إن اتحاد الكتاب التونسيين، هذه المنظمة الوطنية العريقة التي تضمّ في صفوفها نخبة من رجال الثقافة والفكر في تونس والتي تعدّ احدى لبنات المجتمع المدني واحدى مظاهر تطوّر المجتمع التونسي وانخراط جميع فئاته في منظومة دولة القانون والمؤسسات التي راهنت على وعي مثقفيها ومبدعيها في تدعيم هذا الخيار الحضاري ووفّرت لهم الارضية الملائمة للانطلاق نحو الافضل والقفز بعيدا عن بوتقة التيارات السياسية بجميع ألوانها وتفريعاتها على أن يكون الولاء والانتماء لها وحدها تونس المجد تونس الحضارة، تونس التاريخ بعيدا عن منطق المزايدات والحسابات الضيقة والاهواء الشخصية. ومن منطلق تمسكي بسلامة اتحاد الكتاب التونسيين باعتباري عضوا فيه من كل مكروه وفي خضم الازمة الاخيرة المخجلة التي تمرّ بها والتي أثّرت سلبا على مكانته ومردوديته واشعاعه وعلى مكانة المبدع عموما ومن باب الغيرة على هذا المكسب الوطني ادعو جميع الاطراف الى التحلي بالسلوك والخطاب الحضاري العقلاني والانتصار الى شرعية القانون وتغليب قوّة الحجّة والمنطق ونبذ التعصّب والانغلاق والاقصاء واعتماد سياسة الحوار وضمان حق الاختلاف والانصات للرأي الاخر تفاديا للانزلاقات التي من شأنها ان تمسّ بسلامة هذا الهيكل ومصداقيته ولنسعى جميعا الى البحث عن السبل الملائمة لتطويق هذه الازمة حتى نتفرّغ جميعا الى بلورة مشاريع ثقافية تسهم في تحقيق الاضافة ونكون في مستوى المواعيد الهامة التي تنتظرنا وفي مستوى تطلّعات المجتمع المدني بأكمله، حتى لا نكون عبئا ثقيلا عليه وعلى الدور الثقافي التنويري عموما. ومن هذا المنطلق أدعو الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين الى التحلي بالرصانة والتريّث وسعة الصدر والالتزام بسلطة القانون الاساسي والنظام الداخلي الذي يظل الفيصل في كل الخلافات المتعلّقة بالتراتيب الداخلية حتى لا تختلط علينا السبل ويزداد الوضع تورّما ولنتخذ من قبسه ضياء نستنير به في مقترق الطرق. كما أن الاصوات التي ارتفعت تنادي باحترام القانون الاساسي والنظام الداخلي للاتحاد والتي فاق عددها المائة ممثلة لكل الفروع والجهات والاجيال لا أعتقد انها على ضلالة من أمرها، ولا أعتقد ان سياسة الاقصاء التي تم انتهاجها في المدّة الاخيرة وعدم تشريك الكتاب الاعضاء في المشورة والرأي مظهرا حضاريا يحقق التواصل والانسجام ويضمن لهذا الهيكل الديمومة والاستمرار والتقدّم بالكاتب والكتابة في تونس التي راهنت على الطموح والامتياز. وهذه يدي ممدودة الى كل العزائم الصادقة والانفس الابية من كتاب ومبدعين ومفكّرين وجامعيين للانخراط المثمر في عملية انقاذ الاتحاد واعادة مجده في اطار الشرعية والمبادئ والاهداف التي بعث من أجلها، فلن يغفر لنا التاريخ التنصل من مسؤولياتنا. وإني اعتقد جازما ان هذا البلد الصغير في مساحته والكبير برجالاته الذي عوّدنا ساعة جدّ الالتحام والتضامن لما فيه خير البلاد والعباد مازال خيره مدرارا ومازالت تربته خصبة معطاءة. وما الغد المنشود الا نبت أيدينا.