عديدة هي المظاهر التي ما فتأت تتفاقم يوما بعد يوم والتي يجب تسليط الضوء عليها كي لا تمخر عباب القيم ومن أخطرها ظاهرة غذتها الأوضاع الراهنة في البلاد التونسية ألا وهي انتشار السحر والشعوذة والدجل. عرافون دجالون مشعوذون هي أسماء متداولة في الوسط الشعبي وهي أشهر من نار على علم فهي تطلق على أشخاص تزداد شعبيتهم فكل واحد منهم يتبجّح بقواه الخارقة على معرفة المستقبل وإزالة «التابعة والتعرقيل والسحر» وجلب الحظ ومعالجة أمراض مستعصية فينفق الناس ببذخ عليهم لقضاء مآرب وهمية خيلت لهم حقيقية خاصة أمام ما يحدث في البلاد هذه الأيام من أزمات مثلت أرضية خصبة لتدافع الناس طلبا لمساعدة العرافين.
ومن أشهر أعمالهم وأكثرها انتشارا كتابة بعض الأوراق وإعطائها لأناس علقوا فشلهم في العين والحسد فهبوا للعرافين لنجدتهم وأخذ منهم «حرز» يعلقونه ويحسون من خلاله بالنجاح وقد يصاحب هذا «الحرز» بعض الوصفات المتكونة من أعشاب وبخور وتوابل وكثيرا ما تكون الوصفة مضرة بصحتهم. كما يعتبر كشف الأسرار ومعرفة الغيب من الخزعبلات التي يتبجح بها العرافون ويصدقها الناس وينفقون عليها الأموال. وفي سؤال البعض عن أرائهم حول العرافين لا يترددون في التأكيد بأن تصديقهم لهم ضرب من الجنون وقلة الوعي لكن في قلوبهم ما ليس على ألسنتهم لأنها تنبض حبا وتصديقا لهم وآمالهم معلقة فيهم. والأدهى والأمر أن بعض العرافين يزعمون إخراج الجن من الأجسام فيعمدون إلى ضرب الشخص ضربا مبرحا أو صعقه أو تعذيبه حتى يصدق الدجال هو الآخر نفسه فيبحر في بحر أكذوبته حتى يموت الشخص من كثرة الضرب وهو مثال ما حدث في مدينة بنزرت منذ سنوات عندما قتل عراف فتاة ومن بين مزاعمهم كذلك قدرتهم على إخراج الكنوز من باطن الأرض فيهب لهم بعض الناس ويعملون بتعليماتهم من جلب بخور من نوع خاص وضحية بسمات يحددها الدجال وقد انتشرت هذه الظاهرة القذرة بدعم الدجالين.
للأسف يعتبر الدجل ملاذ العديد من اليائسين والعاجزين على مواجهة مصيرهم ورغم أن جل من يلتجئ إليهم النساء لكنها ليست حكرا على فئة دون الأخرى وفعلا هذه الظاهرة كارثة محزنة ومخزية وفيروس فتاك يجب القضاء عليه حتى لا يشل حركة المجتمع فيقبع الناس في منازلهم وبيدهم «حرز» يجلب الحظ.