يعيش حي «بوحجر» من معتمدية الكبارية جنوبتونس العاصمة أوضاعا اجتماعية ومادية مزرية دفعت مجموعة من السكان إلى الاتصال ب«التونسية» ودعوتها لمعاينة معاناة أكثر من 100 عائلة آملين تحسيس السلطات الجهوية والوطنية لأوضاعهم والتفكير في القيام بلفتة إلى أحوالهم لانتشالهم من الفقر والتهميش الذي يخيّم على كامل أنحاء الحيّ. "التونسية" استجابت لمطلبهم فكان هذا الريبورتاج: بكل ألم تحدث السيد «جلول بوغديري» عن الحالة المزرية التي يعيشها قائلا: «أعاني وزوجتي وابني من أمراض مزمنة ونسكن غرفة واحدة علما أننا خمسة أفراد في العائلة والغرفة التي تأوينا لازالت من الآجر وغير مبلطة حتى أن الحشرات جعلت منها مسكنا دائما». وأضاف انه عانى مدة 23 سنة من متاعب الكراء وعندما تمكن من بناء غرفة يسكنها وجد نفسه غير قادر على التمتع بأبسط مرافق الحياة مثل الماء والكهرباء إضافة إلى أنه لا يتمتع بأية منحة أو إعانة. من جهتها تعتبر زوجته السيدة «فاطمة بوغديري» أن الشقاء الذي عاشت فيه منذ أكثر من 23 سنة بسبب قلة اليد ساهم بصفة كبيرة في إصابتها بأمراض السكر والدم والغصة فتقول: «كيف لا وأنا لا أستطيع التمتع حتى براحة النوم من أجل حالة الفقر التي أعيشها والتي يعاني منها أبنائي الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 و23 سنة؟» وتضيف أن الغرفة بالنسبة لهم هي كل منزلهم ففيها يطبخون وفيها يأكلون وفيها ينامون، مما يسبب لهم إحراجا في التعايش اليومي إضافة إلى إصابة ابنتها «مبروكة بوغديري» بمرض السرطان مما حرمها من مواصلة دراستها منذ الثامنة أساسي والإقامة بالمستشفى . وهذا ما أكدته الفتاة بصوت مرتعش ومنخفض قائلة: «أجريت عملية جراحية منذ ثلاثة أشهر وعليّ الانتظار مدة 8 أشهر أخرى لمعرفة نتيجة هذه العملية ومن المفروض أن أرفقها بالراحة والتداوي ولكن الأوضاع المعيشية وحالة الفقر التي نعاني منها تجعل من الفترة القادمة صعبة للغاية». أطفال يعانون وفي نفس الظروف يعيش السيد «لطفي المحواسي» وعائلته المتكونة من زوجته طريحة الفراش والمصابة بأمراض عديدة كالسكر والأعصاب وفقر الدم وأبنائه الثلاثة والذين تتراوح أعمارهم بين 9 و10 و12 سنة ويقول لطفي: «نعيش في غرفة واحدة ولا مورد رزق لدينا وإضافة إلى مرض زوجتي فإنني أعاني أيضا من مرض مزمن أصابني على مستوى الرئتين» وحول وضعية أبنائه أفاد السيد لطفي أن نتائجهم الدراسية تراجعت بما أن ظروفهم المادية والاجتماعية لا تطاق. وهذا ما أكدته زوجته السيدة «يامينة المحواسي» التي قالت بلهجة كلها حسرة وألم إن أبنائها يعانون الأمرين في ظل هذه الظروف خاصة أنها تعاني وزوجها من أمراض مستعصية ولا يمكن لهما القيام بأشغال شاقة ولا يجدان من مورد رزق غير الالتجاء من حين إلى آخر إلى تجميع البلاستيك والخبز لبيعهما وهو عمل لا يسمن ولا يغني من جوع. ظروف معيشية مستحيلة أضاف زوجها السيد لطفي أن هذه هي حالة منطقة حي «بوحجر» إذ أن 99 بالمائة من العائلات التي تسكن الحي لا تملك مورد رزق قار ويعيشون في منازل عبارة عن أكواخ حتى إن البعض منها لا يملك سقفا ويلتجأ إلى القصدير والأقمشة لتغطية غرفهم للحماية من لسعات البرد أو أشعة الشمس الحارقة وهو أمر غير ناجع بالمرة. وهذا ما ذهب إليه السيد «جلول بوغديري» الذي قال إنهم يضطرون إلى التنقل إلى الحي المجاور وتعبئة الماء في أوعية من المنازل وكأنهم يعيشون في أماكن بعيدة عن العاصمة قائلا: «حتى أهل الريف الذين يعانون بدورهم من صعوبة العيش يتمتعون بظروف أحسن بكثير من الظروف التي نعيشها". حملة إغاثة مستعجلة ولمزيد وضع الموضوع في إطاره اتصلنا بالسيدة «وفاء مرسني» رئيسة «الجمعية التونسية لتنمية ثقافة المواطنة» التي قامت بزيارة إلى هذا الحي وتطلعت على احتياجات عائلاته في إطار الأعمال التي تقوم بها الجمعية. وأفادت قائلة: «إن العائلات التي توجد في هذا الحي المتواجد مباشرة وراء معتمدية الكبارية، تعيش أوضاعا لا تطاق حيث أن هناك منازل – هذا إن صح إطلاق اسم منزل عليها – آيلة للسقوط واخرى عبارة عن 4 جدران من الآجر وغرف معزولة وتفتقد إلى أبسط ضرورات الحياة كدورات المياه. وأضافت أن أغلب العائلات تعاني من أمراض مزمنة مختلفة ولا مورد رزق لديها ولا تتمتّع بأية إعانة أو منحة. وقالت إن هذه الوضعية تحتاج إلى القيام بحملة إغاثة مستعجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وخاصة الأطفال. وأضافت أن الجمعية تلقت العديد من المطالب وتعهدت بالنظر فيها والتواصل مع الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية خاصة أن هذه العائلات تعيش نفس حالة التهميش التي عاشتها سابقا في حكومة بن علي رغم أن الثورة قامت لنصرة الفقير وإعانة المحتاج والرفع من الكرامة.