مع تزايد ضغوطات الحياة اليومية وتكثف حجم المسؤوليات، لجأ كثير من الناس الى البحث عن حلول لبعض مشكلاتهم على أيدي دجالين ومشعوذين وانساقوا وراء الأوهام التي باعها هؤلاء لهم لقاء مبالغ كبيرة. والمؤسف في هذا الأمر اقتناع من استعان بالدجالين أو المشعوذين بقدرة هؤلاء على تلبية لمطالب المستحيلة او علاج الامراض المستعصية او تحقيق الاحلام الوردية ناسيا او متناسيا انه لو كان في مقدور أي من هؤلاء فعل ذلك ما كان ليتوانى عن تحقيقه لنفسه من دون الحاجة الى النصب وخداع الناس بالباطل تحقيقا لمكاسب مادية جمة من وراء استغفالهم. الدجل والشعوذة قضية كثر بحثها اجتماعيا وأمنيا، لكننا هنا نقف على الحكم الشرعي فيمن يؤمن بحديث دجال او يتخذ منه سبيلا لتحقيق آماله غافلا عن الهوة السحيقة التي سيسحبه اليها ذلك من الوقوع في الكفر والشرك بالله. يقول أحد علماء الاسلام: منذ ان جاء الاسلام وهو دين يقوم على قاعدة راسخة من التوحيد الخالص ويحارب كل ما قد يوصل الى الشرك بأنواعه سواء كان صغيرا أو كبيرا أو جليا أو خفيا، ومن الاسباب الممقوتة لهذا الشرك والتي حاربها الاسلام حربا شعواء منظومة السحر، والشعوذة ومشتقاتها من العرافة والكهانة والطيرة والتولة، وما جر الى ذلك من التمائم وما يزعم انه يمنع الحسد كالسبع عيون وغيرها، ثم تطور الامر حتى حارب الاسلام في هذا الصدد اللجوء الى الاضرحة والقبور التي تستعمل استعمالا نابيا على سبيل التوحيد. وهكذا فقد حذر الاسلام من المشعوذين والدجالين والعرافين وفاتحي الفأل، فقال صلوات الله وسلامه عليه «من أتى عرافا فسأله فصدقه لم يتقبل الله صلاته أربعين يوما» وهذا يعني بطلان صلاة من يصدق بالسحر والفأل والابراج وغيرها أربعين يوما، وان أعظم الجرائم والذنوب في الاسلام هي التي تبطل الصلاة. ويتابع: باب السحر والشعوذة وما الى ذلك اوصده الاسلام بمزلاج قوي من توحيد الله عزّ وجلّ والتوكل عليه، ونبذ كل هذه الأساليب الجاهلية التي عادت مرة أخرى الى مجتمعاتنا في هذا العصر تحت اشكال وعناوين عدة ومختلفة، وبدأت تجد لها مكانا رحبا بين ربوعنا واستقطبت اناسا كثيرين من اصحاب العقول الصعيفة والثقافة الهزيلة. أنواع من الدجل وهناك شعرة في ما بين الايمان والشرك، وهو ما يقع فيه بعض الناس الآن، حيث انهم اذا تعرضوا الى مصيبة ما أو مأزق من أي نوع يفقدون صبرهم وتوكلهم على الله سبحانه وتعالى، ويمدون ايديهم الى أي شيء كالغريق الذي يمد يده الى القشة، ولكن لابد ان نقول لمثل هؤلاء ضعف الطالب والمطلوب! وينوه الى ان هناك أنواعا كثيرة من الدجل في هذه الازمنة وصورا ومشاهد مختلفة له، فهناك الدجل بالكلام او بالأدعية او بالتمويهات الزائفة، ويقول: رغم تقدم العلم وانفتاح الناس على العالم فهناك أناس من ضعاف النفوس الذين يقعون تحت تأثير من يقول لهم خزعبلات تتعلق بقراءة الكف أو الفنجان وخلافها، وينفقون في سبيل ذلك بسخاء، في حين انهم لو لجأوا الى الله سبحانه وتعالى ما كلفهم شيئا وربما شفاهم برحمته من العلل. وختم بقوله: لن نستطيع ان نقضي على الدجل والدجالين لانهم كانوا موجودين وسيظلون وربما لذلك حكمة إلهية لا يعلمها سوى رب البرية، لان الله خلق الكون من الخير والشر ولو لا الشر لما عرف الخير، ولذا نقول لمن ضعفت نفوسهم وانساقوا وراء دجل أو شعوذة، ارجعوا الى الآيات والأحاديث ولا تفتتنوا بما يقال ويكتب فان الذي يشفي ويرحم ويفرج الكربات هو القرب من الله سبحانه وتعالى في أي وقت أو عصر.