احتفت المهدية مؤخرا بأربعينية المناضل الوطني المرحوم سالم رجب بحضور ممثلين عن المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وشخصيات وطنية يتقدمهم كمال الجندوبي، والطاهر بلخوجة، والطاهر بن حسين، وصالح الزغيدي. تحت شعار «إني اخترتك يا وطني» استعرض المتدخلون من رفقاء درب المناضل سالم رجب في ذكرى أربعينيته أهم المحطات النضالية للمرحوم في الميدان السياسي والنقابي والحقوقي والإعلامي، إلى جانب تجربته في البرلمان التي كانت محطة مفصلية في أول مشاركة انتخابية في أفريل 1989 ضمن قائمة مستقلة مسنودة من الحزب الشيوعي آنذاك، وانتخابات مارس 1999 تحت راية حركة «التجديد» لتتمكن المعارضة من دخول رحاب مجلس النواب، وتكريس إرادة التعددية البرلمانية رغم هيمنة الحزب الواحد، لكن إصرار المرحوم، وثلة من البرلمانيين أمثال السادة خميس الشماري، وأحمد الخصخوصي، ومحمد الشابي رحمه الله الذين مثلوا الرأي المخالف، وكشفوا العديد من الحقائق رغم التعتيم الإعلامي الذي ساهم في عدم وصول صدى أول تجربة برلمانية تعددية في تاريخ تونس المعاصر إلى المواطن كما عبّر عن ذلك بنفسه في عديد المناسبات.
واستدلّ المتدخلون بحجج من الرائد الرسمي ومحاضر جلسات المجلس لكشف الصورة الأخرى من معارضة لم تكن ديكورا كما يُشاع، ففي جلسة 16 فيفري 1992 اقترح المرحوم سالم رجب نص مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح بعض الأحكام المجلة الانتخابية وإتمامها، إضافة إلى دعوته في جلسة 15 ديسمبر 1997 إلى حوار مؤسساتي منظم ودائم بين وزارة الداخلية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يخدم قضية حقوق الإنسان، وسمعة تونس ومصلحتها، وتركيز دولة القانون والمؤسسات التي تشكل ركنا أساسيا من أركان حماية الحريات الفردية والعامة، كما اعتبر في مداخلاته البرلمانية أن الإعلام الحر والتعددي على غرار جلسة 11 ديسمبر 1996 المدخل الرئيسي لبناء الديمقراطية سواء كان ذلك على مستوى الدولة وأجهزتها أو على مستوى المجتمع نفسه، مؤكدا على الحق في الاختلاف، والتنوع واحترام الرأي الآخر، أو المخالف والتعامل معه بالرد بالرأي.
وقد أجمع أصدقاؤه على صدق الرجل، وإخلاصه لمبادئه وأفكاره، وتواصله الدائم، وانحيازه للحرية والعدالة الاجتماعية، حيث كان له شرف النضال لمّا انتقل إلى باريس لمواصلة دراسته في الخلية الأولى لحركة «آفاق» (prespective) التي ضمت ثلة من كبار مؤسسي هذه الحركة أمثال نور بن خضر، وخميس الشماري ومحمد الشرفي.
وعند عودته إلى تونس سنة 1971 ساهم بصفة فعالة ومميزة مع صالح الزغيدي، وفريد جراد، ومحمود القرامي في تأسيس الجامعة العامة للبنوك، وناضل إلى جانب القوى النقابية الأخرى من أجل استقلالية الحركة النقابية، وإعادة الاعتبار للإتحاد العام التونسي للشغل قبل العقود المشتركة التي لم تر النور إلا سنة 1975، كما كان المرحوم سالم بن حسين من أول المنادين يوم غرة جوان من سنة 2000 عبر أعمدة جريدة «حقائق» لبعث جمعية تونسية لمحاربة الرشوة.
وفي كلمة يمكن أن نختم بشهادة الطاهر بن حسين حول مسيرة الرجل.. «لقد كان المرحوم سالم رجب صادقا ومخلصا لمبادئه وأفكاره، وكانت له القدرة على التجميع، ونكران الذات، وتقديم مصلحة الوطن العليا، كما مثّل رافدا للعمل الديمقراطي والديمقراطية بولاية المهدية.