اعتبر رئيس حركة النهضة الاستاذ راشد الغنوشي ان الدعوة الى تشكيل حكومة تكنوقراط هي انقلاب لا يقل خطورة عن دعوات «من يحنون الى العصر البنفسجي» الى انهاء شرعية المجلس التأسيسي في مناسبتين. فيما اكد ان حركة النهضة تقوم على مؤسسات من يخالفها يعود الى حجمه الطبيعي مهما كبر وجاءت تلك التصريحات خلال الكلمة التي القاها الغنوشي في تظاهرة لمساندة الشرعية كانت قد دعت لها حركة النهضة وجمعت عدة آلاف من انصار الحركة خاصة امام المسرح البلدي بالعاصمة وقرب وزارة الداخلية. وقال الغنوشي في كلمته امام المتظاهرين «هذا الشعب يستحق التقدير فهو الذي يجتمع اليوم بأعداد تفوق ما خرج في 14 جانفي وهذا الشعب هو من قام بهذه الثورة وهو يقوم على حراستها في كل آن وحين، يجتمع الشعب بهذا العدد العظيم شعورا منه بأن هناك اخطارا تهدد الثورة».
الحنين الى البنفسجي
وتابع «منذ ان قامت الثورة واطاحت بالدكتاتور هناك قوى تحاول العودة الى الصورة بعد ان اقصاها منها الشعب ويحاولون القفز على معاناة المهمشين وبدأت محاولاتهم بقطع الطرقات وحرق المراكز الامنية وصولا الى الدعوة لإقصاء الشرعية بعد سنة من الانتخابات لكن الشعب قام يدافع عن ثورته لكن وصل بهم الامر الى حد الدعوة الى حل المجلس التأسيسي اصل الشرعية في البلاد».
واعتبر رئيس حركة النهضة انه هناك صراعا بين «ابناء الثورة وبين المتسلقين عليها والذين يحنون الى العصر البنفسجي، فالذين ارادوا ان ينهوا الشرعية يوم 23 اكتوبر هم الذين أرادوا ان يوقفوا شرعية المجلس التأسيسي، الدعوة الى الغاء الحكومة المنتخبة (في اشارة الى مبادرة رئيس الحكومة) لا تقل خطورة عن الدعوة الى الغاء التأسيسي وحكومة التكنوقراط هي صورة اخرى لتجاوز الشرعية والقفز عليها وهذه المسيرة جاءت لتؤكد على شرعية المجلس والحكومة».
وفي نفس الاطار اضاف الغنوشي «نحن هنا نجتمع لنقول لا للانقلاب على الشرعية بأية صورة من الصور... منذ ان تم انتخاب النهضة بالأغلبية والمؤامرات متواصلة ضدها منها محاولة تشويه الحركة وتصويرها على انها معادية للحرية وهذا ما يعمل الاعلام البنفسجي عليه والانقلاب على الثورة لكن نحن نحيي الاعلاميين الاحرار والثوريين».
وتابع «نحن مع حرية الاعلام وهذا مكسب من مكاسب الثورة لكن بعض الحاقدين على الثورة ارادوا ان يظهروا تونس وكأنها تونس المخلوع بينما لم يتمتع التونسيون بالحرية كما يتمتعون بها اليوم وليس منة من احد وانما الفضل في ذلك يعود الى بركات دماء الشهداء الزكية».
واكد ان حركة النهضة تنبذ العنف بدءا بالعنف اللفظي الذي يجرم الآخرين ويعيدهم في صورة تستحل دماءهم «نحن ضحايا العنف طيلة 50 سنة ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان نتحول الى دكتاتورية لذلك نحن مع حرية الاعلام ومع حرية المرأة».
وادان راشد الغنوشي العنف الذي تعرضت له مقرات الحركة ومقرات احزاب اخرى كما ادان الاعتداءات التي تعرضت لها العديد من اجتماعات احزاب المعارضة داعيا الى احترام حق جميع المواطنين في التمتع بالحرية «والله قال لا اكراه في الدين كما ان الثورة لا تعطي الشرعية لاحد بان يمارس العنف على الآخرين فالشعب التونسي حر والله قال لا عدوان الا على الظالمين ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين».
لن نفرط في السلطة
كما عبر رئيس حركة النهضة عن استنكاره للاعتداءات التي تعرضت لها عديد الزوايا مشيرا الى ان سبيل الاصلاح لا يكون الا بالحسنى «والله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ونحن نريد تونس ساحة يتعايش فيها الجميع والطريق الوحيد لفض الخلافات هي الكلمة الطيبة والنقاش والجدل». ودعا الغنوشي انصار الحركة الى الحرص على كسب قلوب المواطنين بدل ترهيبهم.
وفي اتجاه آخر وردا على ما يروج حول امكانية انقسام النهضة قال «بعض الناس يسمعون من هنا وهناك احاديث حول انقسام النهضة ويمنون انفسهم ان يرونها اشلاء هم ينتظرون يوما لن يأتي بإذن الله ونحن لا نقول لهم موتوا بغيضكم بل نقول ان تشتت النهضة لا مصلحة لكم فيه ولا مصلحة للبلاد فيه كذلك». واكد ان «النهضة لن تفرط في السلطة مادامت تحظى بثقة الشعب وهو مصدر كل شرعية وهذه المسيرة الكبرى جددت مسيرة 14 جانفي لتقول نحن مع الشرعية ومع استقلال قرارنا الوطني ونرفض اي تدخل في شؤوننا».
وتابع «لذلك فان تمزيق النهضة او اقصاءها بالحيلة عن الحكم هو تهديد للوحدة الوطنية ولا حق لأحد طالما ان الشعب التونسي راض بنا في ازاحتنا عن الحكم والنهضة باقية، النهضة هي الوسط الذي يلتقي فيه التونسيون اسلاميون وحداثيون، كما ان النهضة لا يحكمها شيخ من الشيوخ مع احترامنا لهم جميعا بل تحكمها مؤسسات منتخبة وكل من علا شانه اذا خرج عن المؤسسات يجد نفسه في فراغ ويعود الى حجمه الحقيقي لذلك نحن لسنا خائفين على وحدة النهضة بل خائفون على وحدة البلاد».
وفي اتجاه آخر اشار رئيس حركة النهضة في كلمته الى ان معركة الحكومة مع الاستبداد والفساد بدأت الآن موجها تحية الى اعتصام المطالبين بتفعيل العفو التشريعي. وتداول على اخذ الكلمة في المنصة الرئيسية في الوقفة العديد من قيادات الحركة منهم الحبيب اللوز وعدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي كما حضرت وزيرة المرأة التي اكدت على ضرورة التمسك بالشرعية ورفع المؤتمر لمقترح رئيس الحكومة معتبرة ان الشعب انتخب سياسيين ولم ينتخب تكنوقراط.
ورفع المتظاهرون الذين جاؤوا من عديد الجهات بالبلاد شعارات تراوحت بين المطالبة بالوحدة الوطنية وبين المطالبة بالمحاسبة وتطهير الاعلام والقضاء على التجمعيين و نداء تونس و«تحصين الثورة». هوامش من مسيرة أمس
شهد شارع بورقيبة منذ الساعة التاسعة صباحا الشروع في تركيب تجهيزات صوتية ومضخمات صوت وكاميراوات تصوير . انطلق التجمع الرئيسي أمام المسرح البلدي حيث وقع تعليق علم كبير لحركة النهضة . انطلقت منذ الصباح عديد الحافلات والسيارات من المناطق القريبة من العاصمة ( بنزرت – باجة – نابل – زغوان ..) تضم أنصار حركة النهضة . فيما حلت بالعاصمة منذ ليلة أول امس ومنذ الصباح الباكر الحافلات والسيارات القادمة من المناطق البعيدة . رفع المتظاهرون شعارات تدعو رئيس الحكومة إلى تكوين اعلام وقضاء تكنوقراط وليس حكومة تكنوقراط . سجل حزب الاصلاح حضوره منذ الصباح وعلق لافتة كتب عليها تنديدا بما وصفه حملة اعلامية مغرضة تتهم الحزب بتكوين ميليشيات الامن الموازي . وتضمنت اللافتة أيضا انتقادا للنقابات الامنية لأنها نددت بدورها بالامن الموازي. شهد شارع بورقيبة منذ الصباح انتصاب عديد الباعة المتجولين لبيع أعلام حركة النهضة وعلم تونس و الأعلام السوداء والبيضاء المكتوب عليها عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» إضافة إلى أعلام أخرى تمثل أحزابا أخرى وجمعيات. انتصب أيضا باعة العطورات والمأكولات المختلفة مثل السندويتشات التقليدية و«البسباس» والحلويات والمرطبات المعدة في المنزل و الخبز والجبن . وقد شهدت اقبالا ملحوظا من المشاركين. كلف المشرفون على المسيرة أعوانا مهمتهم جمع الاوساخ والفضلات التي يقع القاؤها في الشارع داخل أكياس بلاستيكية .. وهي حركة استحسنها جميع الحاضرين لأنها تساهم في الابقاء على الشارع نظيفا وتساعد عمل اعوان البلدية في الليل . إلى حدود منتصف النهار لم تتوقف حركة المرور بشارع بورقيبة لكن مع تقدم الوقت أصبح المرور صعبا بعد أن احتل المشاركون في المسيرة المعبد والارصفة .. أطلق بعض المتظاهرين عددا من الشماريخ أمام المسرح البلدي . المسيرة كانت عبارة عن مسيرات مقسمة وكل واحدة تجوب مكانا من شارع بورقيبة. وكان بعض المسيرات قد جاء من شارعي محمد الخامس وباريس . تضمنت احدى اللافتات أسماء قنوات المتوسط وشبكة تونس الاخبارية والزيتونة واللسان والقلم والجزيرة مرفوقة بعبارة « هذا هو الاعلام الحقيقي والنزيه». بينما أحاط بعض المتظاهرين بحافلة قناة الجزيرة مباشر التي كانت تنقل المسيرة مباشرة وأثنوا على أدائها . شهد محيط مقر وزارة الداخلية تسييجا مكثفا بالاسلاك الشائكة .لكن الملاحظ أن المتظاهرين لم يتوقفوا أبدا أمام مقر الوزارة بل كانت المسيرة تعود على اعقابها عندما تصل قبالة الوزارة . وكان الحضور الامني أمام مبنى الوزارة – عكس المسيرات السابقة – ضعيفا ولم يكن ينبئ بالخوف من قبل الامن . كما تضاعفت الاسلاك والحماية الامنية والعسكرية مع استنفار واضح للاعوان في محيط سفارة فرنسا من الجهات الاربع. وقد مر جانب من المسيرة أمام الباب الرئيسي للسفارة وسط استنفار أمني شديد . تم وضع 3 حافلات تابعة لنقل تونس في شكل حائط أمام باب الكنيسة المقابلة لسفارة فرنسا وتواجد أعوان أمن لمنع الاقتراب منها والمرور امامها . شهد محيط شارع بورقيبة تعزيزات أمنية مكثفة بفرق مختلفة مجهزة بمختلف الاسلحة مع تواجد مكثف لأعوان وجوههم مخفية بالأقنعة. بعد أن مثل في المرات السابقة وجهة للمنحرفين والراغبين في السرقة، خصصت وزارة الداخلية منذ الصباح حراسة أمنية خاصة للمركب التجاري «سنترال بارك» الكائن بجون جوراس، لذلك تواصلت الحركة التجارية فيه عادية طوال اليوم. أدى بعض المشاركين في المسيرة صلاة الجماعة (صلاة الظهر) على الممر الاوسط لشارع بورقيبة .