يصيب سرطان الثدي في تونس ألف حالة جديدة سنويا في صفوف النساء و10 حالات تجديد في صفوف الرجال. ولئن تمكن المختصون من تحديد العوامل المشجعة على الاصابة بالسرطان لدى النساء فإنها ظلت مجهولة بالنسبة للرجال ويظل في هذه الحالة التقصي المبكر للمرض هو أنجع الطرق للقضاء عليه وهو ما نفتقر إليه في تونس. وللوقوف عند أسباب المرض ومستجداته واكبت «الشروق» الندوة الوطنية التي نظمها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري أمس بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة وتحت عنوان «الوقاية من سرطان الثدي عن طريق التقصي المبكر بالتصوير الشعاعي». التغذية متهم أول أفاد الدكتور منصور بن عبد الله أخصائي الأمراض السرطانية بأريانة أن سرطان الثدي يصيب سنويا ألف حالة جديدة لدى النساء و10 حالات سنويا لدى الرجال. وتتعلق العوامل المؤدية للاصابة بسرطان الثدي لدى النساء بالتأخر في سن الزواج وعملية الارضاع الى جانب التدخين. ولوحظ من خلال بعض البحوث أن المرأة التونسيةالشابة عرضة لمرض السرطان أكثر من غيرها وتتشابه في ذلك مع المرأة الأوروبية ويعود ذلك ربما لأن الشابةالتونسية مؤهلة بالوراثة أكثر من غيرها للاصابة. ولاحظ أن الخطير بالنسبة للتونسيات هو اكتشاف الورم في مرحلة متأخرة جدا حيث يبلغ 6 صم وقال أنه منذ 20 سنة تقريبا لم يتضاءل الحجم حيث بلغ 5 صم بينما في أوروبا يكاد يصل إلى 1.5 وأوضح أن ما يجعل هذه الدول تفوقنا هو أنها تعمل على تدعيم الكشف المبكر لأنه كلما كشفنا عن السرطان بصفة مبكرة كلما تمكنا من توفير أمل حياة يصل الى 92. وحول سبل الوقاية من هذه الأمراض أفاد أن الحل رغم أنه غير ثابت يكمن في تغيير أسلوب التغذية والتخفيض من الدهنيات. متقدم الدكتور فاروق بن منصور مدير مركز الصحة الانجابية بباردو هو أول من بادر ببعث وحدة لتدريب النساء على الكيفية الصحيحة للفحص الذاتي للثديين سنة 2000. وفي حديثه عن هذه الوحدة قال : «لقد خصصنا لها قابلة تعمل كامل الوقت لفائدة النساء المقبلات عليها وتعلمهن كيفة الكشف الذاتي. وأضاف يزور الوحدة بين 15 و20 امرأة في اليوم مما مكننا من توجيه 280 حالة لأمراض الثدي فيها ما يقارب ال4 مصابة بالسرطان وحول دوافع بعث هذه الوحدة أفاد الدكتور أن متوسط قطر الورم عند العيادة متقدم جدا (5 صم) مقارنة بالبلدان المتقدمة وذكر أنه في هذا الحجم يتسرب الورم الى الثدي وإلى المجاري اللمفوية في الإبط ولأجل التخفيض من قطر الورم قال : «سعينا لتدريب النسوة على الفحص الذاتي مرة في الشهر وتحديدا بعد نهاية الحيض ب5 أيام علما وأن هذا الفحص يساعد على التفطن لجل الأمراض التي تصيبه وليس السرطانات فحسب». وأشار الى أن تطور السرطانات يكون بطيء جدا في المراحل الأولى ومثال ذلك أن الورم يتطور لمدة 10 سنوات ليبلغ حجم الصنتيمتر الواحد. ونأسف لأن التلمس الذاتي لا يتفطن إلا للأورام التي تتراوح بين 1.5 و5 صم وهو ما يدفعنا الى التأكيد أثناء حصص التدريب على ضرورة قيام المرأة بالكشف الاشعاعي بصفة دورية كل سنتين أو ثلاث لاكتشاف الورم وهو في أحجام المليمتر حيث يمكن للطبيب استئصال الورم مع المحافظة على وجود الثدي. ولاحظ الدكتور فاروق اقبال النساء على التدريب على الفحص الذاتي وشجع بقية النسوة على القيام بهذا الفحص حتى يحتل الثدي المكانة التي تليق به من العناية الصحية وحتى تخفف من النتائج السلبية للكشف المتأخر لأورام الثدي. وأفاد أن العيادة تعمل خلال الفترة الصباحية وتساعد على التعلم الذاتي عن طريق أدوات هي عبارة عن مجسات بلاستيكية في داخلها الورم فتقوم المرأة بلمسها حتى تحفرها في ذاكرتها وعندما تجد شيئا مثيلا لها خلال عملية اللمس تأتي لتبليغ الوحدة. كما يتم تسليم مطوية مكتوبة تلخص الكيفية العملية للفحص الذاتي ومختلف العلامات التي يمكن أن تشير لوجود ورم. خطة أفادت الدكتورة منيرة مصمودي النابلي أن ادارة الرعاية الصحية الأساسية تعمل على غرس ثقافة التقصي المبكر للسرطان من خلال تنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة السرطان. وانطلقت في تكوين المكونين وسوف يتم تطبيقها تدريجيا عبر الجهات مع توفير آليات الكشف لسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم. وتحدث الدكتور زهير الفقيه المدير الجهوي للصحة بأريانة عن مشروع احداث مركز ثان لعلاج السرطان بأريانة ليكون مكملا لنظيره بصالح عزيز. وسيحتوي هذا المركز المقرر الانتهاء منه في غضون 2006 على وحدات لعلاج السرطان وخاصة العلاج بالأشعة بمختلف أنواعها. وقال : «أن الهدف من وراء هذا المشروع الرئاسي هو التقليص من مدة الانتظار بالنسبة للمرضى وتقريب الخدمات» وأضاف أن كلفة المشروع بلغت 6 مليارات وطاقة استيعاب الاقامة فيه في حدود 40 سريرا. وعي صحي أفادت السيدة نزيهة بن يدر وزيرة شؤون المرأة والأسرة والطفولة بحضور السيدة نبيهة قدانة مديرة ديوان الأسرة والعمران البشري أن سياسة الوقاية والإعلام الجماهيري ونشر الوعي الصحي وتقريب الخدمات من مختلف الشرائح النسائية مكنت في الرفع من نسبة الحوامل اللاتي ينتفعن بفحص طبي قبل الولادة الى ما يفوق 87 ومن الرفع من نسبة الوضع في مراكز صحية مراقبة الى ما يناهز ال90 ومن التخفيض في عدد النساء عند الوضع من 134 امرأة لكل مائة ألف ولادة حية خلال سنة 1966 الى حدود 50 لكل مائة ألف ولادة حية والرفع من مؤمل حياة المرأة الى 75 عاما. واعتبرت أن تركيز الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري لبرنامج نموذجي للتقصي المبكر لسرطان الثدي عن طريق التصوير الشعاعي يجسم حرصه على تطوير خدماته المسداة للمرأة في مجال الصحة الانجابية والتقصي المبكر للسرطانات الأنثوية وخاصة سرطان الثدي. ولئن كان هذا المشروع سيشمل في مرحلته الأولى التي انطلقت منذ بداية السنة عينة من 14 ألف امرأة من مختلف معتمديات ومناطق ولاية أريانة فإنه سوف يؤسس لبرنامج أكبر وأوسع يكون قادرا بالتدرج على استيعاب كافة النساء المعنيات بهذه الخدمة. وواصلت السيدة نبيهة قدانة مديرة الديوان متابعة المداخلات التي ألقيت من قبل المختصين والمشرفين على بعض البرامج مؤكدة على ضرورة تكاثف جميع الجهود للتخفيض من نسبة الاصابة بالمرض.