بالبالونات والشعر والمحاضرات يحيي التونسيون اليوم أربعينية الشهيد شكري بلعيد على غرار عدد من المدن والعواصم العربية والأجنبية كبرلين وبيروت ومرسيليا. «الشروق» تحدّثت الى عدد من المواطنين عما خلفته هذه الذكرى الاليمة في نفوسهم وعن الرمزية التي يوحي بها هذا الاغتيال الجبان.
في البداية يذكر الشاعر علي الصغير «خلفت حادثة الاغتيال في البال الكثير من الحزن والأسى والم وحيرة وغموض وأسئلة متعددة ليس لها أجوبة ونأمل أن يجيب عنها التاريخ حتى لا تبقى شأن كل الاغتيالات السياسية في دهاليز الكتمان».. وتفتقت قريحة الشاعر قائلا «يئست من العيش عيش الالم.. وبت ّأناجي طيوف العدم.. من قتل شكري بلعيد قتل كل التونسيين ومهما كانت أهدافه فان المسألة بين التونسيين لا يمكن ان تصل للقتل والاغتيال البشع ويبقى القاتل ومن أمر بالقتل سجين نفسه ينخره الأسى والالم ويبقى شكري شهيد الكرامة والحرية وكل ما يأمل بلوغه التونسي من كلمة حرة وأمل في المستقبل». ويضيف «متعب حتى النخاع ضياع أنا في وطني من ثاني أكسيد الضياع وانني أسير اوضاع قذرة قذرة قذرة.. تفرض على ذاتي قلب الاوضاع.. ». وختم محدثنا «يحكم قطيعنا رجل مخ...لص».
شهيد الحرية
من جهتها ذكرت هالة أنه باغتيال شكري لم يقتله كما خطط الى ذلك الجناة بل أحيوه في قلب كل التونسيين بل وفي قلب كل من يحب الحرية والحياة وسيبقى في ذاكرتنا رمزا للنضال والصدق ولن نصمت عن قتلته مهما طال الزمان.
يموتون عندما ننساهم
«لا يموت الرجال عندما يقتلون بل يموتون عندما ننساهم» هذا ما ذكره محمد بلعجوزة مضيفا ان الجناة في اغتيال بلعيد هم مرتزقة ولا بد من الكشف عن المخططين الحقيقين في هذه الجريمة.. والمجتمع التونسي لا ينتظر لوحده فالرأي العام العالمي والمنظمات الدولية تتابع باهتمام مجريات التحقيق ولو تواصل ضغط الشارع والمجتمع المدني والمعارضة سيتم الكشف عمن يقف وراء هذه الجريمة البشعة وحقيقة الجناة حتى لا تبقى أطوارها غامضة على غرار جريمة اغتيال «كيندي» ذلك ان الاغتيالات السياسية تبقى في الغالب غامضة لان جزءا من المتورطين فيها يكونون من السلطة أو من النافذين في البلاد. وهو ما قد تكشف عنه السنوات القادمة ويعرف بما وراء الجريمة.
ضغط الشارع
أما حاتم بن علي فيرى انه من الضروري الاسراع في الكشف عن الفاعل الحقيقي في هذه الجريمة البشعة التي عصفت بالحكومة المستقيلة وجعلت تونس تدخل منعرجا خطيرا من العنف السياسي الذي ذكرنا بالسيناريو الجزائري –لا قدر الله- اذا لم يتم التصدي له بالكشف السريع على الجناة مهما كانت الجهة التي ينتمون اليها .ولا يمكن الوصول الى ذلك بالنجاعة المطلوبة الا اذا استمر ضغط الشارع التونسي .
خطر السلاح
يسر ترى في حادثة اغتيال الشهيد بالعيد خطرا على كل التونسيين ومنعرجا خطيرا لتطور العنف في الساحة السياسية التونسية.. وتضيف كانت هناك عدة مؤشرات لتصاعد العنف لكن لم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة للحد من تواصل الانزلاق في مثل هذه الاحداث الهجينة على التونسيين. فالمطلوب هو ان نتعايش رغم اختلافاتنا لا ان نتقاتل.
شكري القائد
من جهته ذكر حبيب بن حمودة انه مازال يبكي شكري بلعيد.. ذلك انه يذكر كيف شاهده يوم 14جانفي يقود صحبة عدة مناضلين المظاهرات لإسقاط نظام الطاغية وقد تم اغتياله قبل ان يفرح بتحقق اهداف هذه الثورة التي شارك فيها وحلم بها.
ضبابية
توحي حادثة الاغتيال حسب نبيل الجليلي بالضبابية التي تتجه نحوها البلاد فلا شيء يبدو واضحا حول هذه الجريمة هل ارتكبتها ايادي تونسية ام انها جهات اجنبية؟ الاغتيال أدخل البلاد في الظلام وكل الاحتمالات مفتوحة والمؤسف انه حتى في حال الكشف عن الجناة فان ثقة التونسيين في هذه الحقائق مفقودة ويضيف محدثنا «لم نعد نصدق من في السلطة ولا حتى المعطيات التي تسربها وسائل الاعلام». وتساءل مصدرنا لماذا تتم محاسبة الاشخاص الذين يقومون بخطايا بسيطة على غرار التكلم في الجوال عند السياقة ولا يتم التسامح في شأنها في حين يبقى الجناة الحقيقيون طلقاء على غرار قاتل بلعيد.
تقول مبروكة كلما ذكر اسم بلعيد تذكرت وصيته بضرورة الوقوف لتونس وذلك بالتصدي الى العنف .وتضيف صحيح اني لم اعرف بلعيد مباشرة ومع ذلك اشعر انه فرد من العائلة منذ وفاته ويؤلمني ان يمر 40 يوما على اغتياله دون ان يعرف التونسيون هوية المجرمين الذين يتّموا أبناءه و رملوا زوجته وحرموا التونسيين من نضاله.