تعرّضت الزاوية القادرية بمدينة منزل بوزلفة منذ أشهر إلى الحرق، ورغم المجهودات التي بذلها نشطاء المجتمع المدني في الجهة من أجل ترميمها وإعادة فتحها إلا أنها بقيت مغلقة. والزاوية القادرية كانت لوقت قريب تستقبل عديد الزوار من أتباع الطريقة الصوفية من جميع أنحاء الجمهورية ومن خارج البلاد خصوصا خلال شهر رمضان وبمناسبة إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف ويشرف عليها أحفاد الشيخ محمد الإمام المنزلي. وهي احد الشواهد التاريخية التي جعلت من المدينة قطبا ثقافيا مع انتشار الفكر الصوفي بتونس، ويذهب بعض المؤرخين إلى أن مدينة منزل بوزلفة بنيت على أنقاض الحي الروماني القديم «كازول» كما يظهر من خلال الأعمدة الموجودة إلى حد الآن ببعض المنازل والمكونة للجامع الكبير الذي بني في أواسط القرن السادس هجريا الموافق لبداية العهد الموحدي كما يشير حجر الأساس الثابت بجدار المسجد. ويذكر الباحث «التليلي العجيلي» في كتابه «الطرق الصوفية» أن الطريقة القادرية هي إحدى الطرق الأصلية للصوفية التي تفرعت عنها طرق جديدة وهي مرتبطة في مستوى تسميتها بمؤسسها الأول «عبد القادر الجيلاني» الذي ولد بالعراق سنة 1097 هجريا. وقد ظلت هذه الطريقة دون زاوية بالبلاد التونسية حتى ظهور الشيخ الإمام «محمد الإمام المنزلي» الذي أسس زاوية الولي الصالح «عبد القادر الجيلاني» بمدينة منزل بوزلفة سنة 1776.
ويعد هذا الشيخ من أوائل أتباع الطريقة القادرية، وقد ساهم بشكل كبير في نشرها بشكل سريع في كامل البلاد بفضل تطور وظيفة الزاوية، وخلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر تحولت الزاوية إلى مركب متعدد المرافق مجهز لاستقبال وإيواء الزوار وهذا ما أثر على خصائصها المعمارية حيث جاء تخطيطها على شاكلة دار مقامة مكونة من مجموعة من الغرف تفتح على صحن داخلي. والأكيد ان الإبقاء على الزاوية مغلقة ودون ترميم هو تعد على الثراث الوطني وعلى الموروث الحضاري التونسي عموما.
وقد استغللنا زيارة وزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي الأخيرة لولاية نابل وسألناه عن إمكانية إعادة فتح الزوايا وإعادة توظيفها لتكون مزارات ثقافية أو كتاتيب فاكتفى بالقول: «هذه مسألة فلسفية وتحتاج إلى الكثير» وتجنب الحديث أكثر في الموضوع نظرا لان بعض المتشددين الدينيين يربطون بين الأنشطة الصوفية التي تمارس داخل هذه الزوايا والشرك بالله.