احتضنت جربة على امتداد يومي الجمعة والسبت 20 و21 فيفري 2004 فعاليات الدورة الخامسة عشرة لملتقى فريد غازي للادب العربي وذلك بتنظيم من اللجنة الثقافية المحلية بجربة حومة السوق. الملتقى كان مناسبة جمعت العديد من المولعين بالأدب العربي وخاصة التلاميذ والاساتذة من جربة ومن العديد من جهات الجنوب الشرقي من مدنين وجرجيس وغمراسن وتطاوين.. بنخبة من خيرة اساتذة الجامعة التونسية على غرار توفيق بكار ومحمود طرشونة والمنصف الجزار ومحمد القاضي.. وقد جاء كل هؤلاء الجامعيين المحاضرين لمناقشة موضوع لا يخلو من الاهمية والطرافة وهو «الجدّ والهزل في الأدب العربي». لماذا «الجد والهزل»؟: جاءت الدورة الجديدة لملتقى فريد غازي تحت عنوان «الجد والهزل في الادب العربي». وعن اختيار هذا الموضوع يقول الاستاذ مصطفى بن عمر مدير الدورة: «رأينا ان اربعة عشرة سنة من الجد حان ان نلتفت شيئا ما الى الهزل خاصة وان قسما كبيرا من النصوص التي عالجها المعري والجاحظ والمتنبي فيها الكثير من الهزل. كما تم تناول هذا الموضوع حتى في امتحان الباكالوريا. وهو لصيقا بالأدب ويستحق عناية. وقد نجح الاساتذة الجامعيون في تناول هذا الموضوع بما جاؤوا به من طرق تحليلية ونقدية غاية في الجدّ والطرافة..». الأعمال الكاملة لغازي ان اغلب الحاضرين والمواكبين لملتقى فريد غازي لا يعرفون عن غازي الا المتلقي الذي يحمل اسمه خاصة وان اغلب الدورات لم تسلط الاضواء على الرجل فباستثناء الدورة الاولى في سبتمبر 1987 والتي اهتمت بجوانب عديدة من حياة غازي فإن بقية الدورات نادرا ما تذكّرته. اضافة الى اغلب ما كتبه فريد غازي مازال مشتتا وهو ما دفع بالعديد من المهتمين بكتابات غازي الى التفكير في جمع اعمال هذا الرجل الذي اعطى الكثير. ويعتبر الدكتور محمود طرشونة من اكثر الحارصين على جمع ونشر كامل اعمال فريد غازي ولقد تعرّض الدكتور طرشونة لهذا «المشروع» في المداخلة التي قدمها تحت عنوان «فريد غازي: الاعمال الكاملة مشروعا وطنيا» وفي تصريح ل «الشروق» حول هذه المسألة قال الدكتور محمود طرشونة: «فريد غازي هو مؤلف متنوع الاهتمامات كتب في النقد والبحث الجامعي وفي الابداع ايضا شعرا ونثرا وقمة ومسرحا ورواية باللغتين العربية والفرنسية وبلغت مؤلفاته ما يقارب الخمسة وعشرين كتابا لم ينشر منها في حياته سوى كتابين ونشرت بعد وفاته ثلاثة كتب وبقي ما يقارب العشرين عنوانا كلها مخطوطة وتحتاج الى إحياء ليظهر وجه فريد غازي الحقيقي، لان الناس لا يعرفون عنه الشيء الكثير ولا يعرفون بالخصوص انه كتب ما يفوق الاربعة آلاف صفحة. ولهذا لابدّ ان تتظافر جميع الجهود لإحياء هذا التراث الذي اعتبرناه وطنيا اي ان تساهم فيه جميع الجهات. فوزارة الثقافة والشباب والترفيه عبّرت عن استعدادها لتبني هذا المشروع، كذلك بلدية جربة حومة السوق عبّرت عن استعدادها للمساهمة فيه لانه مكلف جدا. لهذا آن الاوان لنشرع في هذا الانجاز». دعوة الى تطوير الملتقى على غرار الدورات السابقة حققت الدورة الجديدة نجاحا على جميع المستويات كما عبّر كل المواكبين للملتقى عن اعجابهم بجميع المداخلات لما قدمته لهم من افادة، ورغم هذا النجاح فإن الملتقى وحسب العديد من المتابعين لأغلب دوراته اصبح في حاجة الى «التطوير» وهو ما اكده الدكتور محمود طرشونة قائلا: «يمثل ملتقى فريد غازي محطة علمية ونقدية هامة لهذا فهو يحتاج دائما الى مزيد من الدعم من جميع الجهات ويحتاج ايضا الى التطوير. في نظري ليس من الضروري ان يركّز هذا التركيز المكثف على البرامج المدرسية، اذ ينبغي ان يقوم بدور تثقيفي عام خاصة وان فريد غازي لم يكن يهتم بالدروس في الجامعة فقط وانما كانت ثقافته عامة واهتماماته متعددة ولهذا فإن الملتقى الذي يحمل اسمه يجب ايضا ان يكون على هذه الصورة، ولكي يتوسّع يجب ان يخرج عن هذا النطاق الضيق المتعلق بالمعاهد. ومن جهتها دعت القاصة حياة الرايس الى ضرورة توسيع اهتمامات الملتقى وذلك بإدراج العنصر الابداعي وعدم الاكتفاء بالجانب الاكاديمي النقدي لذلك اقترح ان يكون للأشكال الابداعية من شعر وقصة ورواية نصيب في الدورات القادمة».