الرابعة على التوالي: الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز إف 35    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    اتحاد الشغل يدعو النقابيين الليبيين الى التدخل لإطلاق سراح أفراد قافلة "الصمود"    نتنياهو: "إغتيال خامنئي سيُنهي الصراع".. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    من تطاوين: وزير التربية يشرف على انطلاق مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    حالة الطقس هذه الليلة    "سيطرنا على سماء طهران".. نتنياهو يدعو سكان العاصمة الإيرانية للإخلاء    تظاهرة يوم الابواب المفتوحة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة .. فرصة للتعريف ببرنامج التكوين للسنة التكوينية المقبلة وبمجالات التشغيل    تعيين التونسية مها الزاوي مديرة عامة للاتحاد الافريقي للرقبي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    عاجل/ إضراب جديد ب3 أيام في قطاع النقل    الشيوخ الباكستاني يصادق على "دعم إيران في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية"    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    كأس العالم للأندية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة فلامنغو البرازيلي    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    "صباح الخير يا تل أبيب"!.. الإعلام الإيراني يهلل لمشاهد الدمار بإسرائيل    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفكرون وسياسيون يتحدثون في ندوة «الوحدوي»: الديمقراطية وحقوق الانسان بين مطرقتي الاستحقاق الوطني والاشتراط الدولي
نشر في الشروق يوم 19 - 11 - 2006

نظم الاتحاد الديمقراطي الوحدوي مساء أول أمس الجمعة ندوة سياسية / فكرية حول أحد أهم مواضيع الساعة جدلا وسخونة لا فقط على المستوى الوطني بل كذلك على المستوى الدولي وإلى جانب عدد من المحاضرات تواصل التفاعل بين عدد من المثقفين والسياسيين والنخب حول التجاذب الموجود لمسألة حقوق الانسان بين الاستحقاقات الوطنية والقومية والاشتراطات الدولية.
«الشروق» واكبت الندوة التي أجمع المشاركون فيها على أهميتها في تنشيط الحوار بين مختلف العائلات الفكرية والسياسية في البلاد، ونقلت أهم ما جاء في المداخلات.
* تغطية: خالد الحداد
* أحمد الاينوبلي (الأمين العام للوحدوي): لا خصوصيّة حزبيّة في طرح قضيّتي الديمقراطية وحقوق الانسان والحوار خيار استراتيجي لفهم المتغيّرات الاقليمية والدولية
أشار السيد أحمد الاينوبلي الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي في بداية الندوة الا أن هذا النشاط يندرج في اطار تفعيل الحوار بين النخب السياسية والفكريّة في البلاد تقريبا لوجهات النظر وتحقيقا للوفاق حول أهم القضايا والملفات خدمة لمستقبل البلاد.
وقال الاينوبلي أن المواطن العربي واقع اليوم بين معادلة صعبة تجمع بين طرفيها عالمية حقوق الانسان والديمقراطية وخصوصية واقعه القطري والقومي. وأوضح أن هناك حالة من التأرجح بين التطلّع الى آفاق رحبة وواعدة في مجال الحريات وحقوق الانسان وبين ما تتمّ ملاحظته في أكثر من بلد عربي من اتجاه نحو تكريس الواقع السلطوي والقمعي.
وأكد الاينوبلي على أن فك ألغاز هذه المعادلة لا يمكن أن تتمّ خارج دائرة الحوار الذي يبقى الخيار الاستراتيجي الوحيد لطرح مختلف القضايا الوطنية والدولية في ابتعاد كامل عن خصوصيّة أي حزب أو تنظيم سياسي».
ودعا الاينوبلي بقية الأحزاب الوطنية الى مزيد العمل الجماعي من أجل تحقيق رؤية موحدة ومتقاربة حول سبل تدعيم مجالات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان في البلاد.
* الدكتور الجنحاني: رفض الهيمنة تقليد في الفكر السياسي العربي ولا تحقيق لاصلاح ديمقراطي دون توفر للحريات العامة
اثار الدكتور الحبيب الجنحاني في مداخلته عددا هاما من النقاط المتصلة بملف تقييم واستشراف واقع التجارب الديمقراطية في الوطن العربي.
وأبرز المتحدث ان المنطقة العربية لها تقاليد وارث كبير في رفض الهيمنة وهي ليست في حاجة لتلقي مواعظ أو دروس من أحد على الاطلاق.
واستعرض الدكتور الجنحاني بدايات رفض الهيمنة والتي أوجدت عددا من الضحايا من أمثال الأفغاني والكواكبي وولي الدين يكن الذين كانوا مناضلين في سبيل الحرية للشعب العربي، وأضاف المتحدث أن هذه التضحيات والنضالات تواصلت في الفترة الاستعمارية كما تواصلت في فترة الدولة الوطنية غداة الاستقلال إذ عرف الشباب العربي المحاكمات السياسية والتعذيب كما عاش الغربة، وقال الدكتور الجنحاني ان النخبة السياسية والفكرية العربية لم تنتظر أن يؤتى لها بالديمقراطية على أجنحة الصواريخ والدبابات.
كما أفاد المحاضرات التراث العربي الاسلامي هو كذلك تراث ثريّ وعديدون قاوموا في الفترة العثمانية أو حتى قبلها، وقال ان هذا التراث هو رافد مهم وثريّ ضمن نضال الشعوب كلها.
* مهمة الأحزاب السياسية
وأشار الدكتور الجنحاني ان من مهمة الأحزاب السياسية في الوطن العربي احياء هذا التراث وتأكيد ان قضية الاصلاح السياسي والتجارب الديمقراطية ليست جديدة عن الفكر العربي إذ هي حقيقة موضوعية وثابتة، وعددا لمحاضر التجارب الديمقراطية التي عرضتها بعض الأقطار العربية خاصة في فترة ما بين الحربين وقال ان قضية الديمقراطية والحريات كانت قضية أساسية في أجندة حركات المقاومة والتحرير وقال ان المتمعن في أدبيات الأحزاب والمفكرين يلمس بيسر الوعي الموجود بأن الاستقلال السياسي هو الخطوة الأولى لبناء دولة وطنية حديثة، وقال ان الشعار الذي رفعه المتظاهرون في أحداث 9 أفريل 1938 على سبيل الذكر (برلمان تونسي) هو تعبير عن برنامج كامل يتضمن الدولة الحديثة وبناء المؤسسات المراقبة من قبل البرلمان.
* حلم وتقييم
وفي تساؤله عما إذا كانت الدولة الوطنية العربية المستقلة نجحت في تنفيذ وتحقيق حلم حركات التحرير والأجيال العديدة ورواد الاصلاح قال الدكتور الجنحاني ان هذه الدولة قد واجهت مشاكل معقدة منها تصفية الارث الاستعماري وبناء المؤسسات ومشكلة التنمية.
وأشار المحاضر إلى ان النجاحات التي تحققت في ظل الدولة الوطنية لا يمكن أن تحجب حقيقة ان الجيل المؤسس لها قد ضحى بشيء ثمين يدفع الآن المواطن العربي ثمنه، وقال المحاضر ان نخب ما بعد الاستقلال ضحت بالحريات والديمقراطية من أجل تصفية الارث الاستعماري وبناء الدولة وهو ما أوجد حالة أشبه ما تكون بالتناقض بين معركي التنمية والحريات العامة.
وفي بحثه عن أسباب هذا التناقض والفشل في تحقيق نجاحات في مجال الحريات السياسية بل وكذلك حتى في ميدان التنمية حيث ان أكثر التجارب التنموية أجهضت لاحظ الدكتور الجنحاني أن أبرز الأسباب هي خضوع الأقطار العربية إلى الحزب الواحد الشمولي وإلى المؤسسات العسكرية وفي بعض الحالات اجتمعت المحنتان.
ولاحظ المحاضر ان الواقع العربي اليوم يشهد بداية التراجع والانكسار عن مكاسب الدولة الوطنية فعلى مستوى النظام التربوي والعقل الحداثي العقلاني تم كسب معركة الكم لكن دون تعمّق في الكيف وهذا ما يطرح مشكلة كبيرة في زمن العولمة.
وأكد المتحدث ان الاصلاح السياسي والديمقراطي مربوط بقضية الحداثة ولا يمكن أن يكون خارجا.
* آفاق مستقبلية
وفي تعرضه للآفاق المستقبلية قال الدكتور الحبيب الجنحاني انها معقدة جدا وأضاف المحاضر أمله في أن لا ترتكب النخبة وهي ترسم آفاق المستقبل نفس الخطإ الذي ارتكبته الأجيال التي بنت الدولة المستقلة وهي عدم الاهتمام بالاصلاح السياسي.
وأشار الدكتور الجنحاني إلى أن الطفرات الاقتصادية وبرغم تحقيقها للمكاسب فهي تبقى عرضة للفشل إذا لم يرافقها اصلاح سياسي جذري.
وأكد المحاضر على ان الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ثالوث مترابط لا يمكن الفصل بينها وان الحريات الانسانية هي القاعدة الصلبة لانجاح مسيرتي الديمقراطية وحقوق الانسان.
وانتهى المحاضر إلى ضرورة وأهمية النضال من أجل الحريات العامة للتقدم في مسار الاصلاح السياسي والديمقراطي.
* نوفل الزيادي (حقوقي وباحث جامعي): لا يمكن المطالبة بتوسيع هامش الديمقراطية دون ممارسة فعلية لها داخل الأحزاب والمنظمات
أشار السيد نوفل الزيادي الباحث الجامعي والوجه الحقوقي المعروف الى انه من واجب القوى السياسية ومكوّنات المجتمع المدني ان تقوم بجهد كبير لتقييم الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعقلية موضوعية ناقدة.
وقال الزيادي انه لابدّ لنا ان نقف بصورة موضوعية عند المكتسبات التي تحققت وتحديد النقائص والرهانات المستقبلية ولابدّ من وضع برنامج واضح لكل حزب وجمعية حتى نتمكن من تحديد هوية ومواقف كل الاحزاب والجمعيات مع القضايا المطروحة الحياتية لمختلف مكوّنات الشعب التونسي.
وقال الزيادي ان الترابط بين حقوق الانسان والتنمية مسألة حيوية ولابدّ من العمل الجاد على تحقيق هذه الرهانات بصورة متكاملة.
وأكد المتحدث على ضرورة ان يدافع الجميع ويناضل من اجل مزيد تطوير الحياة السياسية وتحقيق مكاسب فعلية في مجال الديمقراطية والحريات السياسية مع اهمية ضبط وصياغة شكل دقيق للقوانين الحامية لها من الارهاب والتطرف وعندها تكون قواعد العمل السياسي واضحة ويستطيع الناخب ان ينتخب من يمثله بشكل شفاف وواضح.
وأشار الزيادي الى اننا في حاجة الى الدفاع عن مبادئ العقلانية في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية ولا يمكن مواجهة اقتصاد السوق وسلعنة الذات البشرية وثقافة الاستهلاك والتغريب بالشعارات الرنّانة ولكن بالبرامج والمقترحات العملية التي تساهم في حماية حقوق العمال والشباب والمرأة.
وفي هذا المجال لابدّ من العمل على تطوير الاوضاع داخل الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد العام لطلبة تونس وبالاخص الرابطة التونسية لكي تقوم بدورها الطبيعي وأداء وظيفتها في نشر ثقافة حقوق الانسان والمواطنة والوقوف ضد الانتهاكات والتجاوزات وعلى هذا الأساس ولكي تخرج الرابطة من ازمتها الخانقة الحالية من واجب المنخرطين الدفاع عن هذا المكسب الوطني كما من حقهم المشروع بل المقدس في مطالبة الهيئة المديرة بفتح حوار رابطي عميق بين الهياكل والمنخرطين لتحديد اسباب الازمة وايجاد المخرج الايجابي لواقع الازمة وعلى هذا الاساس فإن نداء المنخرطين يهدف بالاساس الى المساهمة في عودة الرابطة التي موقعها بعيدا على كافة اشكال الوصاية والاقصاء والارهاب والتشهير الذي يعتمده اقلية نرجسية لا يهمها النضال اليومي والجاد من اجل تطوير وتغذية الديمقراطية داخل مكوّنات المجتمع المدني والعمل على ضمان استقلاليتها.
وأكد المتحدث على ضرورة تطبيق الديمقراطية واحترام القوانين الداخلية داخل الاحزاب والمجتمع المدني حتى نتمكن من المساهمة الفعّالة والناجعة في تجسيد الترابط النضالي بين قضايا حقوق الانسان والديمقراطية والتنمية وحتى نتمكن من التعويل على قدراتنا وطاقاتنا التونسية ونتضامن مع كافة المدافعين على القضايا الانسانية على المستوى الدولي ولكن دون الالتجاء او الاعتماد على القوى والاطراف الامنية التي لا يمكنها ان تفكر وتعمل على تحقيق مصالح شعبنا التونسي وحماية الأجيال الشابة القادمة من مخاطر الانحراف والتطرف.
* محمد بوشيحة (الأمين العام للشعبية): على النخب السياسية والفكرية والسلطة مواجهة تحدّي الاستعمار الجديد
قال السيد محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية أن مسألة حقوق الإنسان والديمقراطية من المسائل المهمّة جدّا اليوم، ولاحظ المتحدّث أن العالم سيشهد تحوّلات كبيرة جدّا وأن المنطقة العربية تعرف محاولات جديدة لدخول الاستعمار الجديد.
وأوضح السيد بوشيحة أن الاستعمار الجديد يسعى للدخول من باب الحريات وحقوق الانسان وهو دخول في نوايا استعمارية وهيمنة مفضوحة ذلك أن المتابع للأوضاع في فلسطين مثلا يستنتج سياسة المكيالين والتغاظي عن جرائم يوميّة ترتكب في حق الشعب الفلسطيني في مظاهر أبعد ما تكون عن حقوق الانسان والديمقراطية، وتساءل السيد بوشيحة عن أية ديمقراطية وحقوق الانسان يتحدّث الغربيّون؟
وأكد المتحدث على أن النخب السياسية والفكرية في مقدمة المسؤولين عن رفع هذا التحدي ومواجهة المد الاستعماري الجديد كما أن السلطة السياسية مطالبة هي الأخرى بالايمان بتلك المسؤولية على اعتبار أن المسألة هي من القضايا المصيرية.
* سالم لبيض (دكتور في علم الاجتماع): لا يمكن دراسة الديمقراطية وحقوق الانسان خارج سياق الهوية
قسّم الدكتور سالم لبيض مداخلته الى مجموعة من المحاور وهي أساس المدخل النظري الذي تعرض الى مختلف تعريفات الهوية في الفكر الفلسفي العربي... وقال المحاضر ان الهوية تستند الى مقولة سوسيولوجية هامة «هي الحسّ المشترك» بالنسبة إلى أفراد المجتمع الواحد ومن ثمّة لا بدّ من البحث عن مكونات ذلك الحسّ نظرا إلى أن الهويات التي تبنى اليوم على أساس مهني أو عرقي أو على أساس العادات والتقاليد واللهجات التي تميز المجموعات محدودة وجزئية وليست مجتمعية. «لقد تبيّن من خلال الدراسة التي قمنا بها أن الحسّ المشترك في «الهوية التونسية» أو كما يختزلها الخطاب السياسي هو اللغة والدين.
أما المحور الثاني فهو إرث الهوية في تونس ويتناول أثر اللغة العربية والدين الاسلامي في التعبئة ضد الاستعمار الفرنسي خاصة إبان محطات تاريخية كانت الهوية بهذا المعنى عرضة للتشويه من قبل الادارة الاستعمارية في أحداث الزلاج في 1911 والتجنيس في 1923 والمؤتمر الأفخارستي سنة 1930.ولم تكن النخب تفهم موضوع الهوية طيلة الفترة الاستعمارية خارج ذلك الاطار حتى أن الشيخ الفاضل بن عاشور خطب في مؤتمر ليلة القدر سنة 1946 قائلا: «من يومئذ انطبعت الروح الشعبية في تونس بطابع مصوغ من مادة الروح الثقافية للجامعة الزيتونية فهي مادة الرابطة القومية الواسعة والحرص على الالتزام مع الأمم الاسلامية الشرقية وخاصة الأمة العربية فأصبح ا لاتجاهان السياسي والثقافي يسيران على خطة واحدة هي خطة طلب الذاتية القومية التونسية ومقوماتها في الاندماج في العالم العربي وأصبحت الجامعة العربية باعتبار ناحيتها الثقافية والسياسية الغاية التي يتجه كل عمل فكري واجتماعي في تونس إلى تحقيقها». ولكن الهوية في تونس ستتأثر بالصراعات السياسية التي شهدتها فترة أواسط الخمسينات بين التيارين البورقيبي واليوسفي في الحركة الوطنية وسيكون لانتصار بورقيبة وتوليه مقاليد السلطة كبير الأثر بعد التخلص من المؤسسات الراعية للهوية ومن التشريعات والقوانين الداعمة والقوى الساندة لها وذلك باسم التحديث ولكن الأمر سيتحول الى موقف من الهوية وقضاياها سينعكس ذلك في المداولات المتعلقة بوضع دستور 1959 حول مكانة اللغة والدين كما سيبرز ذلك في الخطاب السياسي البورقيبي الذي تعامل مع هاتين المسألتين ببراغماتية السياسي المحنك فهو من ناحية حامي حمى الدين والمدافع عن العروبة عندما يزوره أحد رجال السلطة من العرب أو المسلمين وهو في نفس الوقت صاحب مواقف متناقضة من الاسلام.
وقال الباحث سالم لبيض انه وعلى الرغم من إقرار الدستور بأن العربية هي اللغة الوحيدة لتونس وأن الاسلام هو الدين الوحيد لها فإنه من الصعب أن تحظى تلك العناصر بالاحترام في ظلّ نظام سياسي لا يتوانى هرمه على التطاول بل واحتقار دينه ولغته ولعل ذلك ما يبرر المكانة الهامة التي حظيت بها الهوية في نصّ الميثاق الوطني والمناشير الصادرة حول تعريب الادارة في فترة ما بعد المرحلة البورقيبية استجابة لمطلب غالبية المجتمع المدني والسياسي آنذاك وهي ضرورة مصالحة تونس مع هويتها العربية الاسلامية وهي موضوع المحور الثالث من هذه الدراسة أما في المحور الرابع فقد تبيّن أن خطاب جميع القوى السياسية بما فيها التنظيمات الشيوعية التي نشأت في تونس منذ بداية الدولة الاستعمارية الى اليوم ومن خلال عملية جرد لخطابها المتعلق بالدين واللغة، تبين أنها سارت نحو التبني الكامل على اختلاف مشاربها الايديولوجية لعنصري الهوية كماتمّ تناولهما أو في أقصى الحالات لأحد العناصر والقضايا المتصلة به. والهام في كل ما قيل هو أن الدولة وجميع الأحزاب السياسية بقدر ما تقدّمت نحو ذلك الاستعمال للهوية فإن أزمة الهوية لا تزال قائمة في هذا البلد بسبب التهميش الذي يمسّ اللغة بصفة خاصة يبرز ذلك عندما يقدر حجم الإنفاق الهائل الذي يخصص من ميزانية الدولة التي هي من أموال الضرائب التي يؤديها المواطن على لغة دولة أجنبية هي الفرنسية في التعليم بمستوياته والاعلام والادارة والقطاع الخاص. لو قمنا بجرد منذ الاستقلال الى اليوم سنجد أن ملايير الملايير من الدنانير قد أقطعت لفائدة فرنسا أولا وليس لفائدة الشعب التونسي ولا نعتقد أنه يوجد في العالم اليوم من هو سخي بهذه السذاجة ليمنح أموال شعبه للغة دولة أجنبية باسم الانفتاح والتفتح وإذا كان ذلك صحيحا لماذا لا توضع اللغات الأجنبية الأخرى أكثر أهمية مثل الانقليزية والصينية على قدر المساواة مع الفرنسية التي هي أشبه بالميتة في مستوى قيمتها الكونية أما إذا كانت الفرنسية جزءا من ذاتية هذا الشعب ومن هويته فلتكن لنا الشجاعة على اعلانها لغة وطنية ثانية ومن ثمّة تحوير الدستور في هذا الاتجاه وتصبح حمايتها من قبل نخب الستينات والسبعينات الفرنكفونية المتمرّسة في أجهزة الدولة علنية وليست خفية ومن القضايا التي أثارتها هذه المداخلة هي علاقتها بالقضية المطروحة وهي الديمقراطية وحقوق الإنسان ولكن الوصلة ظاهرة فالمتأمل في الديمقراطيات الموجودة في العالم اليوم بمركزه أو محيطه يلاحظ أنها تشتغل بلسان أعجمي سواء كان انقليزيا أو فرنسيا أو اسبانيا أو ايطاليا في أوروبا ومستعمراتها القديمة أو فارسيا أو تركيا أو حتى عبريا وكرديا في بعض المناطق الأخرى من العالم أما أن تكون ديمقراطية تداولية لسانها عربي فذلك ما لا يكون!
* منذر ثابت (الأمين العام للتحرري): العولمة معركة مفتوحة للجميع وعلى العرب ايجاد شروط وعوامل نجاحهم وسط هذه المواجهة الجديدة
أشار السيد منذر ثابت الامين العام للحزب الاجتماعي التحرري الى ان التعاطي العربي مع مسألتي الديمقراطية وحقوق الانسان يحمل في داخله ازمة حقيقية تعرفها الايديولوجيا العربية.
ولاحظ ثابت ان الفكر العربي مايزال يعمل ضمن استراتيجية دفاعية وفلسفة جلد الذات.
وتساءل المتحدث على ضرورة التعمّق في طرح مسألة الهوية على وجه الخصوص وأهمية ايجاد خط التباين والتمايز مع التيار السلفي ملاحظا ان فكر النهضة وعلى الرغم من اضافاته فقد انزلق الى التلفيق ولم يكن واضحا في عدد من التحديدات والمفاهيم.
وأفاد ثابت ان استعراض ملامح الفكر السياسي والعربي يفرز استنتاج التقابل الواضح بين التيّارين السلفي والعلماني في التعاطي مع مسائل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.
وفي حديثه عن مسألة العولمة لاحظ ثابت انها معركة مفتوحة للجميع ومن المفروض ان يوجد العرب شروط النجاح في هذا الفضاء الجديد.
وشدّد المتدخل على انه من المغالطات ان يقع تحميل العولمة اشكاليات ما قبل العولمة لإدانة النظام الليبرالي من ذلك ان قضايا الفقر والجهل قضايا موروثة ومن المغالطة ان يتم تلفيق ذلك لنظام لم يمرّ العقد الثاني على بداية تشكّله.
وأشار ثابت الى ان مستقبل العرب هو في دخولهم لهذا المعترك والمواجهة خاصة وانهم يتوفرون على كل شروط النجاح من حيث الرأس مال البشري والمادي والموقع الاستراتيجي والعمق الحضاري.
* الحبيب الشابي: الواقع المؤسساتي لاقتصاد السوق معيق للمناخ السياسي وملوّث له
تساءل السيد الحبيب الشابي في بداية مداخلته عمّا اذا اصبح التلازم بين التنمية والديمقراطية حتمية تاريخية.
وفي اجابته قال الشابي ان طوفان ادبيات ومقاربات التكنوقراط والاقتصاديين افسد فهم القضية من خلال طابعهم الدعائي والسطحي وعقدوا على السياسيين ونشطاء حقوق الانسان ولاسيما في البلدان الفقيرة فهم واقعهم وطرق الفعل في مجرياته.
وقال المتدخل ان العالم اليوم يشهد حركة تقتلع ما حققته الطبقة العاملة والطبقة الوسطى من مكتسبات ولاحظ الشابي ان صورة المستقبل تبدو اكثر قتامة وفظاعة من الماضي المتوحش الرأسمالية في بداية شبابها، اذ سيكون خلال هذا القرن 20 من سكان العالم فقط بامكانهم العمل والحصول على الدخل والعيش وسيكون ال 80 الباقون فائضين عن الحاجة ولا يمكنهم العيش الا من خلال الاحسان والتبرعات واعمال الخير.
وأشار الشابي الى ان الدعوة الى الانفتاح على السوق النقدية والمالية العالمية قد تحوّلت الى ايديولوجيا صارمة ألغت كل الايديولوجيات والقيم والمعايير الانسانية ولاحظ ان هناك ديناميكية تجذب الى الأسفل في العالم الثالث في مستويات ثلاث هي طغيان نمط التعامل بالمثل في المجال الاقتصادي بعدما كان في الماضي هناك تعامل تفاضلي.
ووجود 85 من دول العالم الثالث تحاول تحسين درجة الجاذبية الى الأسفل وهي مقيّدة بالديون وفاقدة لهامش التفاوض وعطالة وتراجع الحقوق الاجتماعية مقابل حركة رأس المال.
واعتبر المتدخل ان هذه المستويات جعلت من الواقع المؤسساتي معيقا للمناخ السياسي وملوّثا له انطلاقا مما ينتجه من سلوك زبائني ورغبة في التمعّش واستقالة النخب وحرص العديد منها الى الهروب وقال المتحدث ان 47 من الشريحة العمرية بين 20 و25 سنة في تونس تفكّر في «الحرقان» وان 80 من الاطباء والمهندسين لديهم مشاريع هجرة.
وذهب الشابي الى القول بأن استعادة اولوية السياسة والنضاليين الاجتماعي والحقوقي من هيمنة الاقتصادي هي المهمة المستقبلية والأساسية القادرة وحدها على كبح جماح السيادة المطلقة لقوى السوق.
وقال المتحدث انه لا يمكن للديمقراطية ان تكون محصّنة ما لم تكن مسبوقة بالحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.