تقدم صاحب مؤسسة تجارية بدعوى قضائية ضد أحد أجرائه بعدما فقد مبلغ 7 آلاف دينار من أموال المؤسسة والتي تبين أنه أنفقها في بعض شؤونه والغريب أنه أنفق المبلغ من أجل الحصول على كنز افريقي ظل «طريدا» إلى حد اليوم. المتهم يشتغل بمؤسسة تجارية خاصة وقد أمنه صاحبها على كل الحسابات المالية وكان محل ثقة كل زملائه ومثالا في الجدية والالتزام . تعرف هذا الموظف البسيط على مواطن افريقي وشهدت لقاءاتهما أحاديث طويلة حول الثروة والجاه وبدا له أن أبواب الثروة آتية خاصة أن الافريقي أثبت له كراماته ولمساته السحرية اذ أخذ هذا المتحيل حقيبة سوداء اللون وفتحها أمام المتهم في هذه القضية ليتأكد من أنها فارغة لا شيء فيها، ثم أحكم اغلاقها ثانية، ولفها بقطعة قماش بيضاء وطلب من زائره أن يمده بورقة نقدية من فئة العشرة دنانير فلبى طلبه، وهكذا أخذ «الساحر» الورقة وأحرقها فوق الحقيبة ثم ذرّ الرماد عليها وبدأ بقراءة آياته السحرية وتلاوة طلاسم لا يفك رموزها غيره وتواصل ذلك قرابة النصف ساعة، ثم طلب «الساحر» من ضحيته فتح الحقيبة، فكانت المفاجأة مزلزلة وغير منتظرة، آلاف الدولارات مربوطة حزما حزما فتأكد من كلام الافريقي وتأكد أنه كلما دفع الحريف أكثر نال أكثر، لذلك توجه الموظف مسرعا نحو مقر عمله حيث استولى على مبلغ 7 آلاف دينار رغم أن الافريقي لم يطلب غير 5 آلاف لاستخراج كنز. قدم المتهم المتضرر كامل المبلغ الذي استولى عليه من الشركة التي يعمل بها وطلب من الساحر أن يفعل بالمبلغ ما يشاء. «الساحر» الافريقي كان مستعدا للرحيل بعدما تحيل على آخرين لذلك وبمجرد استلامه المبلغ المالي الذي استولى عليه الموظف من الشركة حتى غاب ولم يبق منه غير حقيبته الفارغة وورطة الموظف الذي وجد نفسه في مأزق حقيقي إن هو لم يقم بارجاع أموال الشركة التي أخذت وجهتها رفقة آلاف أخرى من الدنانير التونسية الى افريقيا جنوب الصحراء.... حصل ما في الصدور، وتفطن صاحب المؤسسة الى عملية الاستيلاء فلم يجد أمامه غير القضاء. اعترف الموظف بالتهم التي نسبت اليه وصرح أثناء التحرير عليه أنه تعرض الى عملية تحيل وأنه كان يعتقد بأن دفع المبلغ المالي الذي استولى عليه من الشركة سيدر عليه الملايين فيرجع مال المؤسسة ولِمَ لا، يستقيل ويهتم بأعماله الجديدة وثروته حين الحصول على الكنز. المهم بالنسبة الى المحققين أن الموظف أو الأجير استولى على أموال مؤجره، وهو ما يعد قانونا خيانة مؤتمن. لذلك، تمت احالة المتهم على أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة حيث تمسك بنفس أقواله التي أدلى بها لدى باحث البداية وصرح بأنه تعرض إلى عملية تحيل من ساحر افريقي أخذ مال مؤجره واستولى على أموال الآخرين، ثم لاذ بالفرار تاركا وراءه أوهام كنز ما زال طريدا الى حد اليوم. بعد أن استمع قاضي التحقيق الى أقوال المتهم قررت النيابة العمومية احالته على الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس بعدما رأت أن ما اقترفه لا يعد جناية نظرا للظروف التي أحاطت بالجريمة عموما خاصة وأن المتهم رب عائلة في الاربعينات من العمر ونقي السوابق العدلية. اعترف المتهم أمس ساعة وقوفه أمام هيئة المحكمة وصرح بنفس الأقوال التي أدلى بها خلال الطورين التحقيقيين سواء أمام باحث البداية أو لدى قلم التحقيق وتمسك بأنه تعرض الى عملية تحيل من شخص افريقي استطاع اقناعه مثل غيره من الآخرين بوجود كنز كما اعترف المتهم باستيلائه على مبلغ 7 آلاف دينار من أموال الشركة التي يعمل بها. من جهته اعتبر لسان الدفاع أثناء مرافعته على منوبه المتهم أن موكله كان ضحية أكثر منه جان، وأن ما تعرض له أحدث ضررا به وبعائلته التي تجندت لبيع ما تستطيع بيعه، والاقتراض على وجه السلفة حتى استطاعت تجميع مبلغ آلاف دينار ثم ارجاعها الى الشركة المتضررة وطلب المحامي من هيئة المحكمة الأخذ بعين الاعتبار جبر ضرر المؤسسة التجارية المعنية وتعرض منوبه لعملية تحيل بعدما أوهمه «الساحر الافريقي» بوجود كنز كما طلب مراعاة حالة منوبه النفسية جراء الصدمة التي لقيها ومراعاة كونه رب عائلة ونقي السوابق العدلية. من جهة أخرى طلب ممثل النيابة العمومية المحاكمة وفقا للائحة الاتهام وفصول الاحالة القانونية، لتقرر المحكمة بعدما نبهت على المتهم بعدم العودة وأخذ العبرة مما جرى له ولغيره بالتخلي عن أوهام الكنوز والسحر والشعوذة والاهتمام بعمله والعيش بعرق الجبين، أن تحجز القضية للنظر في ما يستحقه من عقاب بعد انهاء المفاوضة القانونية في وقت لاحق.