر الشرعية.
وقال ماحدث هو توزيع أدوار بين قوات الأمن الداخلي والجيش الوطني وهو معاضدة للأمن وليست هناك نية لافتكاك الحكم أو أي شيء آخر. وعن قراءته لحالة الاستنفار التي بدا عليها المرزوقي ليلة اغتيال شكري بلعيد افاد ان المرزوقي هو القائد العام للقوات المسلحة بما فيها الجيش والأمن الداخلي لذلك ضروري أن يكونوا متواجدين في المجلس الوزاري الموسع ووزير الدفاع يحمل معه رئيس أركان الجيوش الثلاث لتحديد استراتيجيات الحماية.