في كوخ بال سقفه قصديري تتسرب من جدرانه التي قدت من الطين والحجارة نسمات البرد القارس تقطن عائلة السيد حمد التوجاني شيخ الستين مع زوجته التي أنهكتها الأمراض المزمنة ومع أبنائه العاطلين عن العمل رغم الظروف القاسية. هذا الكوخ الكائن بحي الصحة من معتمدية باجة الجنوبية والمحاط بالقصور والمنازل الفخمة قد بني على أرض تابعة لأملاك الدولة التي سمحت لهذه العائلة بالبقاء عليها لكن دون أي وجه قانوني, وقد ذكر الشيخ محمد التوجاني ربّ العائلة أنه قد تقدم بعدة مطالب الى السيد المعتمد للحصول على مساعدة لبناء مسكن يليق بالاقامة فيه على تلك الأرض فأخبره بأن هناك نية البناء له في القريب الا أن تلك الوعود قد ذهبت أدراج الرياح مما جعله يرفع أمره الى السيد الوالي ولا يزال في انتظار مقابلته.
كل أفراد العائلة عاطلون عن العمل وما من مدخول لهم سوى جراية تقاعد وقدرها 120 دينارا يتقاضاها الأب الذي كان يعمل أجيرا لدى أحد أصحاب شركات المقاولات وقد ذكر ابناه أنهما لم يسعفهما الحظ في ايجاد عمل بأحد المصانع كما أنهم لا يتمتعون حتى ببطاقة علاج مجاني.
واضافة الى معاناة الأم جراء أمراض مزمنة من قبيل السكر وضغط الدم والشقيقة فإن الابنة تعاني هي الأخرى اعاقة ذهنية مما يجعلها غير قادرة على العمل في أي مجال وتبقى في كفالة الأب الذي لم يعد قادرا على تلبية حاجيات أسرته, الأم استقبلتنا بالدموع في يوم قارس ممطر حيث وجدناهم جالسين على احدى الحشايا البالية دون أن يتوفر بالمكان موقد أو حتى كانون حطب يساعدهم على اتقاء لسعات البرد .
أما الماء الصالح للشراب فقد مكنهم أحد الجيران من أنبوب بالقرب من المنزل يجلبون الماء منه في قوارير ثم يغلقونه الى حين الحاجة اليه في مناسبة أخرى كما أنهم يستعملون الكهرباء بفضل احدى الجارات المقيمات بالخارج والتي مكنتهم من أحد الأسلاك مررته اليهم من منزلها كما انهم لا يملكون غير تلفاز معطب وثلاجة جادت بها أيدي الكرماء وقد ذكرت الزوجة أن كل ما وجدناه من أغطية بالية وبعض الصحون والقدور القديمة هي مما تفضل به عليها جيرانها وكل من يعرفون هذه العائلة من أصحاب القلوب الرحيمة فهل من لفتة كريمة لهذه الأسرة المهمشة؟