تصاعدت مخاطر الادمان على المخدرات وعدد المدمنين على هذا السمّ الأبيض بعد الثورة حسب ما تؤكده الأرقام والدراسات والمختصّون. انتشرت ظاهرة استهلاك المخدرات و«الزطلة» بعد الثورة بشكل كبير.. وهي مسألة ربطها البعض بالانفلات الأمني وعدم حماية الحدود اضافة الى انتشار التهريب واعتبار بلادنا منطقة عبور.
وتؤكد مصادر من ديوان الأسرة والعمران البشري انتشار هذه الظاهرة وتفاقمها بعد الثورة وتعتبر أن هناك حوالي 100 ألف شاب يستهلكون «الزطلة». وحسب دراسة للمعهد الوطني للصحة يوجد 15٪ من الفتيان و4٪ من الفتيات بين 15 و25 سنة في تونس استخدموا المخدرات مرة على الأقل في حياتهم. إرث الطرابلسية
الدكتور حبيب تريعة (دكتور في عالم النفس ودكتور في علم الاجتماع) سبق له العمل في مستشفيات مختصة في معالجة الادمان بكل من السعودية وفرنسا.. وهو يشرف على علاج بعض الحالات في تونس.
تحدث الدكتور حبيب عن غياب الاحصائيات الدقيقة المتعلقة بعلاج الادمان.. وقال إن تونس كانت مخزنا للمخدرات منذ التسعينات، وكان هناك مجموعة من التجار في هذا المجال..
واعتبر أن هؤلاء التجار كانت لهم علاقة مع بعض المقربين من النظام السابق ومع الطرابلسية الذين كانوا يسهلون العملية. وكانت تونس منطقة عبور ونقطة استراتيجية في منطقة شمال المتوسط وفي العالم الاسلامي وفي إفريقيا.
واعتبر محدثنا أن ظاهرة الادمان تكون سهلة في الدول المتخلفة والدول الفقيرة ولاحظ أنه والى حدود السنوات 2000 و2001 كانت بلادنا مجرّد نقطة عبور قبل أن تتحول المسألة الى استهلاك.
وأضاف أنه رغم خروج «الطرابلسية» إلا أن تجار السمّ الأبيض مازالوا متواجدين وهم يستغلون ضعف الأمن وانشغال البلاد بمسائل أخرى ووجودنا في فترة انتقالية. وقال ان انتشار المخدرات ينتعش في الدول المتخلفة ومع هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وتقترن ظاهرة الادمان بوجود المنفعة الاقتصادية والظروف الأمنية والظروف النفسية.
وأشار الدكتور حبيب تريعة الى أن المحبط و«البطال» والمهتز نفسيا قد يقبل على تناول المخدرات لكن الطبقة الغنية أيضا تقبل على أنواع أخرى من المخدرات بحثا عن «النشوة» وتجربة لذة لم يختبروها.. ويشترك الاثنان في السير نحو الانحراف بأسباب مختلفة. «زطلة» و«راب»
برزت موجة من الشباب ومغنو «الراب» الذين يتحدثون عن«الزطلة» ويدعون الى السماح بتعاطيها بعيدا عن طائلة القانون. وهنا يقول الدكتور في علم النفس حبيب تريعة إن «الزطلة» تخلف تبعية وتكون حاجة للجسم مثل المخدرات لكن وفي المقابل تؤدي الى مجموعة من المخلفات الصحية السلبية.
ودعا الدكتور الى اتباع النموذج السعودي وخاصة مستشفى علاج الادمان بجدة والذي عمل فيه، ويحتوي هذا المستشفى على أجنحة للراغبين في الاقلاع عن المخدرات ولمن تجلبهم عائلاتهم قسرا ولمن طالته يد القانون. وقال إن «العقاب» والسجن ليس الحل في مقاومة ظاهرة الادمان وأن العلاج ليس بالطريقة الأمنية وحدها. وأشار الى أهمية التشجيع على التداوي الذاتي، وقال الدكتور حبيب تريعة إن المدمن يشكل خطرا عند حاجته للمخدرات حيث يتحول الى انسان عنيف وخطر على نفسه وعلى المجتمع ويتصرف بعنف، ويلجأ حتى للسرقة والقتل من أجل الحصول على الأموال ولسدّ حاجاته. أرقام وتساؤلات
يؤكد بعض الملاحظين أن مراكز علاج الإدمان في تونس غير كافية وأن محاربة الظاهرة في حاجة الى إمكانيات اكبر. وحسب بعض الأرقام هناك 7500 قضية مخدرات في تونس بعد الثورة، وهناك 1319 شخصا باعوا المخدّرات بين 2011 و2012. وتشير احصائيات أخرى الى وجود 522 قضية لبيع المخدرات سنويا بين 2007 و2011.
ومن المواد التي انتشرت في بيع المخدّرات بعد الثورة نجد مادة ال «شيبتاكس» ويقبل آخرون على ادمان الكوالا و«الزطلة» و«السوبيتاكس» و«الهيروين» وتؤدي بعض هذه المواد الى شلل وسرطان ومضار صحية مختلفة.
وتحذّر أطراف متعددة من انتشار المخدرات ووصولها أبواب المعاهد والجامعات واختراقها للأحياء الشعبية داعية الى ضرورة محاربة هذه الافة الضارة اجتماعيا وصحيا واقتصاديا. ويبدو تظافر المجهودات أمرا هاما قصد حماية الناشئة والمجتمع من هذه الظاهرة.