حداد على اغتيال الاستاذ شكري بلعيد أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي في ائتلاف الجبهة الشعبية قررت عديد المؤسسات الثقافية إيقاف أنشطتها وتأجيلها الى موعد لاحق. «كم من جرعة ألم سيتحمّل هذا الوطن»؟ قالها أول أمس صاحب «السلوان» اثر اغتيال المناضل السياسي والحقوقي شكري بلعيد، وما كاد ينهي تساؤله المعبّر عن حسرته، حتى غطى «الأكريموجان» سماء شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة وضواحيه فإذا بالحزن يغطي العاصمة ويعطل سير الحياة العادية فيها... أول أمس أصاب رصاص وطني مناضلا وطنيا.. أول أمس أصابت حجارة وطنية، رجل أمن بهذا الوطن... الخوف عاد مجددا ليخيّم على التونسيين... فهذه المرة إراقة الدم شرّعت والجناة لازالوا يتجوّلون ويرتعون بهذا الوطن.
بالأمس القريب (يوم غرة فيفري) انطلقت بالمسرح البلدي بالعاصمة بالمسرحيين البلديين بسوسة وصفاقس فعاليات الدورة السابعة لمهرجان الضحك لتتوقف أمس الأول والى أجل غير معلوم، وتعلن شأنها شأن عديد الأنشطة الثقافية الملغاة او المؤجلة على غرار ندوة «رابطة تونس للثقافة والتعدد وحفل توقيع وكتاب «كان يا مكان مجلس وطني تأسيسي للصحفية الشابة نهى بلعيد حداد الثقافة على مناضل سياسي وحقوقي ومثقف وطني أعطى من الحب الكثير لهذا الوطن العزيز.
صحيح ان الفقيد عرف بنضاله السياسي وبنشاطه كحقوقي ومؤخرا كقيادي في حركة الجبهة الشعبية، الا ان ما لا يعرفه الكثيرون هو ثقافة شكري بلعيد وعشقه للأدب والشعر والفنون، وأغلب التونسيين حتما تذكّروا رنين صوته وهو يردّد كلمات الأغنية الشهيرة للفنان العراقي ناظم الغزالي على قناة التونسية، «حيّاك بابا حيّاك... ألف رحمة لبيّك». وحتما سيكتشف القارئ التونسي شاعرا إن طبعت دواوينه وكتبه مستقبلا وهو الذي صرّح لصديقه الكاتب الحرّ سليم دولة ذات مفاكهة بينهما على حد تعبير صاحب «الجراحات والمدارات» قائلا: «بعد موتي سيُعرف شعري». اليوم وقد قتل المجرم شكري بلعيد المناضل السياسي، هل باستطاعته قتل الشاعر الذي أنبت دمه شعرا رغم الداء والأعداء.
ورغم الحسرة والأسى ودموع الأحبة والأصدقاء فإن المجرم بفعلته الدنيئة هذه وبإهداره لدم الفقيد شكري بلعيد قد سجل اسمه بمكتوب دموي على صفحات تاريخ هذا الوطن، ولن يتسنى له منع قرائح الشعراء لتخلّد اسم هذا المناضل والبداية كانت بالتأبين واليوم سينقل الفقيد الى مثواه الأخير بالزغاريد والدعاء والقرآن والشعر أيضا، حيث أهدى الشاعر الغنائي بشير اللقاني الى روح الفقيد هذه القصيدة لتصحبه في جنازته وفيها يقول: «مهما منّك سالْ الدّمْ مهما الغدر عليك حكُمْ مهما الروح منّك تروحْ تبقى روحك في العلمْ وتونس للتاريخ تبوحْ: شكري ولدي وأنا الأمْ نام يا شكري في ترابي ومن دمّك داويلي عذابي منقوش اسمك في كتابي دمّك سالْ موش عدمْ