لم تعد شكوى التونسي من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار بالأمر الجديد... غلاء جعل التونسي يحوّر في محتويات «القفة» المنزلية... ويستغني عن الكثير من محتوياتها.. لتتغيّر عادات التونسي الغذائية. أكد السيد عبد الجليل الظاهري رئيس مرصد «إيلاف» لحماية المستهلك خلال حديث له مع «الشروق» على تغيّر عادات التونسي الغذائية ليتراجع استهلاكه من اللحوم الحمراء واللحوم البيضاء وتغيّر عادات أخرى للتونسي ومنها سفره وترفيهه وترفيه أسرته.
كلفة وتغذية
فسّر رئيس مرصد «إيلاف» لحماية المستهلك تغيّر سلوكيات التونسي الغذائية بارتفاع تكلفة الحياة وزيادة المصروف الشهري بنسبة 56٪ وهو ما جعله يضغط على مكوّنات وجبته الاساسية وطعامه ويحور في محتويات طاولته وقفته.
وتراجعت نسبة استهلاك التونسي للحوم الحمراء، حيث مرّت من 17٪ من العائلات التونسية التي لا تستهلك اللحوم خلال الثلاثة أشهر الأخيرة الى 21٪ من العائلات التي لم تستهلك اللحوم خلال الشهرين الأخيرين.
من جهة أخرى نجد ان التونسي الذي كان يفضّل «لحم العلوش» والكسكسي المطبوخ باللحم الأحمر الطري «تنازل» استجابة لإمكانيات ميزانيته، ولعدم قدرة بعضهم على الرضوخ لأسعار كيلوغرام قد يصل الى 22 دينارا... وحسب الاحصائيات التي مدنا بها مرصد «إيلاف» لحماية المستهلك نجد أن 28٪ من الأسر التونسية لا تأكل غير الدجاج واللحوم البيضاء عموما.
من جهة أخرى، كان المختصون في التغذية يشيدون بعادات الأجداد الطيبة في استهلاك الأسماك والإقبال عليها بنهم وتكوينها لأساسيات المائدة التونسية، خاصة مع وجودنا في بلاد معظمها سواحل ويبدو ان ارتفاع الأسعار قد جعل التونسي يغيّر من عاداته المتوسطية لنجد حسب مرصد «إيلاف» أيضا ان 15٪ من العائلات التونسية فقط تستهلك الأسماك بمعدل كيلوغرام في الاسبوع.
مطاعم ومقاه
تحدث السيد عبد الجليل الظاهري عن تغيّر العادات التونسية المرتبطة بالترفيه وطرق الإقبال على المطاعم والمقاهي، وقال إن التونسي قد قلص من أوقات الترفيه. ولا تقوم غير 11.8٪ من العائلات التونسية بالترفيه والتنزه والترويح عن الأطفال. في حين لا تسمح غير 13.5٪ من العائلات التونسية لنفسها بالخروج شهريا لمرة واحدة لتناول القهوة والغذاء في فضاء عمومي.
والواضح أن قفة التونسي تستند في جزء كبير منها على الديون و«الكريدي» حيث تتداين 39٪ من الأسر التونسية ما قدره 47٪ من جملة مداخيلها. وتحدّث عدد من المواطنين عن الأسعار «البرجوازية» للأسعار وعلى ان أسعار السردينة ليست برحيمة ولم تعد تساعد «الزوالي» الذي كان يجد فيها ملاذه. وأكد عدد من المواطنين على تراجع استهلاك التونسي للأسماك واللحوم وقلة تردده على المطاعم حتى ان بعض العمال أصبحوا يفضلون جلب ما تيسر من طعام من المنزل.
مبذّر أم مسكين؟
ربط بعض الخبراء بين تغير العادات الغذائية للتونسي وتغير نمط استهلاكه وحسب معهد الاحصاء يقوم 30٪ من التونسيين عموما بالاكل خارج المنزل وتقتني 57.8٪ من الأسر التونسية في تونس الكبرى حاجاتها من المساحات الكبرى والمغازات، والبقية تتسوق من المتاجر الاخرى.
وتتأثر العادات الغذائية للتونسي بالاشهار وضغوطات الاطفال حيث صرّح 35.1٪ من التونسيين في دراسة لمعهد الاحصاء بأنهم يقتنون بعض المواد التي لا يحتاجونها نتيجة وجود تخفيض أو ضغط من الأطفال، وتحت ضغط اشهاري (6٪ من المستجوبين).
تضخم وتغيير
ويخصص التونسيون 51٪ من ميزانيتهم للتغذية ينفقونها في المساحات الكبرى والمغازات، وقد ارتفع الاستهلاك من المواد الغذائية في هذه الفضاءات بنسبة 20٪ عند التونسيين.
وتحدث عدد من المختصين والمطلعين عن امكانية تواصل تغير العادات الغذائية للتونسيين وتقليصهم من تناول الغلال وغيرها من المواد خاصة مع تواصل ارتفاع مؤشر تضخم الأسعار الذي بلغ 6٪ خلال شهر جانفي حسب المعهد الوطني للأسعار.
وقد ارتفعت مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 8.6٪ مقارنة مع جانفي 2012، وارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 14٪ وأسعار الخضر بنسبة 10.9٪ وأسعار الحليب ومشتقاته والبيض بنسبة 6.1٪ والغلال والفواكه الجافة بنسبة 9.8٪ وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 7.0٪ والمشروبات ب4.8٪. ورشح الخبراء قفة التونسي ونوعية طبخ التونسيات ومحتويات الأطباق الى التغير مع ارتفاع الأسعار.