شهدت ساحة المحاماة، خلال الأيام القليلة الماضية نقاشات في شكل مفاوضات غير معلنة بين عدد من مكوّنات المهنة، بشأن البحث عن اتفاق حول ترشيح احدى الاسماء المتراهنة لمنصب العمادة، في ما يشبه الاجماع. ورغم أن الاسماء المعلنة حاليا بالساحة تعتبر من الحجم الثقيل، إلا أن ا لاختلافات بين المجموعات والأطراف، حول الاسم الاجدر بصفة العميد في جوان المقبل، مثّل عقبة في الوصول الى أمنية انبثاق عميد معتدل ومقبول وقادر على محاورة السلطة وهيئة متنوّعة لتحقيق استراتيجية اصلاح المهنة، والحصول على مكاسب ظلت موضوع انتظار منذ اصلاحات 1989 . وأمام الحالة الاختلافية الراهنة، دفعت بعض الاسماء والاطراف بمبادرة مفادها اختيار العميد السابق عبد الجليل بوراوي مرشحا للاجماع بين كافة الفرقاء، إذ »لا يجوز لعميد سابق أن يترشح الا اذا كان هناك طلب صادر عن المحامين من مختلف ألوانهم السياسية وأعمارهم للقيام بمهمّة معيّنة وفي ظرف محدد لضمان النجاح« وهو ما قاله الاستاذ بوراوي في تصريح ل »الشروق«. هذه المبادرة خرجت للعلن منذ لقاء الحمامات نهاية الاسبوع الماضي، حيث شوهد العميد السابق، الذي لم يخف استعداده للتفكير في الترشح للعمادة »اذا توفّرت ظروف معيّنة، تجعله يلبّي طلب زملائه«. مبادرة اعادة الحسابات وأمام ظهور هذه المبادرة، التي لم تأخذ وجهتها الرسمية الى حد الآن، ظهرت معادلة جديدة، اذ من كان يرغب في الترشح للعمادة اصبح يفكر في امكانية تحويل وجهته نحو الفرع، ومن كان يفكّر في الترشح لرئاسة فرع تونس قد يعيد حساباته للتوجه الى المراهنة حول عضوية مجلس الهيئة... الا أن ذلك قد لا يمنع بعض الاسماء من التمسك بخوض غمار سباق العمادة ورفع شعار »هل من مبارز؟« اذ حسب بعض المؤشرات والمعطيات فإن العميد الحالي البشير الصيد مازال يحظى بدعم انصاره القدامى وبدعم جزء من المحامين في الجنوب فيما يقف جل المحامين المنتصبين بالشمال الغربي وبعض ولايات الوسط اضافة الى التيار اليساري الى جانب رئيس فرع تونس الحالي الاستاذ عبد الستار بن موسي، فيما قد يبحث الاساتذة ابراهيم بودربالة ومحمد المكشر والياس القرقوري وعبد الرؤوف العيادي... عن متكإ لدى ما تبقى سواء من أنصارهم او من بعض الجهات. المعادلة والفراغ هذا المشهد الذي أنتج معادلة صعبة في توزيع الاصوات وبالتالي توقع احتدام التنافس بين اسماء بعينها، يجعل من المحاماة بين مفترقات انتخابية، وهو ما جعل الاستاذ عبد الجليل بوراوي يصرّح بأن »المحاماة التونسية تتطلب حاليا وقفة من جميع المحامين« وقال »لا أريد ان اكون في معادلة مع بقية الزملاء او في سباق حول العمادة«. غير أن ما يمكن قوله ان جل رجال الدفاع اصبحوا متجهين نحو البحث عن عميد قادر على التوفيق بين السهر على مصالحهم ولعب دور نقابي وبين القبول والقدرة على محاورة السلط العمومية.