لم يسبق لحكومة في تونس أن وفرت مداخيل للميزانية كالتي وفرتها حكومة 2012 ..أملاك مُصادرة بيعت بالمليارات، وقروض وهبات مالية وهدايا من الدول ومن البنوك الدولية قُدرت أيضا بالمليارات .. ومداخيل جبائية أرفع من العادة (سببها تضييق الخناق الجبائي على المواطن البسيط وليس على الأثرياء المتهربين من الضريبة) ..ومليارات وفرتها زيادة سبتمبر في أسعار المحروقات في انتظار مداخيل زيادة أمس.. ومليارات كانت في ما مضى منهوبة فعادت لميزانية الدولة .. مقابل ذلك ، لم نر في انفاق الحكومة طيلة 2012 استثناء ..
لم تنفق الحكومة شيئا جديدا يذكر سوى نفقات عادية تعودت انفاقها الحكومات المتعاقبة .. لم نر الحكومة تنفق لبعث المشاريع المُشغلة للعاطلين.. لم نرها تنفق لتطوير وتحسين اسطول النقل العمومي وشبكة السكك الحديدية والطرقات .. ولا لتطوير وتحسين حالة المستشفيات والمدارس والكليات ولا لإخراج قطاع السياحة من عنق الزجاجة ولا لتطوير القطاع الصناعي والصادرات.. لم تنفق لتنظيف البلاد من الفضلات المتراكمة هنا وهناك .. لم تنفق لمد يد العون للمحتاجين والفقراء ولفاقدي السكن .. لم تنفق لتطوير مسالك تجارة التوزيع بشكل يقطع دابر المحتكرين والمضاربين والمهربين ، سبب بلية التهاب الاسعار ..
أنفقت الحكومة بسخاء، فقط، لخلاص أجور نُواب يتفق كل التونسيين على أنها خيالية ولا انسانية .. ولخلاص أجور وامتيازات اعضاء الحكومة ومستشاريهم، يُجمع كل الملاحظين على أن عددهم هو الأرفع في العالم .... ولخلاص تكاليف تنقلات مكوكية للمرزوقي والجبالي وبن جعفر ولبقية أعضاء الحكومة عبر مختلف دول العالم.. ولتقديم التعويضات المختلفة.. ولبناء مقرات إدارية وحكومية جديدة نحن في غنى عنها في الوقت الحاضر (على غرار المقر الجديد لوزارة الشؤون الدينية الذي كلف المجموعة الوطنية المليارات وكأن حال البلاد متوقف اليوم على مبنى جديد لوزارة تنفق المليارات ومداخيلها صفر مليم)..
دخَّلت الحكومة آلاف المليارات في صمت.. وأنفقتها في صمت.. دون أن تُحسّن صورة تونس لا داخليا ولا خارجيا ، ولا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا سياسيا .. وكالعادة تلجأ الحكومة في كل مرة إلى جيب المواطن لتجعل منه مُتّكأً.. زادت في الاسعار وغضت الطرف عن المضاربين بالأسعار فأطلقت لهم العنان .. اقتطعت من الاجور.. زادت في تعبئة المعاليم والضرائب.. ماطلت في الزيادة في الأجور.. وها هي تعود مجددا لجيب المواطن، ذلك «الحمار القصير» ، فزادت في أسعار المحروقات.. وهي بكل تأكيد عائدة في قادم الأيام للركوب على الحمار نفسه حتى ينقطع ظهره تماما.. فلننتظر.