يعمد مجددا طرف نقابي ينتمي الى قطاع التعليم العالي والبحث العلمي الى انتهاج لغة الاضراب وسيلة لاكتساب «شرعية» افتقادها يوم انسحب من مؤتمر النقابة العامة، اذ كان قد مثّل آنذاك أقلية غادرت قاعة المؤتمر وركنت الى المزايدة، وهي لغة بائسة التصقت بأكثر من مفارقة، فهل يعقل ان ينجز المربّون إضرابا ثانيا اثر فشل الاضراب الاول، حيث لم يشارك في ذاك الاضراب من المربين داخل القطاع سوى أقلية انتمت الى صنف أو صنفين على أٍقصى تقدير، فم تتعدّ نسبة المشاركة في الاضراب الاول 11؟ وهل يعقل ان ينجز اضراب آخر قيل مجددا أنه سيكون بغاية فتح باب المفاوضات مع الوزارة؟ ول من المقبول أن ينجز اضراب ثان من قبل طرف نقابي أقلّي واحد دون التنسيق مع بقية الاطراف النقابية، أو على الاقل العمل على الاتصال ببقية الحساسيات النقابية داخل القطاع؟ والى متى سيصر هذا الطرف النقابي على اعتبار نفسه الأحق في تمثيل المربين دون غيره من الاطراف النقابية وابتزاز نضالية المربين تبعا لذلك؟ والى أي متى ستغض المركزية النقابية «عينيها» عن حقيقة الواقع النقابي داخل القطاع مرتهنة الى مزايدة كتلة داخله لا غير؟ ثم أخيرا، وليس بآخر، ما جدوى انجاز اضراب جديد من قبل الأقلية والحال أن المركزية النقابية ذاتها قد أصرت عبر الصحف (جريدة الشعب وغيرها....) ما يفيد الشروع في إعادة هيكلة النقابات داخل الاتحاد، بما في ذلك إعادة هيكلة نقابة التعليم العالي والبحث العلمي، بما يضمن تمثيل جميع أصنافه الستة داخلها؟ فباسم من سيتكلم الجماعة ان أتيح لهم الكلام؟ إنّ هذه التساؤلات جميعها لن تجد جوابا بداهة عند هذه الأقلية من النقابيين اذ راهنت منذ اندلاع أزمة التمثيل النقابي داخل قطاع التعليم العالي، على الهروب الى الأمام وركوب الفوضى بغاية ابتزاز الأساتذة في مشروعية مطالبهم والحصول على «عذرية» نقابية جديدة، اذ ما انفكت هذه الأقلية تصرّح انها ستعمد الى سلاح الاضراب ولو بنسبة مشاركة لا تتجاوز 5، فهي تعتبر اضرابها اضرابا سياسيا بالأساس. كما لن تكون الاجابة عن هذه التساؤلات متوفرة عند المركزية النقابية بداهة أيضا اذ تتلهى هذه المركزية عن الأمر النقابي عموما، وداخل القطاع تخصيصا، بصراعات كتلها الداخلية وبتنافسها حول من يفوز بالحصة الجهوية الأكبر فيما يستقبل من الزمن. ان الاجابة الوحيدة على مختلف التساؤلات سابقة الذكر، لن تكون من هؤلاء أو أولئك بداهة، بل ستكون من المربيين أنفسهم الذين كانوا قد رفضوا الانخراط في الاضراب الأول، وسيرفضون حتما هذه المرة أىضا المشاركة في هذا الاضراب الأقلي، لأنه اضراب موظف لاغراض فئوية مصلحية سياسية، وعلى أيّ حال لأغراض لا صلة لها من قريب او بعيد بمطالب المربين المهنية.