يبدو ان هناك المزيد من التكتيكات والمناورات السياسية في علاقة بالتشكيلة الحكومية المرتقبة، حزب المؤتمر وبعد ان اعلن اول امس عن قرار استقالة وزرائه الحاليين عاد امس لاتخاذ موقف آخر مغاير. أعلن الامين العام لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية محمد عبو امس في ندوة صحفية تجميد حزبه لقرار الانسحاب من الترويكا على خلفية تعنت حركة النهضة في مفاوضات التحوير الوزاري، مشيرا الى ان قرارا التجميد جاء على خلفية مبادرة الجبالي ومقتل المناضل شكري بلعيد وتراجع الطرف الاغلبي ولو بعد الآجال التي حددها المجلس الوطني للحزب.
وقال عبو ان حزب المؤتمر لم يطرح مطالب حزبية ضيقة طيلة المشاورات حول التحوير الوزاري وانه لم يطالب بأي منصب واقتصرت مطالبه على تشريكه في القرارات والتسميات والدفع نحو تعيين الكفاءات الى ان جاءت ازمة شهر اكتوبر التي عادت فيها اللحمة بين مكونات الترويكا لكن المشاورات حصلت مرة واحدة حسب قوله. استجابة بعد المهلة
وفي تلك المشاورات اقترح الحزب فتح ملفات الفساد بشكل جدي واعتبر ان الفساد الذي حصل بعد 14 جانفي 2011 والذي تواصل الى اليوم حسب رأيه طبعا الى جانب حالة الإنخرام الامني تتطلب تطوير اجهزة الرقابة وفرض القانون على الجميع «لم ندافع عن اي شخص خرق القانون».
وتابع «حينها لم يكن جواب النهضة متماش مع مطالبنا وقالوا ان موضوع انسلاخنا يشمل رئاسة الجمهورية واتجهوا الى التصعيد بالرغم من ان رئيس الجمهورية كان يبحث عن التماسك داخل الترويكا وحينها اتخذ المجلس الوطني للحزب قرار البقاء بشروط وهي فتح ملفات الفساد وتطوير الرقابة وابعاد رموز الفساد من مواطن القرار في المؤسسات الاعلامية العمومية وتشريكنا في اتخاذ القرارات».
وجاءت بعد ذلك أحداث سليانة التي عطلت حسب الامين العام لحزب المؤتمر المفاوضات الى ان اصبح التفاوض يشمل أطرافا اخرى من خارج الترويكا مشيرا الى ان المؤتمر كان الى جانب حركة النهضة في رفضها لشرط التحاق نداء تونس مقابل التحاق اطراف اخرى فيما اقترح الحزب تحييد وزارات السيادة حتى وصلت النقاشات الى رفض حركة النهضة لتغيير وزيري العدل والخارجية.
وهنا اكد محمد عبو ان المؤتمر لم يطالب بتلك الوزارات التي طالب بتغييرها «عكس ما روجت له النهضة، الى ان وصلنا في المجلس الوطني الاخير الى قرار الانسحاب من الترويكا في ظرف أسبوع اذا لم تستجب حركة النهضة الى مطالبنا».
واضاف: «على كل حركة النهضة لم تلتزم اطلاقا بالاستجابة وبعدها حصلت احداث جريمة شنعاء في حق شكري بلعيد وهو اغتيال سياسي من نوع خاص وكانت هناك رغبة لاستغلال القضية ضد الحكومة وقد تعودنا بذلك وبالمطالبة بإسقاط الحكومة لكن لحسن الحظ ان من يحكم لا يمكن ان يرتكب مثل هذه الاخطاء ومعرفة الجناة في اقرب وقت ممكن ستحول دون ان نشهد سيناريو الجزائر في التسعينات كما انه وقعت جريمة اخرى راح ضحيتها عون امن وكل هذا يستوجب تطبيق القانون». وتابع: «انتهى اجل الاسبوع الذي حدده المجلس الوطني ثم اعلن الجبالي عن مبادرته وكنا قبل عشرة ايام قدمنا اقتراحا مماثلا وهو ان تشكل حكومة ويتم عرضها على المجلس التأسيسي لكن لم تطرح مسألة التكنوقراط». تتبع من ارادوا تدخل الجيش
وفي تعليقه عن ابتعاد رئيس الحكومة عن كل ما هو مصلحة حزبية او قرارات حزبية قال «هو تجاوز حزبه وهذا ايجابي وكان قراره تاريخيا بان يتمايز عن الحزب ... مشكلتنا هي انه عندما يتحدث عن تلك الحكومة لا نستغرب عودة رموز النظام الساق عبر هذه الحكومة والازمة لا يمكن ان نحكمها بالتكنوقراط ولا يمكن ان نقدم هذه المسألة للتونسيين كحل سحري».
وأشار عبو الى انه «هناك تصور هو أن ابعاد النهضة عن الحكم سيرضي المعارضة وهذا خطأ فقبل الانتخابات الباجي نفسه كان تكنوقراط لكنه كان ايضا عرضة للمؤامرات من عديد الاطراف ومن قال ان حكومة التكنوقراط ستنجح فهو مخطئ ونحن ندفع نحو الالتزام بالشرعية مهما كان الحال».
واوضح قائلا «كما ان الجبالي لديه بعض التكنوقراط الذين يستشيرهم وهم السبب في الأخطاء وكل العراقيل كانت تأتي منهم مقابل بعض العراقيل من السياسيين ويجب ان يتم ابعادهم».
وقال عبو ان حزب المؤتمر وامام تعنت النهضة راسل رئيس الحكومة واعلمه بانسحابه وقد تسلم عبو كذلك استقالات وزراء حزبه وكان سيسلمها امس الى الجبالي لكن سبق ذلك استدعاء حركة النهضة له والتزامها بتنفيذ كل مطالب المؤتمر مشيرا الى ان الاشكال يكمن في ان دعوة النهضة جاءت بعد انتهاء الاجل الذي حدده المجلس الوطني «كما ان التكتل صعد مطالبه وهو حر لكننا لا نريد ان نستغل الموقف كما ان ذلك يتوقف على نتائج اللقاء بين النهضة وكتلة حركة وفاء والتي ربما تكون جزءا من الحكومة».
وبالتالي اعلن الامين العام للمؤتمر ان المكتب السياسي قرر تجميد قرار تجميد وزرائه في الحكومة مدة اسبوع آخر على ان تفي النهضة بوعدها بتلبية كل مطالبه خلال اليومين المقبلين.
وحول الضمانات التي تسلمها المؤتمر من النهضة حتى لا تتراجع مرة اخرى عن وعودها له قال عبو «في السياسة يصعب وجود ضمانات لكن هناك وثيقة ستمضى بيننا وتتضمن برنامجا نتفق عليه» وبالنسبة لإمكانية اقالة رئيس الحكومة لكل الوزراء خلال اليومين القادمين قال «من صلاحيات رئيس الحكومة اقالة اي وزير ونحن مع احترام الشرعية لكن ما نرفضه هو انه هناك تأويلا وصل اليه حول كيفية تنصيب الحكومة الجديدة والذي يقول انه يمكنه عدم الذهاب الى التأسيسي وقد بلغناه راينا وقد اقنعناه بانه عليه عرض حكومته على المجلس في كل الحالات وقد اقتنع».
وفي اتجاه آخر أعلن عبو أن كل الأشخاص الذين دعوا مؤخرا إلى تدخل الجيش الوطني في الشؤون السياسية للبلاد سيقع تتبعهم قضائيا، معتبرا أن «هؤلاء الأشخاص هم فئة صغيرة وليس لهم وزن في الشارع وهو ما يسبب لهم مشكلا».