لماذا ترفض النهضة الحزب الحاكم في تونس التفاعل مع مبادرة الحوار التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل؟ وهل يتواصل هذا الرقص في ضلّ الازمة السياسية الخانقة التي باتت عزلة الحركة؟ لا نعتقد ان حركة النهضة الحاكمة الآن لا تزال خائفة من سحب البساط من تحت أقدامها اذا شاركت في مبادرة الحوار التي رفضتها سابقا. تدرك النهضة الآن أن الظروف تغيرت وأن الواقع الذي رفضت فيه مبادرة الاتحاد عند الاعلان عنها قد تغير الآن بنسبة 180 درجة.
اليوم هناك تقييم شعبي جديد لأداء «الترويكا» الحاكمة وأساسا لأداء حركة النهضة واليوم هناك خطاب جديد لتيارات وأحزاب المعارضة وهناك «حراك» داخل كل مكونات المجتمع المدني هو بالتأكيد ليس في صالح من كان يحكم ومن سيحكم. وهذا التغيير والتقييم ليس مرتبطا فقط بجريمة اغتيال الشهيد شكري بلعيد بل مرتبط بجملة من العناصر الموضوعية التي تهم الشأن العام وشأن التونسيين اليومي في ظل واقع اقتصادي واجتماعي وأمني صعب للغاية ولم يكن في حسبان التونسيين الذين تعوّدوا طيلة نصف قرن على نمط حياتي كان ملح اجماع من كل الشرائح والفئات.
ضعف ونقائص
مهما كانت المبررات ومهما كانت الظروف والأسباب فإن أداء «الترويكا» الحاكمة لم يكن مقبولا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا و«الترويكا» من واجبها الاقرار بهذا وهو من مصلحتها أيضا ولن تنجح «النهضة» صاحبة الأغلبية في المجلس التأسيسي في تجاوز الفشل دون حوار وطني جدي ودون مبادرة لها مصداقية وتحظى بقبول الجميع.
اتحاد
الآن أمام النهضة الحاكمة الانخراط الكلي والقبول بمبادرة الحوار التي قدمها الاتحاد العام التونسي للشغل دون حسابات ضيقة ودون شعور بالنقص تجاه العملاق الكبير الاتحاد العام التونسي للشغل...
ولن تكون النهضة أو أي حزب سياسي آخر في الحكم أو في المعارضة قادرا على تقديم مبادرة حوار تحظى بالمصداقية التي تتمتع بها مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل.
إن من مصلحة النهضة اليوم الانضمام لمبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الاتحاد وقد تكون هي بذلك من أكثر المستفيدين فالكل يعرف الآن ان الحركة لا تتمتع بنفس الوضع الذي كانت تتمتع به قبل انتخابات 23 أكتوبر على مستوى الشارع.. والكل يعرف الآن ان التفاعلات الجديدة التي تعرفها الساحة السياسية ويعرفها الشارع التونسي لن تكون أبدا في صالح حركة النهضة الحاكمة.
نجاح
لكن بصرف النظر عن موقف حركة النهضة من مبادرة الاتحاد فإن الواقع السياسي سيكون في صالح المبادرة وهو ما تدركه قيادة الاتحاد وأساسا الأمين العام حسين العباسي الذي صار أكثر اقتناعا بأن مبادرة الحوار ستكون باب الانقاذ والمخرج الوحيد لحالة الاحتقان والتجاذب في الساحة السياسية.
وعلى حركة النهضة ان تدرك الآن ان انخراط ومشاركة أغلب مكونات المجتمع المدني وأغلب الأحزاب والتيارات السياسية في مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل قد تحولها من قوة اقتراح الى قوة ضغط خاصة مع عجز التحالف الحاكم على كسب ثقة الشارع من جديد وثقة المعارضة التي تبدو بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد أكثر قوة وأكثر تماسكا وأكثر قدرة على كسب تعاطف الشارع وتأييده لها.